احمد الشامى
أقول لكم تعثرمفاوضات «الفرصة الأخيرة»..وبدء مرحلة «الأيام العصيبة»
تعثرمفاوضات «الفرصة الأخيرة»..وبدء مرحلة «الأيام العصيبة»
على وقع الحرب في غزة، ومقتل هنية في طهران، وتصاعد التوترفي جنوب لبنان، تأتي محاولات استئناف المفاوضات في الدوحة اليوم بين إسرائيل وحماس لعقد صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب في غزة وسط ظروف إقليمية بالغة التعقيد،إذ تسعى مصروقطرلإقناع حماس بالمشاركة في محادثات وصُفت بأنها «الفرصة الأخيرة» بعد رفضها إرسال وفد إلا بعد وقف إسرائيل القتال في غزة، معلنة أنها ستعود إلى طاولة المفاوضات إذا أظهرت إسرائيل ما أسمته حماس «التزاماً قوياً» باقتراح الهدنة الذي قدمته الحركة في يوليو الماضي، مؤكدة أنها منفتحة على الوسطاء، متهمة إسرائيل بالمراوغة وإضافة شروط جديدة تعرقل عقد الصفقة من بينها بقاء القوات الإسرائيلية في محورفيلادليفيا وعدم عودة كامل سكان شمال غزة إلى منازلهم إلا بعد تفتيشهم بهدف مد أجل الحرب في القطاع، فيما أكدت قطرللولايات المتحدة أن ممثلين عن حماس سيشاركون في محادثات الأسرى ووقف إطلاق النار، في الوقت الذي أعلنت إسرائيل أنها سترسل وفداً للمشاركة نافية إضافة مطالب جديدة على خطة بايدن التي أعلن عنها 27 مايو الماضي التي طالبت بضرورة إنشاء آلية لضمان عودة المدنيين العزل فقط إلى شمال قطاع غزة بعد تفتيشهم، وفقاً للاقتراح الوارد في الخطوط العريضة للوثيقة، في الوقت الذي زادت فيه الضغوط الأمريكية على طهران خلال الأيام الماضية بأن يكون ردها على إسرائيل غير قوى مقابل إغراءات سياسية واقتصادية، إذ اعتادت طهران اللجوء إلى سياسة «حافة الهاوية» والتي يُقصد بها تحقيق مكاسب معيّنة عن طريق تصعيد أزمة دولية ما، ودفعها إلى حافة الحرب النووية من خلال تخطّي الخطوط الحمراء في التعامل مع قوة عظمى ثم التراجع بعد تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وهوما تفعله طهران ضدّ واشنطن وحلفائها حالياً.
تتحول منطقة الشرق الأوسط رويداً رويداً إلى بحر من النار، فيما حذرالمرشح الجمهوري الأميركي، دونالد ترامب، في حواره مع إيلون ماسك، على منصة "إكس"، قبل أيام من أن الشرق الأوسط يمكن أن يأخذ العالم إلى حرب عالمية ثالثة، مشيراً إلى أنه تعامل أثناء ولايته الأولى بقوة وحزم مع إيران ووكلائها، يأتي ذلك وسط محاولات أمريكية وأوروبية وعربية للضغط على إيران لمنعها من الانتقام بـ « رد موجع» ضد إسرائيل قد يقود المنطقة إلى حرب إقليمية، وهو ما أكد عليه الرئيس الأميركي جو بايدن، أخيراً إذ أعلن أنه يتوقع تراجع إيران عن الضربة الانتقامية لإيران في حال إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، معتبراً أن وقوع هجوم من إيران على إسرائيل رداً على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، سيعقد احتمالات التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، التي أعلنت رفضها حضورجولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار، ما بدد آمال التوصل إلى هدنة، فيما قالت طهران إن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة هو أولويتنا، وأي اتفاق تقبله حماس سيكون مقبولاً لنا أيضاً، معتبرة أن اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية في طهران انتهاك للأمن القومي والسيادة الإيرانية، وأن إيران لها الحق في الدفاع عن النفس، وهذا لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة، وأن كل مسارمختلف عن الاًخر والرد سيأتي في الوقت المناسب وبطريقة لا تضر بوقف إطلاق النارالمحتمل في القطاع.
في الوقت الذي تتأهب إسرائيل لصد هجوم إيراني محتمل بمشاركة حزب الله اللبناني بعد اغتيال هنية في طهران في 31 يوليو الماضي، واغتيال الجيش الإسرائيلي قبل ذلك بيوم القيادي البارز في الحزب فؤاد شكر في غارة على بيروت، فيما حذرت واشنطن من دخول منطقة الشرق الأوسط مرحلة «الأيام العصيبة» وأن مرحلة السماح والمفاوضات والتحذيرات انتهت، وأن أي شيء يمكن أن يحدث الآن، خصوصاً بعد أن انتهت المناقشات الداخلية الإيرانية لتحديد حجم الرد الإيراني المحتمل، إذ زادت التوقعات بأن ترد إيران على اغتيال زعيم حركة حماس في طهران، حدد قادتها أسلوب الرد وتوقيته بالاتفاق مع حزب الله في لبنان الذي ينسق لهجومه المحتمل مع طهران، ردّاً على مقتل فؤاد شكر أحد أكبر قادة التنظيم التابع لإيران، ويتوقع أن يكون أسوأ من هجوم 13 إبريل الماضي، وذلك بعد أن وصلت جميع الرسائل الأمريكية والأوروبية والعربية لطهران بتخفيف الرد وأن لا يكون موجعاً،إلا أن إيران رفضت الجهود الأمريكية والعربية لتخفيف ردها على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وأرى أن الرد الإيراني المحتمل لن يكون النهاية بل قد يجرالمنطقة إلى حرب إقليمية وبدء مرحلة جديدة في الصراع بالشرق الأوسط لأنه كلما كان قوياً سيكون الانتقام الإسرائيلي الأمريكي أكثرعنفاً في ظل رغبة إسرائيل استعادة الردع الإستراتيجي القائم على التفوق سياسياً وعسكرياً بالشرق الأوسط، في الوقت الذي تعتبر إيران الرد حفاظاً على مكانتها وحلفائها بالشرق الأوسط دون الوصول إلى حرب إقليمية.
البيان الصادرعن زعماء مصر وأمريكا وقطر، جاء في الوقت المناسب وبرداً وسلاماً على قادة العالم التواقين إلى إنهاء الحرب في غزة وقد يكون البيان بمثابة التحذيرالأخيرلإسرائيل قبل الانفجار في حال وقوع حرب شاملة في الشرق الأوسط ، إذ أكدوا فيه أن المنطقة تواجه تصعيداً غير مسبوق وقد يتسبب في اتساع الحرب إلى خارج القطاع، ونص البيان الصادرعن البيت الأبيض ونشرته السفارة الأمريكية بالقاهرة وحمل توقيع الزعماء الثلاثة، « لقد حان الوقت كى يتم بصورة فورية وضع حد للمعاناة المستمرة منذ أمد بعيد لشعب غزة وكذا المعاناة المستمرة للرهائن وعائلاتهم، وحان الوقت للتوصل إلى وقف لإطلاق الناروإبرام اتفاق بشأن الإفراج عن الرهائن والمعتقلين، وقد سعينا ثلاثتنا مع فرقنا على مدار عدة أشهر للتوصل إلى إطار اتفاق مطروح حالياً على الطاولة حيث لا يتبقى فقط سوى وضع التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ، ويستند هذا الاتفاق إلى المبادئ التي طرحها الرئيس بايدن في 31 مايو الماضي وتمت المصادقة عليها فى قرارمجلس الأمن رقم 27350»، فيما وافقت إسرائيل على استئناف المحادثات حول هدنة في قطاع غزة في 15 أغسطس المقبل، بناء على طلب دول الوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، بحسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويبدوأن هذا البيان الذي يطالب الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات يحمل نداءً أخيراً من أمريكا لإسرائيل بعد أن نفذ صبرواشنطن من إضاعة إسرائيل للوقت ورفض نتنياهو لوقف الحرب ولذا يعتبر البيان الفرصة الأخيرة لإنقاذ المنطقة من الانفجار، وظهر ذلك جلياً في المكالمة التليفونية التي جمعت بايدن ونتنياهو عقب إغتيال هنية ووصفت بـ «الصعبة»، إذ طلب بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي، التوقف عن تصعيد التوترات في المنطقة، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، كما حذر بايدن نتنياهو من أنه إذا أقدم على التصعيد مجدداً، فينبغي له عدم الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذه، فيما قال مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن نتنياهو أخفى عن بايدن خططه لتنفيذ الاغتيالات الأخيرة، وذلك بعد أن ترك انطباعاً الأسبوع السابق أثناء زيارته لواشنطن بأنه يستجيب لطلب الرئيس الأميركي بالتركيز على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، كما ناقش بايدن مع نتنياهوالاستعدادات العسكرية المشتركة لمواجهة الرد المتوقع من إيران وحزب الله، وفي الوقت نفسه للإعراب عن عدم رضاه عن المنحى الذي اتخذه نتنياهو بتنفيذ هذه الاغتيالات دون علم البيت الأبيض كما تحاول أمريكا تصويرالأمر.
وأقول لكم، إن بايدن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل على إحباط أي هجوم إيراني، لكنه طالب بعد ذلك عدم حدوث مزيد من التصعيد من الجانب الإسرائيلي والتحرك فوراً نحو صفقة الرهائن وهدد بايدن بوقف الدعم لإسرائيل في حال إتخاذ نتنياهو قرارات منفردة تزيد المنطقة إشتعالاً إذ واصل البيان قائلاً «ينبغي عدم إضاعة مزيد من الوقت كما يجب ألا تكون هناك ذرائع من قبل أى طرف لتأجيل آخر، حان الوقت الآن للإفراج عن الرهائن وبدء وقف اطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق، ونحن كوسطاء مستعدون اذا اقتضت الضرورة- لطرح مقترح نهائي للتغلب على الثغرات وحل الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبى توقعات كافة الأطراف، وقد دعونا الجانبين إلى استئناف المناقشات العاجلة اليوم فى الدوحة لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون اى تأجيلات جديدة»، ويقيني أن هذا البيان قد يكون النداء الأخير لإسرائيل للموافقة على وقف إطلاق النار في وقت تزيد فيه الضغوط الدولية على نتنياهوش للتوصل إلى اتفاق هدنة لإنقاذ المنطقة من حرب شاملة تلوح في الأفق بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران نهاية الشهر الماضى.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com