الأخبار
كرم جبر
إنها مصر - عبد الناصر والناصريون !
عبد الناصر والناصريون !

أتذكر هذا التاريخ جيداً 19 أبريل 1992، يوم أصدرت المحكمة الإدارية العليا قراراً مفاجئاً فى منتصف الليل بقيام الحزب الناصرى، وكنت مع مجموعة من القيادات الناصرية فى فندق «المسيرة» فى مدينة طبرق الليبية، عائدين إلى القاهرة براً بسبب الحصار الجوى على ليبيا، بعد الاشتراك فى عدة فعاليات لدعم الشعب الليبى ضد الحصار الأمريكى.

زف لنا المرحوم عبد العظيم مناف رئيس تحرير الموقف العربى الخبر وتبادل الجميع التهنئة، الفريق أول محمد فوزى وسامى شرف وأحمد حمروش وضياء الدين داوود وحمدين صباحى وعبد الله إمام وغيرهم، وتوقع الجميع أن يحدث قيام الحزب دوياً هائلاً فى الساحة السياسية، بعد تعنت لجنة الأحزاب فى رفض قيامه سنوات طويلة، خوفاً من التيار الناصرى الذى كان يراهن عليه كثيرون

أجريت حوارات فى الفندق مع كل القيادات حول مستقبل الناصرية بعد قيام الحزب، وكتبت موضوعاً مطولاً فى مجلة روزاليوسف بعنوان «حرب استنزاف فى الحزب الناصرى» أغضب بعد نشره كثيراً من الناصريين، لأننى كشفت بوادر الصراع المبكر على السلطة بين ما يسمى الحرس القديم والجيل الجديد، بجانب عزوف رموز ناصرية بارزة عن دخول الحزب أبرزها محمد حسنين هيكل.

القيادات الناصرية القديمة كانت غاضبة من هيكل، وترى أنه ساند السادات ضدهم فى القضية المعروفة بـ «مراكز القوى» فى ١٥ مايو ١٩٧١ ومحاكمتهم ودخولهم السجن، وظلت الحرب مشتعلة وأسفرت عن خروج جيل الشباب من الحزب، وسيطرة الحرس القديم على كل شيء، فأصيب الحزب بشيخوخة مبكرة، وأجهض فرصاً تاريخية لاحتلال مكانة متقدمة بين الأحزاب السياسية، ولم يعد جاذباً بل طارداً للناصريين.

كانت الآمال معقودة على أن يستحوذ الحزب الجديد على ملايين الأعضاء، ولكن لم يحدث ذلك، ولم ينجح فى بلورة مشروع ناصرى، يجسد أهداف ومبادئ ثورة 23 يوليو، وأثبتت التجربة أنه لا ينفع أن يكون عبد الناصر ملكاً لحزب بعينه ولكن لكل المصريين، وأن الثورة لا يمكن تأميمها لصالح فصيل سياسى بعينه، ونفس الأمر تكرر مع الرئيس السادات ولم ينجح أنصاره فى تأسيس حزب يحمل اسمه ويحتكر تاريخه وتجربته.

زعماء مصر ملك لمصر، وشمعة عبد الناصر والثورة التى لا يمكن أن تنطفئ، هى إعلاء شأن الكرامة الوطنية ورفع قيمة المواطن المصرى أينما ذهب، ورفض التدخلات الأجنبية بكافة صورها وأشكالها، والأهم أنه حافظ على هوية مصر وحضارتها وتاريخها، فى مواجهة الإخوان المسلمين الذين حاولوا أن يتعشوا به فتغذى بهم، ولقنهم درساً لم ينسوه.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف