احمد الشامى
أقول لكم «تنازل حماس وارتباك نتانياهو»:«هل باتت الكرة في ملعب إسرائيل؟»
«تنازل حماس وارتباك نتانياهو»:«هل باتت الكرة في ملعب إسرائيل؟»
جاءت موافقة«حماس»،على انطلاق مرحلة جديدة من مفاوضات التهدئة في غزة وتبادل تسليم الرهائن الإسرائليين والمعتقلين الفلسطينيين بعد تنازل الحركة عن شرطها بضرورة موافقة إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار قبل بدء المفاوضات، لتفتح الباب أمام بدء مباحثات التهدئة مجدداً والعودة لمائدة الحوار، تتويجاً لجهود الوساطة التي تقودها مصر بمساعدة الولايات المتحدة وقطرلحثّ إسرائيل والحركة على خوض محادثات جديدة لوقف نزيف الدماء الفلسطينية المستمرمنذ تسعة أشهر وتردى الأوضاع المعيشية في القطاع، بهدف التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، مقابل سجناء فلسطينيين في إسرائيل، بعد تعثرالمفاوضات خلال الأشهرالماضية نتيجة رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي شروط حماس ما أعاق العودة للمفاوضات، إذ لايزال يزعم أنه سيستمر في الحرب حتى القضاء على حماس التي تسيطرعلى قطاع غزة منذ عام 2007، يقيني أن المفاوضات هذه المرة أسهل بعد أن تم الاتفاق على الخطوط العريضة لها من خلال خطة نتانياهو التي تبناها بادين، إذ غادرالوفد الأمني المصري إلى العاصمة القطرية الدوحة ضمن مفاوضات الهدنة والتهدئة في غزة، بهدف تقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل للوصول إلى إتفاق وشيك.
لكن الشيطان دائماً يكمن في التفاصيل، بالإنجليزية «The devil is in the detail»، وهو تعبيريشير إلى وجود شيء أو عنصرغامضاً مخبأً في التفاصيل، وتعني أن شيئاً ما ربما يكون بسيطاً للوهلة الأولى إلا أنه يتطلب جهوداً غير متوقعة أثناء المفاوضات ووقتاً أكثر لإكماله وهي عبارة تعبرعن فكرة أن كل ما يتم عمله يجب أن ينجزبشكل كامل، بعد أن تجاوزحصيلة ضحايا الحرب 38 ألف فلسطيني وأكثر من 10 آلاف مفقود تحت الركام، فيما قرررئيس الوزراء نتنياهو المرتبك عدم التوقف في أوروبا خلال رحلته إلى الولايات المتحدة خوفاً من مذكرة اعتقال تعدّها المحكمة الجنائية الدولية بحقه، كما قررعدم زيارة جمهوريتي التشيك و المجرفي طريقه إلى واشنطن عندما يسافر لإلقاء خطاب أمام الكونغرس في 24 يوليو، وسط مخاوف من أن المحكمة الجنائية الدولية تعد مذكرة اعتقال ضده، عندها يتعين على جمهوريتي التشيك والمجراعتقال نتنياهو، لكن تبين أن طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي، التي يطلق عليهم اسم «جناح صهيون»، لن تتمكن من القيام برحلة عبر المحيط الأطلسي إذا كانت تحمل حمولة كاملة من الركاب.
تتجدد المفاوضات تنفيذاً لخطة الرئيس الأميركي جو بايدن التي عرضها في 31 مايو الماضي، ومعها يتجدد الأمل في الوصول إلى اتفاق ينقذ أهالي غزة من الهجمات الإسرايلية بعد أن أدى توقف المفاوضات إلى ماَلات صعبة على السكان، وتنص الخطة المعلنة وفق الرئيس بايدن خطوطها العريضة على وقف لإطلاق النارمدة ستة أسابيع خلال المرحلة الأولى، والإفراج عن رهائن إسرائليين في مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين، فيما بدأ رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، مباحثات في الدوحة مع الوسطاء القطريين تناولت خطة لوقف الناروالإفراج عن الرهائن، ويسعى مديروكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز الذي وصل إلى الدوحة لتقريب وجهات النظرخلال المفاوضات وسط توقعات بأن تستغرق من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في حال لم تعطّل إسرائيل مسارالتفاوض، إذ لايزال رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أصيب بحالة من الإرتباك بعد إعلان حماس موافقتها على العودة للمفاوضات والتنازل عن شرط وقف كامل لإطلاق النار قبل المفاوضات يخشى نجاحها وإطلاق الأسرى ما سيمهد لتفكك الحكومة الحالية وإجراء إنتخابات جديدة قد تكلفه ضياع منصب رئيس الوزراء وتالياً فتح ملفات القضايا المتهم فيها، فيما قال عدد من قيادات حماس إن «الكرة باتت في ملعب إسرائيل، إذا أرادوا التوصل لاتفاق، فهذا ممكن جداً أن يتحقق»،وتصرحماس على تحقيق مطالبها الإنسانية في المرحلة الأولى عن طريق نفاذ المساعدات بكميات تصل إلى 500 شاحنة يومياً وانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبررفح.
وفي الوقت الذي تزايدت الضغوط على الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم الاستمرار في السباق الرئاسي وإعلان انسحابه بعد أدائه الكارثي في المناظرة مع منافسه الجمهوري دونالد ترامب ، الذي تفوق عليه في رؤيته لحل الكثير من الملفات خصوصاً بعد أن أظهراستطلاع للرأي أجرته إحدى الصحف الأمريكية أخيراً أن 80% من الأميركيين يعتبرون بايدن طاعناً في السن جداً على الترشح لولاية ثانية ولذا قد يتجه الكثير من الأمريكيين للتصويت لصالح ترامب خصوصاً في الولايات المتأرجحة، بينما اعتبرالرئيس السابق باراك أوباما أن طريق بايدن إلى الفوز وتحقيق النصربات أكثر صعوبة، وكشف الاستطلاع أن المرشح الجمهوري ترامب أضحى متفوقاً بـ 6 نقاط على منافسه الديمقراطي، إذ نال دعم 48% من المشاركين في الاستطلاع مقابل 42% لبايدن البالغ من العمر 81 عاماً، ويعتبر ذلك أكبرُ فارق في استطلاعاتها بشأن المتنافسين منذ أواخر عام 2021، أما الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما فقد أكد أن الطريق الصعب الذي يواجهه بايدن لإعادة انتخابه أصبح أكثر صعوبة بعد أدائه في المناظرة، و تحدث أوباما هاتفياً مع بايدن بعد المناظرة مباشرة، ونقل مخاوفه بشأن فرص إعادة انتخاب بايدن فيما قال مسؤول بالحزب الديمقراطي أن مشرعين ديمقراطيين يبحثون توقيع رسالة تطالب بايدن بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن بدأ هؤلاء المشرعين ينأون بأنفسهم عن الرئيس بايدن، فيما رشحوا كامالا هاريس نائبة الرئيس لتكون البديل الأول لبايدن في سباق الرئاسة، في حال قرر الانسحاب، بعد أن أثار أداء بايدن الذي وصف بالكارثي في المناظرة الأولى أمام منافسه الجمهوري ترامب الأسبوع الماضي حالة من الشك داخل الحزب الديمقراطي بسبب مخاوف من فشله في المنافسة على ولاية ثانية وسط دعوات متصاعدة من زعماء حزبه بالتنحي، وطرح بعض الديمقراطيين البارزين بدائل لبايدن البالغ من العمر 81 عاماً إلى جانب هاريس البالغة 59 عاما حتى لا يكون هناك مجالاً للخلاف بسبب ضيق الوقت واقتراب الانتخابات.
المحاولات مستمرة من جانب بعض قيادات الحزب الديمقراطي لإثناء بايدن عن الترشح لفترة ثانية بعد أدائه الكارثي خلال مناظرته الأخيرة مع ترامب، لكن البيت الأبيض سارع إلى نفي نية بايدن الانسحاب ووصفت ما تردد عن رغبته في مغادرة السباق الرئاسي بأنه "غير صحيح بالمرة"، وأبلغ موظفي إدارته وحملته الانتخابية إنه ماضٍ في ترشحه، مضيفاً أنه لا أحد يدفعه للرحيل ولن يغادر وسيظل في السباق حتى النهاية وسيفوز،لأنه عندما يتحد الديمقراطيين يحصل ذلك، فيما أكدت كامالا هاريس نائبة الرئيس، دعمها لبايدن وشددت على"القتال" من أجل فوزه على ترامب، ولذا تأتي أهمية المفاوضات بين حماس وإسرائيل في هذا الوقت، إذ إن الوصول لاتفاق قد يكون طوق النجاة لبايدن الذي سيعتبر ذلك انتصاراً له وإدارته يستحق عليه الدعم لمواصلة طريقة إلى كرسي رئاسة الولايات المتحدة، فيما اعترف الرئيس بايدن، بأنه يخضع لاختبارات الأعصاب كل يوم منذ توليه منصب رئيس الولايات المتحدة قائلاً: "أقوم بإجراء فحوصات الأعصاب كل يوم. حاولوا الجلوس على مكتبي واتخاذ القرارات"، وأشار الرئيس الأميركي إلى ثقته في أنه "ليس سيئا في ما يفعله، وتعليقا على المناظرة الكارثية مع الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في 27 يونيو الماضي، أوضح بايدن أنه استيقظ ذلك اليوم في الساعة الثانية صباحا وكان مريضاً.
إن صحفاً أمريكية أكدت تدهورحالة بايدن الصحية بشكل كبيرفي الأشهرالأخيرة وأصبح الأمر أكثر إثارة للقلق خصوصاً بعد فشل مناظرته مع ترامب، فضلاً عن تسبب حرب غزة في فقده الكثير من شعبيته نتيجة الدعم غير المسبوق لإسرائيل وهو ما أدى لاستشهاد عشرات الاَلاف من النساء والأطفال في غزة بالسلاح والمال الأمريكي المقدم من بايدن لنتانياهو ومو ما أطال أمد الحرب حتى الاَن وزعم إسرائيل أنها لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها ومن بينها القضاء على حماس الذي أصبح أمراً مستحيلاً بعيد المنال، فيما قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائيرلابيد إنه إذا انسحب وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير من الحكومة لوقف الصفقة سيمنح رئيس الوزراء شبكة أمان برلمانية، وكتب لابيد عبر حسابه عبر منصة "إكس": "هناك صفقة رهائن على الطاولة ليس صحيحاً أنه على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يختار بين صفقة الرهائن واستمرارولايته كرئيس للحكومة وأضاف: "لقد وعدته بشبكة أمان، وسوف أفي بهذا الوعد إذا استقال سموتريش وبن غفير، فسوف يحصل (نتنياهو) على شبكة أمان لتمرير الصفقة، وأرى أن هذا الدعم من جانب لابيد قد يكون جواز المرور للصفقة إلى مرحلة التنفيذ.
وأقول لكم، إن القضاء الإسرائيلي حدد الثاني من ديسمبر المقبل، لإدلاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بشهادته في قضايا فساد ورشوة، ما خيّب آمال نتانياهو، وأصابه بالارتباك وأطلق تصريحات بأن حرب غزة لن تتوقف حتى لو تم التوصل لاتفاق تهدئة، إذ كان يسعى لتأجيل هذه التحقيقات بزعم استمرار الحرب وتجهيز الأدلة اللازمة للدفاع عن نفسه، وطلب المحامون عنه عقد جلسة قبل بدء مرافعة الدفاع، لتقديم "طلب الحماية" الذي لإسقاط لائحة الاتهام، بسبب إخفاقات ومخالفات في عملية التحقيق وإنفاذ انتقائي للقانون من قبل الشرطة وأجهزة التحقيق في ملفات الفساد، المتعلقة بالقضايا التي يواجهها نتانياهو، وبموجب القانون، يجب أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي شاهد الدفاع الأول، لأنه المتهم الرئيس، ولذلك سيبدأ في الإدلاء بشهادته بعد أكثر من 4 سنوات من بدء المحاكمة في مايو 2020. ويزعم رئيس الوزراء وحلفاؤه أن الاتهامات الموجهة له ذات دوافع سياسية، واقترحوا إصلاحاً قضائياً للحد من سلطات المحاكم، قد يستغرق سنوات، إذ إن نتانياهو هو أول رئيس وزراء في البلاد يحاكم وهو في منصبه، وتشمل المحاكمة 3 قضايا، أولها قضية "بيزك" أو "الملف 4000" التي تقول المحكمة إن نتانياهو حاول الحصول على تغطية إيجابية في الموقع الإلكتروني "والا" في المقابل يشتبه بأنه وفّر امتيازات حكومية درت ملايين الدولارات على شاؤول إيلوفيتش رئيس مجموعة بيزيك للاتصالات وموقع "والا"، أما في القضية الثانية "ميدياغيت" أو "الملف 2000"، فيقول المحققون إن نتانياهو حاول التوصل لاتفاق مع الناشر أرنون موزيس مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكثر الصحف انتشارا في إسرائيل، للحصول على تغطية إيجابية عنه، وفق فرانس برس، وتتعلق قضية "الملف 1000"، بأنواع فاخرة من السيجار وزجاجات كحول ومجوهرات، حيث يريد المحققون أن يعرفوا ما إذا كان نتانياهو وأفراد من عائلته تلقواهدايا تتجاوز قيمتها 700 ألف شيكل (240 ألف دولار)، من أثرياء بينهم المنتج الإسرائيلي الهوليودي، أرنون ميلتشان، والملياردير الأسترالي جيمس باكر، لقاء امتيازات مالية شخصية.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00. com