الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «الإخوان تطلب الصلح .. كيف أعاودك وهذا أثرفأسك؟»
«الإخوان تطلب الصلح .. كيف أعاودك وهذا أثرفأسك؟»

«الإخوان تطلب الصلح .. كيف أعاودك وهذا أثرفأسك؟»
«كيْفَ أُعَاوِدُكَ وَهَذَا أَثَرُفَأَسِكَ»، يبدو أن هذا المثل الذي يطلق على من يخون العهد، واقتبس من قصة خيالية حدثت بين رجل وأفعى، صارلُب الحكاية التي شغلت كثيرون خلال الأيام الماضية، بعد أن عاد تنظيم الإخوان إلإرهابي بمبادرة قديمة متجددة يطلب الصلح مقابل التخلي عن العمل بالسياسة، ونسى أن شعب مصرلا يمكن أن يلدغ من الأفعى عشرين مرة فقد أخذ الحذرمن هؤلاء الذين خانوا العهد واشعلوا النيران في المواثيق والعهود، ولازال أثر جرائم الإخوان الدموية يدمي قلب الوطن ينزف الدماء حتى الاَن، ولسان حال المصريين يقول ضاحكاً«فكرتني بالذي مضى»،هل يعتقد الإخوان الذين شيعهم أبناء شعبنا المخلصين إلى مثواهم الأخيرعقب سقوط حكم المرشد أن عناصرهم لازالت موجودة في مصر حتى الاَن، لقد أصبحوا من الماضي بذنوبهم الدموية وحرائقهم التي أشعلوها لتدميرمؤسسات الدولة ودورعبادة المسلين والمسيحيين،ما بالكم أيها الأوغاد تعتقدون أنكم جزء من نسيج هذا الوطن الذي يسابق الزمن لإقامة دولة حديثة بينما أنتم تسعون لنشرالفوضى وإسقاط مصرلإقامة دولة الخلافة، أنسيتم شعاركم الذي روعتم به أهل مصر«يا نحكمكم يا نقتلكم»، ما الذي جعلكم تعتقدون أن شعب مصرالذي تجرع من أياديكم كأس مرارة الفزع يمكن أن يمد لكم يده ويبدأ صفحة جديدة.
دعونا نتساءل لماذا عدتم من جديد تطلبون الصفح والمغفرة على لسان حلمي الجزارنائب الدكتورصلاح عبد الحق القائم بعمل مٌضلل الجماعة والمقيم في لندن، الذي قال إن عبدالحق يطلب من السلطات في مصرالعفوعن الجماعة وإطلاق سراح المعتقلين من عناصرها بالسجون، مقابل تخليها عن العمل السياسي، وجاءت رسالة الجزارعبرقناة أحد الإعلاميين الذي يعمل بفضائية تابعة للجماعة الإرهابية تبث من تركيا، إذ أكد أن الدكتورحلمي الجزارطلب منه رسمياً أن ينقل رسالة عبر قناته يطالب فيها السلطات في مصربالعفوعن الجماعة مقابل اعتزال السياسة تماماً وإطلاق سراح المعتقلين من عناصر الجماعة في السجون، وأن الجماعة جاهزة للتصالح مع السلطات والقوى السياسية في مصر، في حال قبول مبادرتها في الصلح متعهداً بأن تتخلى الجماعة عن العمل في السياسية لمدد تتراوح ما بين 10 و15 عاماً، ونسيان ما فات خلال 11 عاماً مضت منذ الإطاحة بحكم الجماعة في يونيو من عام 2013، لكن يبدو أن حديث جماعة «الإخوان» عن مبادرة صلح مع الدولة وهو جديد قديم إذ اعتادت الجماعة إطلاق هذه المبادرة كل فترة نتيجة الضغوط على عناصرها في الخارج فضلاً عن حدوث حالة من الانقسام بين عناصرها، إذ يعيش القائم بأعمال المرشد في لندن بينما يوجد جناح اَخرللجماعة في تركيا بقيادة محمود حسين الذي نصب نفسه قائماً بأعمال المرشد ويبدو أن تحركات الجماعة الآن نتيجة تخوّف قادتها من «التقارب في العلاقات المصرية - التركية» أخيراً.
الغريب أن هذه المبادرة صدرت عن الجزارالرجل الثاني في الجماعة نقلاً عن القائم بأعمال المرشد وكأنهما يتحكمان في مصيرالجماعة خارج مصروداخلها ويستطيعان فرض سيطرتهما عليها، ولذا فأن هذه المبادرة إذ جازأن نطلق عليها مبادرة تفتقر الشكل الرسمي لأنها لم تصدرعن مكتب الإرشاد فضلاً عن وجود فرع اًخر للجماعة في تركيا، كما لم تتحدث المبادرة عن مستقبل الجماعة وعلاقتها بالتنظيم الدولي للإخوان الموجود في عشرات الدول لديهم كيانات اقتصادية واستثمارية كبيرة خارج مصر، والأهم من ذلك أن الجزاريعد بتخلي الجماعة عن السياسة وسيقتصر دورها على الدعوة فقط لمدة 10 أو 15 عاماً ولم يقل لنا وماذا سيحدث بعد هذه الفترة؟ هل يعتبر الجزارأن هذه الفترة كرم منه ومن جماعته الإرهابية لماذا لم يقل لنا ماذا سيحدث بعد عودة الجماعة للعمل في السياسية؟، هل ستعود مصرلمرحلة الاقتتال من أجل الوصول إلى السلطة كما حدث بعد 25 يناير، ويرفعون شعارهم الدموي يا نحكمكم يا نقتلكم، لقد سبق لقيادات من الجماعة طرح هذه المبادرة بعد عام 2013 وسقوط حكم الإخوان ومن بينهم عبد المنعم أبو الفتوح، وكل ذلك لا يعدو أن يكون مناورات غرضها تهدئة الأجواء لحين إعادة الجماعة مرة أخرى إلى مصر وبدء إعادة التنظيم وقواعده ومكاتبه مجدداً إلى الأضواء من خلال العمل السري والسعى لحكم مصرمعتبرين أن ذلك حق شرعي لهم، ونسوا أن الدستور يمنع إقامة أحزاب سياسية أو جماعات دعوية تتاجربالدين لأنها تخدع البسطاء بأفكارها الإرهابية الرجعية التي ترغب في إعادة مصرإلى الخلف مرة أخرى إلى العصور الوسطى الظلامية التي عانى خلالها الناس من التخلف والفقروالجهل من خلال استغلال الدين لتحقيق أغراضها السياسية والوصول للحكم مهما كانت النتائج بهدف طمس الهوية الوطنية.
ظهرت مبادرة «الإخوان» في الأضواء عبررسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال المرشد العام، حلمي الجزارالمقيم في لندن، بثّها إعلامي في فضائية «الشرق» الإخوانية، على قناته الخاصة عبر«يوتيوب»، ونقلتها وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، طرح فيها الجزارالصلح مع الدولة المصرية، وإطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي، الغريب أن هذه الرسالة وحديثها عن اعتزال الجماعة العمل السياسي تسبّبت في أزمة داخل الجماعة المنقسمة إذ رفض قيادات منها هذا الطرح، ما دفع الجماعة إلى نفي الحديث عن «اعتزال العمل السياسي»، وقالت في بيان، عبر حسابها على «إكس» إنه «بخصوص ما يتردّد بين الحين والآخر بشأن إمكانية الإخوان اعتزال العمل السياسي تؤكد الجماعة أن عدم المنافسة على السلطة لا يعني أبداً الانسحاب من العمل السياسي الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة الإصلاحي»، وكأن هذه الجماعة لديها نية للإصلاح وهي التي أسسها حسن البنا عام 1928 على مبدأ التضليل وتعتبررسائله والتي يطلق عليها أدبيات الإخوان وتربوعلى عشرين رسالة، تناولت مواضيع مختلفة في أوقات ومناسبات عدة، تشتمل على آراء ومواقف دينية، وسياسية، واقتصادية، وتنظيمية وغيرها، إذ كشف مراجعون لأفكارها من أعضاء الجماعة أنفسهم عدم جدواها لأنها تدعولإقامة دولة إسلامية كبرى عبرمشروع الخلافة والسيطرة على العالم من خلال الجهاد والتمكين والتغييروهي أفكارعفا عليها الزمن وأثبتت فشلها على مدى العصور، إذ إننا نعيش في عالم متطوريتسابق من أجل تحقيق تنمية اقتصادية دون الدخول في أزمات دينية براغماتية جدلية لا طائل منها.
وزعم بيان الجماعة، الجديد الذي وقعه الجزار أيضاً، أن «الجماعة جزء أصيل من الشعب المصري، تدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ميدان»، لينتقل حديث مبادرة الإخوان بعد ذلك إلى السوشيال ميديا، إذ رفض أبناء الشعب المصري بكافة فصائله مبادرة الإخوان واعتبروها دليل على وصول الجماعة إلى مرحلة الانقسام والتشزدم نتيجة قلة الموارد المالية التي تصل إليها ما يعد دليلاً على انهيارحلمها في العودة إلى مصروالوصول إلى سدة الحكم، فيما ردت وزارة الداخلية على ما أوردته إحدى القنوات الإخبارية بشأن تلقيها رسائل من سجناء من جماعة الإخوان، وقال بيان للوزارة أن مصدراً أمنياً نفي جملةً وتفصيلاً صحة ما تناولته إحدى القنوات بشأن تلقيها رسائل من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل والتى أعلنوا خلالها تبرؤهم من الجماعة، واعتبرالمصدرأن ذلك يأتى فى إطار الإدعاءات المتكررة من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وترويجها لتلك المزاعم لمحاولة الخروج من حالة العزلة التى تمر بها بعدأن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأى العام، وهوما يؤكد أن الجماعة لم يعد لها عناصرعلى الأرض باستثناء الموجودين في السجون بسبب صدور أحكام ضدهم في قضايا عدة، ودليل اَخرعلى أن قيادات الجماعة بالخارج لا يعلمون أن التنظيم لم يعد له عناصر خارج السجون إضافة إلى الهاربين بالخارج.
جاءت مبادرة الإخوان التي لا تعدوأن تكون ذراً للرماد في العيون وسط اهتمام بقضية الحبس الاحتياطي التي أثارت جدلاً واسعاً منذ سنوات وفي ظل نشاط مكثف للحكومة لمناقشة 65 قانوناً جديداً من بينهم 34 قانوناً سيتم إرسالهم لمجلس النواب خلال الأسابيع المقبلة، في مقدمتهم قانون الإجراءات الجنائية، عقب الانتهاء من تعديلاته خصوصاً مواد «الحبس الاحتياطي» التي انتهى الحوارالوطني من التوافق عليها، إذ إن قانون الإجراءات الجنائية الحالي صدرعام 1950 ولم يتم تعديله أوتغييره منذ 74 عاماً رغم الصعوبات والتحديات التي شهدتها مصر خلال هذه السنوات الصعبة والتي ألقت بظلالها على أبناء مصرالتي واجهت حرباً ضروساً من التنظيمات الإرهابية الساعية لإسقاط الدولة ونشر الفوضى، ولذا حان الوقت لصياغة قانون جديد يليق بكفاح المصريين خلال هذه السنوات ، وجاءت مسودة القانون الجديد في 540 مادة من ضمنها باب الحبس الاحتياطي الذي نال اهتمام الجميع خصوصاً الساعين إلى إقامة مجتمع يحترم حقوق الإنسان، إذ جرى إدخال عدة تعديلات بالقانون، منها خفض مدد الحبس الاحتياطي وإقرارتعويض للحبس الاحتياطي، ونوقش الأمربالحوار الوطني وتم إصدارعدة توصيات وأحيلت إلى الحكومة ومجلس النواب للعمل بها في مشروع القانون الجديد الذي يستعد مجلس النواب لمناقشته فورانعقاده المقبل.

وأرى أن سرعة تنفيذ الإجراءات اللازمة لتفعيل توصيات الحوار الوطني بشأن ملف الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، يؤكد أهمية إقرارنظام قضائي ناجز وعادل من شأنه تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من خلال إقرارقانون جديد يقلل مدد الحبس الاحتياطى وتنظيم التعويض عنه، وإلغاء الباب الخاص بالإكراه البدنى واستبداله بإلزام المحكوم عليه بأداء أعمال بالمنفعة العامة بما يتفق مع مواد الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية، خصوصاً أن «الإجراءات الجنائية الجديد» جاء استجابة لمطالب القوى السياسية في مصر، من بينها أحزاب دعت إلى تعديل التشريع لذي لم يتم تغييره منذ قرابة 74 عاماً، ووصفه كثيرون بـ « الملف المعقد» وتضمنت توصيات الحوارالوطني 24 بنداًلتنظيم الإجراءات التي يجب إتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، ما يعتبرحماية لحقوق الإنسان وحريات المواطنين، فيما اجتمعت اللجنة الدستورية بالنواب لإعداد قانون الإجراءات الجنائية الجديد على مدار 14 شهراً لإعداد مسودة أولية للقانون الذي تضمن 540 مادة تمهيداً لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب بعد عودته للانعقاد خلال أكتوبرالمقبل.
ويعتبرأهم ما تضمنته مواد القانون الجديد خفض مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض عنه، وتأتي أهمية إعداد تشريع جديد لقانون الإجراءات الجنائية، إنه يعد بمثابة دستور ثاني منظم للحقوق والحريات العامة في مصر، إذ إن القانون الحالي صدرخلال النظام الملكي لمصر وفقاً لدستور 1923، في حين أن مصر أقرت دستوراً جديداً عام 2014 منح العديد من الامتيازات والحقوق للمواطنين كان يجب تنظيمها في قانون الإجراءات الجنائية، ويتسق مع المواثيق الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إذ اقترحت مسودة القانون الجديد خفض مدة الحبس الاحتياطي بحيث يصبح الحد الأقصى في الجنح 4 بدلاً من 6 شهور، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، وفي الجنايات التي تصل للمؤبد أو الإعدام الحبس 18 شهراً بدلاً من سنتين، وفي جميع الأحوال لا يجوزأن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 24 شهراً، وكذلك تم تنظيم التعويض عن الحبس الاحتياطي.
وأقول لكم، إن مواد القانون الجديد دعت إلى حماية حقوق المرأة من خلال عدم تنفيذ أحكام الإعدام على المرضعة أو الحامل حتى يبلغ الصغير عامين، علاوة على تنظيم حقوق ذوي الهمم خلال مراحل التحقيق أو المحاكمة، سواء إذا كان متهماً أو مجني عليه، إضافة إلى إلغاء باب الإكراه البدني واستبداله بأداء أعمال للمنفعة العامة، كما تم استحداث باب كامل متعلق بالتعاون القضائي الدولي في الأمور الجنائية، وإقرارمبدأ لا محاكمة من غير محام في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وهو ما اتفق عليه المشاركون في الحوار من حقوقيين وسياسيين حريصون على وضع نهاية لهذا الملف نظراً للانتقادات الكثيرة التي كانت ولازالت توجه إليه داخلياً وخارجياً، إذ رفع «الحوار الوطني»، 24 توصية تم التوافق على 20 منها فيما تواجه 4 توصيات اَراء متعددة، مع الأخذ في الاعتبار في قضية الحبس الاحتياطي أنه مثلما يتم المطالبة بحقوق المتهمين وضرورة وضع حد أقصى للحبس، يتعين أن نعي أن المجني عليه والمجتمع لهما حقوق لتحقيق العدالة الجنائية والأمن.
أحمد الشامي
AALSHAMY6610@YAHOO.COM
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف