الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم» «أسرارنهضة الأمم ..عندما تستيقظ الصين سيرتجف العالم»
«أسرارنهضة الأمم ..عندما تستيقظ الصين سيرتجف العالم»

تعتبرنهضة الأمم الشغل الشاغل لكل شعوب الأرض، يسعون إلى الاستعانة بتجارب الدول التي نهضت وسبقت في الطريق إلى القمة من أجل تحقيق التنمية المنشودة، قال ابن خلدون واسمه بالكامل عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، وهومؤرخ شهيرومؤسس علم الاجتماع ومفكرسياسي، «أعلم أن فن التاريخ فن عزيزالمذهب جم الفوائد شريف الغاية ،إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الإقتداء»، وتفسير ذلك أنه يطلب من الشعوب دراسة تاريخ الأمم والاستفادة منه ونقل تجارب الاَخرين من جيل إلى جيل، ولذا تعتبرالتجربة التنموية الصينية من أكثرالتجارب تفوقاً في العالم، إذ حقق الاقتصاد الصيني نمواً عظيماً خلال العقود الأخيرة بعد أن نجح في جذب الكثيرمن الاستثمارات الأجنبية والمحلية حتى صارت الصين مصنع العالم وتمكنت من تصديرإنتاجها إلى جميع الدول بما فيها أمريكا وأوروبا بعد أن تصدرت إنتاج غالبية الصناعات خصوصاً التكنولوجية والطبية والذكاء الاصطناعي والسيارات والهواتف النقالة والطاقة المتجددة.
استخف كثيرون بما كتبه آلان بيرفيت وزير العدل الفرنسي سابقاً «Alain Payrefitte » في سنة 1973 عبرمؤلفه «عندما تستيقظ الصين سيرتجف العالم» فالفقريومها كان يعم الصين، وصعوباتها وتحدياتها كثيرة ومعقدة، وكانت نفسها من بلدان العالم الثالث علماً بأن هذه المقولة منسوبة أيضا لنابليون الأول عام 1816، بقوله: "اتركوا الصين نائمة، فالصين عندما تستيقظ سيرتجف العالم كله"، نعم حققت الصين المعجزة وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها في العام الماضي 126.06 تريليون يوان صيني (17.89 تريليون دولار أمريكي) بزيادة حقيقية قدرها 5.2٪ عن عام 2022، وتعد الصين أكبر اقتصاد صناعي ومصدر للسلع في العالم، وتتحضرلحصد المركزالأول وقيادة العالم اقتصادياً بحلول سنة 2030 وهي حالياً ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد اقتصاد الولايات المتحدة، حيث أصبحت الصين بذلك أسرع اقتصاد كبيرنامي خلال الثلاثين سنة الماضية بمعدل نمو يتخطى الـ 10 %، سنوياً وتالياً تجئ بكين في المرتبة الأولى بإعتبارها أكبردولة تجارية ومصدرة في العالم حالياً، إذ صارت أكثرانفتاحاً على العالم من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وبدأت النهضة الصينية في السبعينات عبرالاهتمام بالزاعة والصناعة ومنذ عام 1978 بدأت مرحلة الانفتاح على الرأسمالية وتحديث الصناعة والسماح بالملكية الخاصة للأراضي وجلب التكنولوجيا الغربية.
انطلقت النهضة الصينية التي ارتجف ويرتجف وسيرتجف منها العالم خصوصاً أمريكا الساعية لمنعها من الوصول إلى المركز الأول عالمياً في الإنتاج على حسابها ودخلت معها في حرب تجارية منذ سنوات بعد أن سارت حلماً للشعوب التواقة إلى التقدم والرفاهية، عندما أطلق الزعيم ماوتسي تونج الثورة الثقافية عام 1966 واستمرت 10 سنوات واستهدفت خلق مجتمع منتج من خلال بناء طبقة عمالية واسعة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية مسلحاً بأفكارجديدة ورؤى متطورة، وفي عام 1978 أعلنت الدولة اعتماد سياسة الطفل الواحد، وتسمى في الصين رسمياً تنظيم الأسرة والتي انتهجتها منذ عام 1978 وحتى عام 2015، وتتلخص في إنجاب طفل واحد لكل عائلة لتخفيف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ونجحت هذه السياسة في منع إنجاب أكثر من 400 مليون طفل وبعد تحسن الوضع الاقتصادي في الصين أقرت الحكومة في 28 ديسمبرعام 2013، قانوناً يسمح بإنجاب طفل ثان، وألغيت هذه السياسة في يوم 29 أكتوبر 2015 حيث أصدرت الحكومة الصينية قراراً يسمح لكل عائلة بإنجاب طفلين كحد أقصى من غير شروط بدلاً من سياسة الطفل الواحد، ولذا يمكن القول أن الصين نجحت في تحقيق قفزتها الاقتصادية عبر الاعتماد على ركيزتين أساسيتين هما خلق مجتمع عامل لا ينشغل بقضايا فكرية غيرمهمة وأن يكون على قلب رجل واحد، والثانية الحرص من جانب الشعب على تحقيق الدعوات الحكومية التي تصب في مصلحته إن عاجلاً أو أَجلاً وهو ما حدث في مجال خفض الإنجاب، إذ تعددت محاولات الحكومة المصرية لتقليل معدلات الإنجاب خلال الثلاثين عاماً الأخيرة لكنها لم تحقق نتائج إيجابية حتى الاَن ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية،فيما تعمل الدولة على تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال عدد من المسارات منها جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية عبر الترويج لخريطة مصرالاستثمارية، وتعزيز البنية التكنولوجية والتحول الرقمي والشمول المالي، وتعظيم الاستفادة من الأصول غيرالمستغلة وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام.
لقد حان الوقت لإطلاق مبادرة مصرية لخفض الإنجاب يستجيب لها أبناء مصر المخلصين حتى تتمكن الدولة من عبورهذه الأزمة، وأرى أن مشاركة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، فى قمة منتدى التعاون الصينى ـ الأفريقى بالعاصمة الصينية بكين، له أهمية كبيرة إذ يمكننا الاستفادة من التجربة الصينية في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال نقل بعض هذه التجارب الاجتماعية وتنفيذها في مصر بما يناسب المجتمع إذ أصبح لزاماً تجديد الفكرالديني إضافة إلى العادات والتقاليد التي تشجع على كثرة الإنجاب، وأرى أن الأزهر الشريف بما يستحوذ من ثقة كبيرة في نفوس المصريين قادرعلى تجديد أمورِ الدِّين بما يواكب مستجدات الحياة وتحقيق مصالح الناس في مختلف المجالات وخاصة فيما يخص تجديد الفكر الديني وتصحيح المفاهيم الخاطئة ومِن بين تلك المفاهيم كثرة الإنجاب بزعم أن الأطفال عزوة لأن ذلك قد يتحول إلى نقمة خصوصاً إذا لم يحسن الأب تربية أبناءه إذ يتعين عليه مراعاة عدة محددات فيما يتعلق بعدد الأولاد والإنجاب، مثل القدرات المالية والظروف الاجتماعية والصحية وهل تسمح بإنجاب عدد كبير من الأطفال أم لا فالعبرة ليست بكثرة إنجاب الأطفال، إنما بحسن تربيتهم وتعليمهم بما ينفعهم ويفيد وطنهم لتحقيق التقدم والرفاهية.
وأقول لكم، إن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، شهد مراسم توقيع 5 مذكرات تفاهم خلال قمة منتدى التعاون الصينى الأفريقى، بهدف الاستفادة من التجربة الصينية، تستهدف تعزيز التعاون فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بين مصر والصين، عبرإنشاء 3 مصانع لتصنيع كابلات الألياف الضوئية ومعدات الاتصالات و3 مراكز لتصدير خدمات التعهيد بطاقة 800 فرصة عمل فى مجالات تصميم الدوائر الإلكترونية وتطوير البرمجيات والبحث والتطوير فى الشبكات الضوئية وتكنولوجيا التحول الأخضر وأشباه الموصلات وإنشاء صندوق استثمارى تكنولوجى بحجم 300 مليون دولارومركز بيانات و4 مراكز ومعامل لتدريب وبناء قدرات أكثر من 3250 متخصصاً، وأرى أن إنطلاق العلاقات المصرية الصينية مع قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1949 ونجاح ثورة يوليو 1952 في مصر، أدى إلى تلاقي إرادة قيادة الدولتين في الدفاع عن قضايا العالم الثالث مع إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 30 مايو 1956 لتكون بذلك مصرأول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين وشهدت العلاقاتات بين الدولتين تطوراً مستمراً في كافة المجالات خلال السنوات الماضية، حتى وصلت الاَن إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية ما يؤكد رغبة مصر في نقل التجربة الصينية الملهمة لكن يتعين علينا الاستفادة من جميع جوانبها خصوصاً الاجتماعية منها لبناء مجتمع جديد قادرعلى تغييرالعادات والتقاليد والمفاهيم القديمة.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف