الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «مرافعة مصرية تاريخية أمام العدل الدولية»: «إسرائيل ترتكبت جرائم حرب في غزة»
«مرافعة مصرية تاريخية أمام العدل الدولية»: «إسرائيل ترتكبت جرائم حرب في غزة»

لا يتوقف دعم مصرللقضية الفلسطينية منذ عام 1948 حتى الاًن في جميع المحافل الدولية، خاضت أرض الكنانة العديد من الحروب وتعرضت للعدوان وضغوط سياسية واقتصادية وتحمل شعبها ولايزال الكثير من الألم بسبب مواقفه الشجاعة الداعمة لحقوق أبناء الشعب الفلسطيني طوال 75عاماً من الصراع نتيجة سعيه لحماية الفلسطينيين من الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب على مدار العقود الماضية، وقدمت مصرأرواح نحو 100 ألف شهيد و200 ألف جريح من أبطال القوات المسلحة خلال حروبها مع إسرائيل من أجل أن يكون للفلسطينيين وطن دائم قابل للحياة، لم تطلب دعماً من أحد وقفت وحدها في ميادين القتال بصلابة ورجولة وقوة ودافعت عن القضايا العربية بدماء أبنائها، حتى عندما جنحت إلى السلام وجلست على مائدة المفاوضات مع إسرائيل عام 1979 كان هدف قيادتها إبرام إتفاقية تضم جميع الدول العربية خصوصاً فلسطين المحتلة، من خلال تقديم العون السياسي والإنساني للأشقاء لإقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيوعام 1967 لكنها وجدت نفسها تقف بمفردها في مهب الريح ومع ذلك لم تتأخرعن تلبية نداء الواجب منذ إندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبرالماضي، قائد مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي، المخلص لوطنه وعروبته، أكد أن تهجير الفلسطينيين في الداخل أوإلى خارج القطاع خصوصاً إلى سيناء خط أحمر، في وقت تتلقى فيه إسرائيل المساعدة من واشنطن ولندن وبرلين وغيرهم من دول العالم، لكنه لم يخش في الحق لومة لائم وفوت على إسرائيل فرصة الإستيلاء على غزة والضفة الغربية وتالياً انتهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد، ولذا لم يكن الدعم القانوني من جانب مصرلفلسطين من خلال المرافعة التي قدمتها أمام محكمة العدل الدولية وليدالمصادفة، إذ تشارك فى الرأي الاستشاري الذى طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل حول السياسات عن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 حتى الاًن، إذ اتهمت الدكتورة ياسمين موسى، ممثلة مصرأمام محكمة العدل الدولية إسرائيل من خلال تقديم إفادة مصرأمام المحكمة العدل الدولية عن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، إسرائيل بمنع وصول المساعدات لمئات الآلاف من الفلسطينيين وحرمت الأطفال والنساء والرجال من المياه والغذاء والدواء وخططت لاقتحام رفح التي يلجأ اليها أكثرمن مليون و300 ألف فسلطيني أجبروا علي الفرارمن منازلهم، واصفة في مرافعتها ما ارتكبته إسرائيل في غزة بـ «جرائم حرب».
أرجوكم لا تزايدو على مواقف مصروعروبتها ومواقفها، فما قالته «موسى» في مرافعتها التي يمكن وصفها بـ «التاريخية» تترجم المواقف المصرية تجاة الأشقاء إذ إحتوت على الكثير من الرسائل من أمام محكمة العدل الدولية إلى العالم المتعطش لمعرفة حقيقة ما يدورعلى أرض فلسطين بعد أن نجحت إسرائيل خلال السنوات الماضية في تصدير صورة ذهنية مخالفة للحقيقة تزعم من خلالها أن العرب يسعون لإلقائها في البحر، حيث كشفت مصرللعالم الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين من الفلسطينيين، إذ أكدت من خلال عدد من اللاءات رفضها للتهجير القسري والإبادة الجماعية للفلسطينيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتخطيط لاقتحام رفح التي يسكنها أكثر من مليون و300 ألف فلسطيني، موضحة أن فلسطين تعرضت لأطول إحتلال في تاريخ البشرية، في الوقت الذي تسمح فيه إسرائيل بعنف المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني، فضلاً عن التوسعات في المستوطنات، وتالياً فأن عمليات الاستيطان المستمرة من جانب إسرائيل تقوض أسس حل الدولتين والسلام في المنطقة، كاشفة عن أن عدد المستوطنين وصل الآن إلى 750 ألفاً ما يغير بشكل متعمد طبيعة الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أن أوامر إسرائيل بإخلاء سكان غزة بالقوة بمثابة تطهيرعرقي، وأن أى إجراءات لقوات الاحتلال بترحيل جزء أو كل من السكان من غزة والضفة أمرمرفوض.
فرضت البلوماسية المصرية العريقة لغتها القانونية على المؤسسات الدولية كافة، إذ أكدت أن إسرائيل تسعى لتعزيزالمستوطنات بهدف التغييرالديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة وفرض السيادة عليها، بشكل غير شرعي وهو عمل استعماري، موضحة أن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس المحتلة هو أمر مرفوض، مشددة على أن حرمان الشعب الفلسطيني من أرضه هوجريمة حرب، لأن الاحتلال الممتد لعقود لا يمكن أن يكون منسجم مع القانون الدولى، خاصة مع استخدام القوة المفرطة ضد السكان الأصليين، مضيفة أن إسرائيل ليس لها الحق في الاستيلاء على أراضى الفلسطينيين بالقوة، وأكدت أن اختصاص محكمة العدل الدولية في منح الرأي الاستشاري لا غنى عنه في سبيل دعم هدف حل الدولتين لإرساء ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، والتوصل لحل عادل وشامل ودائم للصراع العربي – الإسرائيلي استناداً لأحكام القانون الدولي، مشددة على أن السبيل الأوحد لتحقيق تلك الغاية يظل من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، متصلة الأراضي والقابلة للحياة، على خطوط ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
لمن لا يقرأون التاريخ والذين يسعون إلى التشكيك في قدرات جيش مصرعلى حماية الدول العربية ونسوا أو تناسوا أنها الإمبراطورية الوحيدة التي بقيت على الأرض منذ فجر التاريخ، إذ خاضت العديد من الحروب حماية لحدودها وعروبتها في منذ العصرالفرعوني ومروراً بالعصر الإسلامي ووصولاً لعهد الدولة الحديثة، كما دافعت عن الإسلام والمسلمين عندما خاضت معركة حطين في عام 1187م، وانتصرالمسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبى على الصليبيين فى معركة "حطين"، على أرض فلسطين وأسفرت المعركة عن تحريرالقدس ومعظم الأراضى التى احتلها الصليبيون، كما خاضت مصرمعركة عين جالوت بجيوشها، التي تعتبر من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، والتي وقعت أحداثها 1260م وفيها انتصرالمسلمون بقيادة السلطان المملوكي سيف الدين قطزعلى جيش التتارالمغولي بزعامة هولاكو الذين أباد البشروالحجر، في موقعة عين جالوت بفلسطين، وكانت هذه المعركة هي الأولى التي يُهزم فيها المغول منذ عهد جنكيز خان، وكان من نتائجها انحسارالمد المغولي الذي أسقط الخلافة العباسية في بغداد ودمشق التي تمددت شرقاً وغرباً قبل ذلك بعد أن أزهق هولاكو أرواح َاَلاف المسلمين ولولا إنتصار مصرعلى التتار لما بقي من العرب شيئاً، وفي عهد محمد على زادت الإمبراطورية المصرية توسعاً وانتصر الجيش على العثمانيين بقيادة الفارس إبراهيم باشا، نجل محمد على ووصل إلى حدود الاناضول والأستانة ما اضطر السلطان العثماني إلى الاتفاق على الصلح فيما عرف باتفاقية "كوتاهية"، إن القوات المسلحة المصرية تعتبر الركيزة الأساسية للأمن القومي العربي، لذا فقد شاركت بشبابها في الدفاع عن فلسطين منذ اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948 حتى الاَن، إذ خاضت خمسة حروب في أعوام1948 و1956 و1967، 1967-1970، و1973 كما شاركت في عملية عاصفة الصحراء، وتحرير الكويت من الاحتلال العراقي في عام 1991، وكان الجيش المصري يشكل ثاني أكبر قوة من قوات التحالف، إنه التاريخ يا سادة الذي يثبت حجم التضحيات المصرية التي لا يزايد عليها أحد لكنها مصر التي لا تطلب مقابلاً لقاء دورها في حماية العرب والإسلام والمسلمين.
إن ما يحدث في غزة وعلى حدود مصر الغربية في ليبيا وجنوباً في السودان من صراع، لم يمنع الرئيس السيسي، من مصارحة الشعب كعادته خلال افتتاحه مؤتمر مصرالدولي السابع للطاقة إيجبس 2024، إذ تحدث عن التحديات الاقتصادية التي تواجه مصروالجهود التي تبذلها الدولة لعبورهذه الأزمة، موضحاً أنها بدأت مع تفشي جائحة كورونا التي أنهكت كل دول العالم بما فيها الاقتصاديات الكبرى لمدة عامين وتبعتها الحرب الروسية الأوكرانية وأخيراً حرب غزة التي أشعلت النارعلى الحدود الشرقية لمصر، بالتزامن مع الصراع الدائر في السودان وليبيا واليمن ولبنان ما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 50% وبالرغم من ذلك نجحت مصر خلال السنوات السبع الماضية من التغلب على سوء البني التحتية بتكلفة كبيرة جداً بعد أن كانت تفقد ما يقرب من 9 إلى 10 ملياردولارسنوياً نتيجة سوء حالة لطرق فيما تم توصيل الغاز الطبيعى الى 15 مليون وحدة، ومع ذلك مصرحريصة على تنفيذ التعهدات والالتزامات المالية ولم تتأخرمصريوماً عن سداد هذه الإلتزامات، في وقت لم تكن مؤسسات التمويل الدولية مستعدة لتمويل مصر تمويل منخفض التكلفة من أجل التنمية كما أنه من الصعب إيجاد تمويلات لتكنولوجيا مرتفعة التكلفة لأنها تحتاج إلى استثمارات ضخمة، في وقت لم تنفذ قمة باريس للمناخ وعوداً بضخ 100 مليار دولار لمصر لصالح الطاقة والمناخ منذ 2015 وحتى اليوم، ودعل الرئيس المواطنين إلى التكاتف مؤكداً "سنحقق مستهدفاتنا إذا وضعنا أيدينا في أيدى بعض"
وأقول لكم، إن مصر تؤكد يوماً بعد يوم أنها صمام الأمان ونبض الشرق الأوسط، إذ تتميزبعبقرية المكان وروعة الزمان والقدرة على أن تكون رمانة الميزان في المنطقة في أي وقت منذ فجر التاريخ حتى الاًن، وظهر ذلك جلياً خلال استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، نظيره البرازيلي لولا دا سيلفا، خلال الأسبوع الماضي، بهدف تعظيم التعاون الاقتصادي بين الدولتين وتحقيق الكثيرمن الفوائد في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي تأثربها العالم أجمع، إذ أكد الرئيس السيسي، خلال لقائه الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا حرص مصرعلى تطويرالعلاقات خصوصاً أن حجم التبادل التجاري مع البرازيل بلغ 2.8 مليار دولار في العام الماضي، خصوصاً أن زيارته إلى مصر جاءت بمناسبة مرور 100 عام على بدء العلاقات الثنائية بين البلدين إذ تعتبرمصرالشريك التجاري الأول للبرازيل أفريقياً بعد الجزائر، في وقت أصبحت الدولتان عضوان في مجموعة البريكس، ولذا من المتوقع تنامي التعاون الاقتصادي في بين الدولتين في الكثيرمن المجالات إذ تستورد مصرالثروة الحيوانية والأسماك فضلاًعن تصديرالمنتجات المصرية إلى البرازيل، ولذا تم توقيع العديد من البرتوكولات خلال الزيارة والاتفاق على ترفيع العلاقة بين البلدين لمستوى الشراكة الاستراتيجية وإنشاء لجنة مشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، على أن يتم تفعيل ذلك خلال زيارة الرئيس السيسي، إلى البرازيل خلال العام الجاري، إذ من المتوقع أن تشهد العلاقات تطوراً في القطاع السياحي عقب الإعلان عن تدشين خط طيران القاهرة ساو بلوا، خصوصاً أن انضمام مصر والبرازيل لتكتل البريكس سيسهم في التقارب السياسي والاقتصادي بين الدولتين، وأرى أن مصريمكن أن تجذب استثمارات برازيلية كبيرة في وقت أعلنت فيه القاهرة عن رغبتها في التعاون مع غالبية دول العالم بهدف زيادة الصادرات المصرية إلى الخارج ومن الممكن أن تكون البرازيل طريق لنفاذها إلى أسواق أمريكا الجنوبية، ولذا فأن إنشاء خطوط طيران مباشرة بين مصروالبرازيل سيعتبر بمثابة إنطلاقة في سبيل تعزيز العلاقات بين البلدين.

أحمد الشامي

Aalshamy6610@ yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف