الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «45 % نمواً في مخصصات التعليم بالموازنة»:«تطويرفلسفة التربية في مقدمة أولويات عبداللطيف»
«45 % نمواً في مخصصات التعليم بالموازنة»:«تطويرفلسفة التربية في مقدمة أولويات عبداللطيف»

تتقدم الأمم وتنهض الشعوب بالعلم، ولذا يتعين أن تعتمد فلسفة التربية والتعليم على تنويع أساليب تلقي المواد العلمية، وجعل البيئة التربوية خالية من المشاكل والصعوبات والصراعات التي تواجه الطلاب، ولذا تعني فلسفة التربية بتقديم مجموعة من العمليات الفكرية البناءة التي تعمل على تفادي الصراع الثقافي بين المجتمعات من خلال القيام بالتعديل والتنسيق والنقد، ولذا حان الوقت لأن تبدأ وزارة التعليم في تغيير فلسفة التربية في مصرمن الحفظ والتلقين إلى تقديم مناهج متطورة تواكب عصرالتكنولوجيا الذي نعيش فيه، وفقاً للمشروع القومي لتطوير التعليم في مصر، على اعتبار أن بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات الدولة باعتباره يمثل الركيزة الثانية لمنظومة بناء الإنسان المصري التي تقوم على النهوض بمنظومتى التعليم والصحة، بما يتواكب مع تحديث فلسفة نظام التعليم الجديد الذى أقرته وزارة التربية والتعليم ، وهى الفلسفة التى تقوم على التعامل مع العملية التعليمية كمنظومة شاملة ومتكاملة فى جوانبها العلمية والتربوية والثقافية والرياضية، والوصول إلى مرحلة الفهم والابتكاروتنمية الملكات الإبداعية، الاَن وبعد أن تبنت الدولة منذ سنوات المشروع القومي لتطويرالتعليم والذي يستهدف إعداد تصوّرجديد للمجتمع التعليمي ككل، ليصبح الطالب أكثر إقبالاً على التعلم والابتكار، أصبحت الكرة في ملعب الدكتورمحمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والذي تولى المسئولية قبل أيام ليبدأ خطة التنفيذ برؤية جديدة تتفق مع ما أعلنت عنه الدولة، على أن يضع في إعتباره أن تطوير فلسفة التربية في مقدمة أولوياته.
قال العالم الشهيرألبرت أينشتاين، «الجنون هوأن تفعل ذات الشئ مرة بعد أخرى وتتوقع نتيجة مختلفة»، وأرى أن البداية يتعين أن تكون من تطويرمناهج التعليم لتواكب متطلبات سوق العمل المتزايدة سواء على المستوى المحلي أوالدولي، وكذا تعزيز وتنمية المهارات لدى النشء والشباب، من خلال الاستفادة من مركز تطوير المناهج بالوزارة، أما الخطوة الثانية فهي تدريس المناهج العلمية باللغة الإنجليزية، فضلاً عن تطوير نظام الثانوية العامة من خلال إلغاء تقسيم «علوم - رياضة» داخل الشعبة العلمية، بحيث يصبح التقسيم إلى شعبتين فقط «علمي – أدبي»، والاستفادة من توطين تجارب الدول التي تتسم أنظمة التعليم فيها بالتقدم مثل التجربة اليابانية، إذ استطاع التعليم الياباني الوصول إلى مرتبة متقدمةعالمياً، كما ساهم في إثراء الحياة الاقتصادية والاجتماعية لدولة اليابان والعالم، ونظراً لما حققه هذا النظام من نجاحات، فقد انتشرت هذه المدارس في مصر، إذ وصل عدد المدارس اليابانية بالقاهرة والمحافظات إلى ما يزيد على 50 مدرسة، و تعتبر المصروفات الدراسية مقبولة، ويقيني أن وزارة التعليم ستجد الدعم المالي لتنقيذ خطة التطوير بعد أن كشفت الموازنة العامة للدولة، للعام المالى 2024/2025، أن قطاعات الصحة، التعليم، التعليم الجامعى، والبحث العلمى، استوفت النسب الدستورية المنصوص عليها، بل وشهدت زيادة فى المخصصات لهذه القطاعات، وكان لقطاع الصحة النصيب الأكبر بزيادة عن النسب الدستورية بمقدار 18.5% حيث بلغت مخصصات الصحة بـ 495.6 مليار جنيه، التعليم قبل الجامعي بـ 565 مليار جنيه والتعليم العالي والجامعي بـ 293 مليار جنيه والبحث العلمي بـ 140.1 مليار جنيه، إذ يلزم الدستورالمصري تخصيص نسب محددة من الناتج القومي الإجمالي تخصص للإنفاق الحكومي على قطاعات الصحة والتعليم، والتعليم الجامعي إضافة إلى البحث العلمي، إذ حدد 3% من الناتج القومى الإجمالي للصحة، 4% من الناتج القومى الإجمالي للتعليم، و 2% من الناتج القومى الإجمالي للتعليم الجامعي، و1% من الناتج القومى الإجمالي للبحث العلمي، وفي ذات الإطار، وضع المشرع الدستورى شرطاً ألزم به الدولة في المواد المشارإليها بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه النسب إذ قضى بتصاعدها تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وكشفت الموازنة التي أقرها مجلس النواب أخيراً أن الحكومة زادت الإنفاق على قطاع الصحة بنحو 25% وقطاع التعليم بنسبة 45% في موازنة العام المالي الجاري 2024ـ 2025 التي تستهدف التركيز على التنمية البشرية خلال السنوات الست المقبلة، اعتباراً من العام المالي الجاري، من خلال الالتزام بتعزيز الإنفاق على الصحة والتأمين الصحي الشامل وتطوير التعليم، رغم أنها تتحمل الكثير من آثار الأزمات العالمية والإقليمية، ما يعني رفع مخصصات القطاع الصحي إلى 495.6 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي مقارنة مع 396.9 مليار في العام المالي الماضي بمعدل نمو 24.9%، ورفع مخصصات قطاع التعليم إلى 858 مليار جنيه مقارنة مع 591 ملياراً خلال العام المالي الماضي بمعدل نمو 45%، وسيتم كذلك زيادة مخصصات البحث العلمي لأكثر من 139.5 مليار جنيه من 99.6 مليار بمعدل نمو 40.1%.
الغريب أن الدكتورمحمد عبداللطيف، وزيرالتربية والتعليم، يتعرض لهجوم شرس منذ الإعلان عن تشكيل الوزارة الجديدة نال من شهاداته العلمية وقدراته العملية في إدارة العمل بالوزارة، وامتد الجدل حول درجتي الماجستير والدكتوراة التي حصل عليهما إلى مجلس النواب بعدما تقدم أحد نوابه بإحاطة لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، طالبه بالرد على ما أثيربشأن المؤهلات العلمية للوزير، بالتزامن مع تقديم بلاغات للنائب العام تشكك في صحة الشهادات الحاصل عليها الوزير، وكأن الوزير في مصر( أي وزير) يتعين أن يكون حاصلاً على الماجستيروالدكتوراة، ونسى هؤلاء أن هذه الشهادات ليست من بين مسوغات التعيين للوزراء، وقد جربنا الدكاترة عشرات بل مئات السنين في جميع الوزرات ومن بينها وزارة التربية والتعليم ولم تكن النتائج على مستوى طموحات الشعب، المهم أن يمتلك الوزير الخبرة العلمية والرؤية المستقبلية لتطويرالعمل في الوزارة المكلف بها، ويقيني ومن واقع متابعتي أرى أن الدكتورمحمدعبداللطيف يمتلك الخبرة والكفاءة والرؤية لتطويرالتعليم في مصر من خلال قدرته على التعامل مع التحديات التي تعيق إنطلاقه إلى المستقبل، وهذا ليس دفاعاً عنه بقدرما أثق في قدراته على قيادة دفة الأموربالوزارة، وأرجو أن لا تكون حملات التخويف قد أثرت عليه في وقت تحتاج فيه مصر إلى مسئولين شجعان في جميع المواقع لتحقيق الإنجازات التي ترضي المواطنين، فهل ينجح الدكتور محمد عبداللطيف في تطويرفلسفة التربية والتعليم لينطلق إلى العالمية بفضل الخبرات التي يتمتع بها في هذا المجال.
لايختلف إثنان على أن تطويرالتعليم في مصر لن يحدث سوى بالشراكة بين القطاعين العام والخاص أي بين وزارة التعليم والمداس الخاصة خصوصاً اللغات لتحقيق التشارك في الخبرات، ونقل تجارب هذه المدارس إلى التعليم الحكومي وفي مقدمتها تدريس اللغات خصوصاً الإنجليزية ومهارات التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وأجهزة الكمبيوترمن خلال استغلال الأصول المتاحة لكلا الطرفين لتقديم تعليم متطوريستفيد منه أكبرعدد من الطلاب، بما يحقق الربح ويعود بالفائدة على المجتمع، ويمكن أن يتم ذلك عبر تخصيص عدد من المدارس الحكومية لبدء المشاركة كما يحدث في مجالات كثيرة اقتصادية على أن تكون رسوم هذه المدارس في متناول الطبقة المتوسطة التي تعيش في أزمة بسبب عدم قدرتها على اللحاق بقطارمدارس اللغات غالية المصاريف واضطرارهم لتعليم أبنائهم في مدارس حكومية لمجرد الحصول على شهادات من كليات نظرية لا تفيد الخرجين في سوق العمل، كما أنها ليست مجدية في تقدم الوطن، وقد أطلقت الوزارة العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص والمستثمرين على المشاركة في المشروعات التعليمية على النحو الذي يحقق رسالة الوزارة والعائد الاستثماري المنشود في الوقت ذاته، بحيث يمتد هذا التعاون إلى مدارس التكنولوجيا التطبيقية الحديثة، التي تعمل على ربط التعليم باحتياجات سوق العمل خاصةً مع استحداث بعض المهن وخروجها إلى سوق الوظائف، وهوما يستطيع الدكتورمحمدعبداللطيف إنجازة نتيجةعمله في القطاع الخاص من التعليم فترة طويلة.
كانت بداية إنشاء إدارة للتعليم في عهد محمد على، وأطلق عليها ديوان الجهادية عام 1825، وفي 1839 أصبح مجلس شورى المدارس ثم ديوان المدارس المسئول عن إدارة التعليم، وتلتهما نظارة المعارف العمومية عام 1875 إلى عام 1915 وبعدها كانت بداية وزارة التربية والتعليم من عام 1955 حتى الاَن، عشرات الوزراء تقلدوا منصب وزير التعليم بغض النظر عن تغيراسمها طوال هذه السنوات وغالبيتهم حاصلون على ماجستير ودكتوراة بل أكثر من ذلك شهادات علمية من الخارج حتى أصبح المصريون يطلقون على دولتنا "بلد شهادات"، والاَن فوجئنا بالهجوم على وزيرالتعليم الحالي فتأكد هذه الوصف، المصريون لا يتذكرون سوى أسماء عدد قليل من وزراء التعليم طوال هذه السنوات منذ عام 1925 حتى الاَن، لأن غالبية من تقلدوا هذا المنصب كان من الحاصلين على الماجستيروالدكتوراة لا على الخبرة والرؤية ولذا لا يزال التعليم في مصرمتعثراً طوال هذه السنوات التي تصل إلى نحو مائتي عام ما أثرعلى تقدم الدولة وعدم قدرتها على المنافسة في الكثير من المجالات خصوصاً الصناعة التي تعتبر قاطرة التنمية للمستقبل.
وأقول لكم، إن مصر في حاجة لكل أبنائها المخلصين خصوصاً أصحاب الخبرات والكفاءات للمشاركة في تحقيق التنمية، والحكم على أي مسئول لا يكون بشهاداته بل بقدرته على الابتكاروتحقيق خطة الدولة في التقدم، ولذا لا يتعين الحكم على وزيرالتربية والتعليم من شهاداته،علينا الانتظار ليحصل على الفرصة وبعدها يحكم الجميع على أدائه، التعيين في منصب لا يكون إلى الأبد لأن الدولة تمتلك أجهزة للرقابة والتقييم، ولا ننسى أن الوزيرالحالي سبقه عشرات الوزراء في التعليم حاصلين على شهادات من مصر وجامعات أجنبية مرموقة لكن المحصلة لم تكن مرضية للمصريين الذين يرغبون في تعليم متطور يقود مصر، فالتعليم هو جواز المرور للمستقبل فالغد ينتمي لأولئك الذين يعدون له اليوم كما قال مالكوم إكس، وهو أحد الفلاسفة الأمريكيين أيقونة النضال ضد العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف