الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم سيناريوهات «اليوم التالي» بعد «حرب غزة»
سيناريوهات «اليوم التالي» بعد «حرب غزة»

تعددت سيناريوهات «اليوم التالي» للحرب على غزة وتنوعت رؤى مستقبل القطاع بعد أن تضع الحرب أوزارها، في الوقت الذي أكدت مصرأن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وتالياً من حقها أن تعود لحكم القطاع الذي خرج عن سيطرتها خلال السنوات الأخيرة، فيما ترغب إسرائيل بأن تشارك في إدارة القطاع أمنياً بعد الحرب، في الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن أن حل الدولتين بات الأمثل لوقف نزيف الدماء في الشرق الأوسط لكنه يواجه حالياُ بعدم قبول من جانب بعض الأطراف الفاعلة ومنها ألمانيا التي أطلقت وثيقة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي تقترح فيها وضع القطاع تحت إدارة مدنية بحماية قوات دولية وهوما رفضته السطة الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، والتي أكدت مراراً وتكراراً تأييدها للمقترح المصري لإقامة دولة فلسطينية مستقلة من خلال حل الدولتين،على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتسعى القاهرة على مدى السنوات الماضية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، خصوصاً أن القيادة المصرية بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن خلال علاقتها بالقضية الفلسطينية التي تمتد نحو 75 عاماً والحروب التي خاضتها من أجلها على يقين أن كل السيناريوهات المطروحة التي لا تفضي إلى بناء دولة فلسطينية مستقلة لن تؤدي إلى الاستقرار في المنطقة التي أهلكتها الصراعات الداخلية والخارجية التي وصلت إلى حد الحرب بين العديد من دول المنطقة خلال السنوات الماضية.
إذا كانت بعض القوى ترى أنه من السابق لاَوانه وضع سيناريوهات اليوم التالي قبل أن تنتهي الحرب عملياً إلا أنني أرى أنه يتعين على الدول العربية الاتفاق على رؤية مشتركة بالتوافق مع السلطة الفلسطينية ضد السيناريوهات التي تتبناها الدول الغربية وأمريكا وإسرائيل لـ «اليوم التالي»، والتي تسعى لسيطرتها على القطاع اقتصادياً بعد أن فشلت محاولات التهجيرالقسري لسكانه ولذا تسعي مصر حالياً لوقف إطلاق النار إنطلاقاً إلى وضع سيناريو اليوم التالي الذي يهدف إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية بعد إنهاء الإنقسام الفلسطيني وبلورة رؤية موحدة لإدارة القطاع بما يسهم في إعلان قيام دولة مستقلة تشمل غزة والضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما ينهي محاولات إسرائيل القضاء على حماس بعد هجوم 7 أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز نحو 240 إسرائيلياً، فيما أسفر الهجوم الإسرائيلي عن قتل ما يزيد على 22 ألف فلسطيني وأصابة نحو 50 ألفاً، فيما يطالب بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن يكون لإسرائيل دورأمني في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، رغم رفض الولايات المتحدة ذلك السيناريو.
تبذل القيادة المصرية جهوداً مكثفة على كافة المستويات لوقف الحرب على غزة التي دخلت يومها الـ 85 من أجل حقن دماء الأشقاء الفلسطينيين ووقف محاولات تهجيرهم قسرياً خارج وطنهم أو داخله، ولذا أعلنت مصر أخيراً عن إعداد مبادرة لتبادل الأسرى، تقضي بإطلاق سراح المحتجزين المدنيين في غزة مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين وهدنة قد تصل لـ 20 يوماً، وبدأت مصر في طرح البنود التي تتضمنها على الجانبين خصوصاً أنها تتضمن ثلاث مراحل مرتبطة ببعضها وتنص على هدن إنسانية قابلة للتمديد ما يفضي في نهاية المطاف إلى وقف الأعمال القتالية التي اندلعت في 7 أكتوبر وهوالهدف الرئيس من المبادرة حمايةً لأرواح المدنيين وخصوصاً الأطفال والنساء وتوصيل المساعدات إليهم خصوصاً أنهم يعانون من كارثة صحية وطبية ونقص الطعام والشراب، وطرحت مصربنود المبادرة التي تتضمن ثلاثة مراحل على أطراف الصراع لمناقشتها وحددت مدة كل مرحلة وبنودها و اَلية الانتقال للمرحلة التي تتبعها وصولاً إلى وقف إطلاق نار شامل، وفي الوقت نفسه تخرج القوات الإسرائلية من التجمعات السكنية، وهوما يؤكد أن لا حرب أو سلام في منطقة الشرق الأوسط دون مصر التي تمتلك بمفردها مفتاح حل الأزمات بسبب حضارتها وثقلها السياسي والاقتصادي وقوتها العسكرية.
دعمت مصربقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي،القضية الفلسطينية منذ إندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي وقدمت اَلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية فضلاً عن نقل مئات الفلسطينيين المصابين لعلاجهم في المستشفيات المصرية، ما يؤكد الدورالتاريخي الذي تضطلع به مصر في حماية الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 حتى الاًن، ولذا تمتلك مصرمفاتيح حل الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد أن سارعت القوى الدولية والإقليمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة للتواصل مع القيادة المصرية لمحاولة احتواء هذا التصعيد، والتوصل إلى مبادرة تعيدالاستقرارإلى المنطقة وصولاً لحل الدولتين واستقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، بعد رفض مصرإجلاء الرعايا الأجانب من قطاع غزة عن طريق معبررفح إلا بعد إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، والتاريخ يقول إن مصر خاضت العديد من الحروب دعماً للقضية الفلسطينية وضحت بأرواح نحو 120 ألف شهيد واًلاف المصابين دفاعاً عن الحق الفلسطيني، كما خاضت معركة السلام بدءاً من زيارة الرئيس السادات إلى القدس، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979 وحرصت على المطالبة بإقامة دولة فلسطينية وفق القررات الدولية عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي حالياً داعياً إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيوعام 1967 لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وبدء مرحلة جديدة من التعاون بين جميع دول المنطقة لتحقيق التنمية للجميع وإنهاء سنوات الحروب والصراع التي أدت إلى تراجع العديد من دول المنطقة اقتصادياً وإنتقال الصراع إلى العديد من الدول المجاورة وتصاعد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا وإيران واليمن ما أدى إلى توسيع دائرة الصراع، رغم محاولات وقف نزيف الدماء. وأقول لكم، إن القوات المسلحة المصرية فرضت توازناً استراتيجياً في المنطقة بفضل ما تمتلكه من قدرات عسكرية قادرة على ردع من يحاول الاقتراب من الأمن القومي المصري، كما حالت دون توسيع الصراع وأكدت رفضها لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أوتهجيرالفلسطينيين قسرياً خارج أراضيهم أو نزوحهم داخلياً على إعتبارأن التهجير يعني نهاية القضية الفلسطينية، ولذا ليس أمام المجتمع الدولى سوى دعم المبادرة المصرية من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار، وتوصيل المساعدات لأهالي القطاع من أجل التخفيف من معاناتهم، فضلاً عن ضرورة عدم توسع دائرة الصراع خصوصاً بعد تدخل جماعات يمنية ولبنانية فيه ما قد يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وأرى أن المبادرة المصرية ركيزة أساسية للتوصل إلى حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية في حال الموافقة عليها ودخولها حيز التنفيذ.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف