الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «الحبس الاحتياطي والدعم على طاولة الحوار الوطني»
«الحبس الاحتياطي والدعم على طاولة الحوار الوطني»
لايختلف إثنان على أن الحوارالوطني جاء في الوقت المناسب لبناء دولة قادرة على مواجهة الصعوبات والتحديات التي تواجه مصرخلال السنوات الأخيرة من خلال مشاركة القوى الوطنية السياسية كافة في جلساته وطرح وجهة نظرالجميع للنهوض بالوطن والانطلاق نحو المستقبل، إذ إن الحوارالوسيلة الوحيدة للتوصل إلى حلول لكل المشكلات خصوصاً أن الأحزاب السياسية تعبرعن رؤيتها في جلسات الحوارالتي حظيت أخيراً بطرح قضيتي الحبس الاحتياطي والدعم على طاولة المناقشة للاستماع لمقترحات ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته، بهدف خلق بيئة قادرة على مواجهة التهديدات التى تتعرض لها مصر في كافة المجالات، عبروضع حلول لمشكلات الفئات والطبقات كافة من خلال آليات التفاوض الاجتماعي، فضلاً عن تحديد أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة بعد رفع توصيات الحوارإلى الجهات المعنية لتدخل حيزالتنفيذ إذ لا خطوط حمراء في القضايا التي يناقشها المشاركون.
وصل قطارالحوارالوطني إلى محطة الحبس الاحتياطى، الذي يعد أحد أهم الملفات المطروحة على مائدة النقاش باعتباره قضية قانونية يترتب عليها أبعاداً سياسية وطنية ودولية في ظل تعرض مصر لحملات تشكيك وتشويه من قبل الكارهين الذين لا يكفون عن اطلاق الشائعات عن الأوضاع في السجون المصرية وحقوق الإنسان، ولذا بدأت إدارة الحوارفي عقد جلسات بحث هذه القضية المُدرجة على جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة التابعة للمحورالسياسي والتي ناقشت بشكل تفصيلي هذا الملف من خلال بحث خمسة موضوعات متعلقة بالموضوع في مقدمتها مدة وبدائل الحبس الاحتياطي، وموقف المحبوس احتياطياً عند تعدد الجرائم وتعاصرها وتزامنها،والتعويض الأدبي والمادي عن الحبس الاحتياطي الخاطئ، وأخيراً التدابير المصاحبة للحبس الاحتياطي من منع سفر وغيره من إجراءات قد تضر بالمتهم في إحدى القضايا بالمخالفة للقاعدة القانونية المتهم برئ حتى تثبت إدانته وتالياً يتعين أن يحصل على فرصة الدفاع عن نفسه دون حبس طالما أن ظروف القضية تسمح بذلك.
يرى العديد من المشرعين والقانونيين أن الحبس الاحتياطى هو إجراء إحترازي معيب لأنه يكبل الحرية الشخصية دون حكم قضائي صادرمن محكمة الموضوع، وهو ما يعني إحتمالية حبس أشخاص أبرياء على ذمة قضايا لازالت قيد التحقيق دون أدلة كافية على الاتهام، خصوصاً أن أوامر الحبس الاحتياطى تصدرعن جهات تجمع بين سلطة الاتهام والتحقيق فى وقت واحد، وهو ما يخل بحق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، ولذا جاءت جلسات الحوار الوطني والتي شارك فيها العديد من الخبراء القانونيين وممثلي التيارات والأحزاب السياسية الذين ناقشوا في حوار مفتوح أبعاد هذه القضية المهة بما يضمن منع الحبس الاحتياطي الجائرعلى حقوق المتهمين ويجعله أحد إجراءات التحقيق اللازمة لضمان استكمال التحقيقات ويضمن عدم تحوله إلى عقوبة بما يحقق حق المجتمع في توفر الأمان إذا كان المتهم يمثل تهديداً.
وقد حدد القانون خمسة أسباب للحبس الاحتياطي في مقدمتها ضمان عدم هروب المتهم قبل موعد المحاكمة، حتى يحضرالجلسات، فضلاً عن ضمان عدم العبث بالأدلة خصوصاً في القضايا التي تعتمد على الأدلة المادية، وحماية الشهود، وضمان عدم ارتكاب المتهم نفس الجريمة مرة أخرى وتكرارها أثناء المحاكمة وهو ما ناقشته جلسات الحواربحضور ممثلين عن مؤسسات الدولة الدستورية المعنية بالقانون لضمان عدم مخالفة القانون الجديد في حال صدوره للدستور، إذ عرضت الأحزاب والجهات كافة والخبراء والفقهاء المشاركين وجهات النظروالوضع القانوني القائم حالياً ومقترحات التطويرالمختلفة واستعراض تجارب الدول الأخرى، كما يتلقى مجلس الأمناء حالياً أوراق العمل المقدمة من المعنيين من القوى السياسية، وسيقوم بإجراء ما يلزم من مشاورات قبل صياغة القانون الجديد ورفع تقريربالتوصيات في صورته النهائية إلى الجهات المعنية قبل إحالته إلى البرلمان لإقراره.
إن السعي لتحديث قانون الحبس الاختياطي من جانب الدولة لم يتوقف منذ سنوات إذ استحدث القانون رقم 145 لسنة 2006 تعديلًا لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص بدائل الحبس الاحتياطى فى الفقرة الثانية من المادة 201 إجراءات، والتى تنص على: «يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطى أن تصدر بدلًا منه أمراً بأحد التدابير)، إضافة إلى تقليل مدة الحبس الإحتياطي لتصبح أيام أو شهور معدودة بدلاً من تركها مطلقة وتحديد مدة زمنية للنيابة العامة لإنهاء التحقيقات التي يتطلب فيها حبس المتهم احتياطيا منع منحها سلطات اللجوء لبدائل الحبس، وشهدت جلسات الحوار العديد من المقترحات التي طرحها المناقشون كان أبرزها تقليل مدة الحبس الإحتياطي بنسب تقترب لـ70% حال صدور قراربه من الجهات المختصة إضافة إلى بدائل الحبس التي تتضمن الحبس المنزلي ومراقبة المتهم من خلال الأسورة الإلكترونية وتحديد محل إقامته أوالتردد على القسم الشرطة التابع له بشكل يومي وإبرام أنشطته بمحضر تحري كل 24 ساعة.
وتمس قضية الحبس الاحتياطي حقوق الإنسان وحريته، وأكد المشاركون على تحديد مدة للحبس الإحتياطي ووضع ضوابط تشريعية له تضمن سبب الحبس والغرض منه، خصوصاً أن الحبس الاحتياطي إجراء إستثنائي يخالف قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة 96 من الدستورالتي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومن حسن الطالع أن جلسات الحوارالوطني التي تبحث قضية الحبس الاحتياطي شهدت توافقاً لدى المشاركين على خفض مدة الحبس الاحتياطي، واستخدام تدابيرجديدة معمول بها في الكثير من الدول بدلاً عنه مثل منع سفر المتهم إلى الخارج وداخل المدينة نفسها المقيم فيها على أن يتم اللجوء لنظام المراقبة بأساليب مختلفة، باعتباره التزام دستوري بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وأعلنت إدارة الحوار إنها تتلقى حالياً المقترحات من كافة الجهات السياسية والتي تتضمن أساليب بديلة عن الحبس الاحتياطي تمهيداً لصياغتها ورفعها للجهات المسئوله، ولن تتوقف القضايا التي يناقشها الحوارعند هذا الحد بل سيواصل مناقشة المزيد من القضايا المجتمعية التي تهم المواطنين ومن بينها قضية منظومة الدعم والتحول من العيني إلى نقدي، إذ سيتم تحديد جلسات لمناقشتها بمشاركة الطوائف السياسية والمجتمعية كافة ومسئولين من الحكومة، إذ ستعمل الحكومة خلال الجلسات على توضيح كافة الأمورالخاصة بالقضية بحيث يمكن الوصول إلى حلول قابلة للتنفيذ بما يمكن تحويل التوصيات إلى قرارات من السهل اعتمادها لتعود بالفائدة على المواطنين المستفيدين من الدعم، بعد أن أكدت دراسات كثيرة أن الدعم لا يذهب لمستحقيه، ومن هذا المنطلق قررت وزارة التضامن الاجتماعي تشكيل لجنة لحصر جميع مستفيدي الدعم العيني والنقدي، والإعانات والمنح والمعاشات، لإدراجهم بقاعدة بيانات متكاملة.
تختص اللجنة بحصرجميع المستفيدين من برامج الدعم كما تضمن القرارالجديد أوجه وأنواع الدعم المقدم للمستفيدين، وتحديد أنواع الدعم أي كان نوعه والقائم بتقديمه وطريقة تقديمه على أن يستثنى من قاعدة البيانات من يقدم لهم مساعدات الدعم النقدي المشروط ببرنامج "تكافل وكرامة"، المقدم من الوزارة والهيئات والمديريات والمؤسسات التابعة لها الأفراد أو الجهات، وهو ما سيتم بحثه على مائدة الحوار، خصوصاً أن المواطن شريك في إتخاذ القرار، وأن أي نقاش ثري يدارداخل الحوارالوطني فهو لصالح المواطن والوطن، خصوصاً أن الحوار طلب بيانات من الحكومة حول منظومة الدعم العيني بشأن قاعدة المستحقين وخريطة توزيع الدعم على الأسر الأكثر إحتياجا في مختلف محافظات الجمهورية، وذلك قبل وضع جدول أعمال بجلسات استماع الحوار الوطني بشأنه، باعتباره قضية مهمة للمجتمع الذي يشهد تحديات جديدة تستلزم هيكلة الدعم ووصوله إلى مستحقيه.
وأقول لكم، إن جلسات الحوارأوشكت على وضع التوصيات بخصوص قضية الحبس الاحتياطي وستناقش المقترحات المقدمة من كل الجهات التي تضمن وصول الدعم لمستحقيه بغض النظرعن نوعه نقدي أم عيني، حتى تضمن الحكومة عدالة التوزيع وأن من يحصلون عليه هم المستحقين الحقيقيين في ضوء التغيرات الاجتماعية الذي شهدتها التركيبة الطبقية خلال السنوات الأخيرة جراء إنخفاض القوى الشرائية للأفراد والجماعات، ما يتطلب ضرورة النفاذ بشكل متعمق في تحديد قيمة السلع والخدمات الواجب دعمها أخذاً في الاعتبارارتفاع قيمة العملات الأجنبية في تحديد الأسعار خصوصاً أن الأسعارتتحدد من خلال العرض والطلب وبعدها تتدخل الدولة لإتخاذ ما يلزم لإعادة النظر في فلسفة إعداد الموازنة المصرية من خلال إعادة توجيه وتوزيع بعض الموارد وخفض الإنفاق الحكومي إضافة إلى الرقابة على الأسواق وتمكين مؤسسات المجتمع المدني من ممارسة دورها لحماية المستهلك.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo. com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف