الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم بوتين يُغير «العقيدة النووية».. وأوروبا تستعد لـ «نهاية العالم»
بوتين يُغير «العقيدة النووية».. وأوروبا تستعد لـ «نهاية العالم»

يأبي الرئيس الأمريكي جو بايدن مغادرة البيت الأبيض قبل أن يشعل الحروب في العالم من خلال دعم إسرائيل لمواصلة المعارك في غزة ولبنان واليمن والعراق وسورية، فيما أجاز لأوكرانيا ضرب العمق الروسي بصواريخ «أتاكمز» الأميركية بعيدة المدى،فضلاً عن إرسال ألغام مضادة للأفراد إلى كييف للمرة الأولى، ما يمهد لمرحلة جديدة من الصراع في أوروبا وحرب عالمية ثالثة في وجه الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي سيتسلم السلطة رسمياً في 20 ينايرالمقبل، ونشرنجل ترامب الأكبر، جونيوردونالد ترامب، تغريدة على «منصة x» بعد الإعلان عن قرار بايدن، قائلاً:«يبدو أن المجمع الصناعي العسكري يريد التأكد من بدء الحرب العالمية الثالثة قبل أن تتاح لوالدي فرصة خلق السلام وإنقاذ الأرواح»، إن هذه الكلمات رغم بساطتها إلا أنها تبين أن من يديرالولايات المتحدة الأمريكية،الدولة العميقة الممثلة في المجمع الصناعي العسكري الذي يشعل الحروب في العالم، وسرعان ما نفذ الرئيس الأوكراني تعليمات بايدن بعد مضي 1000 يوم على الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ ضرب الجيش منطقة براينسك الروسية الحدودية بصواريخ «أتاكمز» في هجوم يعد الأول من نوعه منذ بدء الحرب، فيما هددت موسكو مجدداً باستخدام أسلحة نووية رداً على ذلك، ما يفتح أبواب الحرب العالمية على مصراعيها، إذ أعلن الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف، أن سماح الرئيس الأميركي جو بايدن لكييف باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية، من شأنه أن «يصب الزيت على النار» في النزاع بأوكرانيا.

وجاء الرد سريعاً من الرئيس الروسي فلاديميربوتين، إذ وافق على تغييرأسس سياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي عبرتغييرالعقيدة النووية، وجاء في الوثيقة التي وقعها إن سياسة الدولة في مجال الردع النووي دفاعية بطبيعتها، وتهدف إلى حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وردع إي عدوان محتمل على روسيا الاتحادية و(أو) حلفائها، كما تسمح التعديلات الجديدة باستخدام الأسلحة النووية في مواجهة دولة غير نووية لكنها تحصل على دعم دولة نووية، لأنه سيعتبرهجوماً مشتركاً على الاتحاد الروسي، وأضافت أن التعديلات إمكانية أن ترد روسيا بأسلحة نووية في حال وجود تهديد خطيرلسيادتها ولو بأسلحة تقليدية، وفي حالة الإطلاق الهائل للطائرات العسكرية وصواريخ كروزوالطائرات بدون طياروغيرها من الطائرات وعبورها الحدود الروسية، وأدى توقيع بوتين على تغييرالعقيدة النووية المحدثة إلى حالة من القلق في أوروبا إذ أعلنت السويد وفنلندا،عن استعداداتهما لاحتمال اندلاع حرب نووية تؤدي لنهاية العالم، وأرسلت الجهات المعنية في الدولتين منشورات تحث مواطنيهما على الاستعداد لمواجهة هذا الاحتمال،إضافة إلى إصدار أدلة محدثة للاستعداد المدني، تتضمن تعليمات حول كيفية البقاء على قيد الحياة في حالات الحرب والجحيم النووي،إذ بدأت السويد في إرسال نحو خمسة ملايين كتيب إلى مواطنيها، تحثّهم فيها على الاستعداد لاحتمال وقوع حرب مدمرة، فيما أطلقت فنلندا المجاورة موقعاً إلكترونياً يتضمن نصائح مشابهة في خطوة مماثلة، وكذلك الدانمارك وجاءت هذه التحركات في أعقاب التوترات الأمنية المتزايدة في المنطقة ما أصاب أوروبا بالتوتر، إذ تخلت السويد وفنلندا عن الحياد العسكري بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وانضمتا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومنذ ذلك الحين، تتبنى الدولتان سياسة تحضّ المواطنين على الاستعداد لمواجهة التهديدات الأمنية، ويتضمن الكتيب السويدي الذي يحمل عنوان «في حالة الأزمات أو الحرب» والذي أرسلته هيئة الطوارئ المدنية السويدية، مجموعة من النصائح العملية لمواجهة الأزمات المحتملة، سواء كانت حروباً أو كوارث طبيعية أوهجمات إلكترونية، إذ بعثت إلى 5.2 مليون منزل في السويد، كما سيكون بإمكان المواطنين الاطلاع على الكتيب إلكترونياً بالكثيرمن اللغات، بما في ذلك العربية، والفارسية، والأوكرانية، والبولندية، والصومالية والفنلندية، كما أطلقت فنلندا التي تمتد حدودها مع روسيا على مسافة 1340 كيلومتراً، موقعاً إلكترونياً يقدم نصائح حول كيفية الاستعداد للحرب المحتملة التي تهدد بنهاية العالم.

في السابع عشر من ينايرعام 1961، ألقى الرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاورخطاب رحيله عن الرئاسة، وقال فيه إن على الأميركيين أن يأخذوا حذرهم من «المجمع الصناعي العسكري» الذي يزداد نفوذه في أعقاب الحرب العالمية الثانية في كل مناحي الحياة، ويؤثر في القرارات المصيرية للأميركيين والعالم، لكن مخاوف أيزنهاوركانت أقل كثيراً مما صار إليه الأمرالاَن، فإذا كان الرئيس الأسبق تحدث بداية الستينيات عن «مجمع صناعي عسكري» يمكن أن يقود بلاداً بأكملها إلى حروب كي يحافظ على مكاسبه، فما الذي يحدث الآن في ظل الحروب المنتشرة في العالم خصوصاً حرب الإبادة في غزة التي يقودها أثرياء الدم بعد 63 عاماً من خطاب اَيزنهاور، الذي أظهرأن من يحكم أمريكا ويحدد سياستها الداخلية والخارجية، هم رجال الأعمال الذين يمتلكونه، لكن السؤال كيف يسيطر« تجارالسلاح »، على قرار الرئيس الأمريكي؟ والإجابة تتخلص في أن المجمع يحصل على الجزء الأكبرمن الميزانية الفيدرالية، إذ إن إجمالي الإنفاق العسكري السنوي الأمريكي أكبربكثيرمما يتخيل معظم البشر، ويصل إلى نحو ( 1.500.000.000.000 دولار) أي 1.5 تريليون دولار، 1500 مليار دولار،على أبحاث وتصنيع السلاح ولذا فأن «المجمع الصناعي العسكري»، يهمه إشعال الحروب في العالم لا إطفائها ليحقق مكاسب تفوق ما ينفقه، ولذا فإن هذا الرقم الكبيروغيرالمعقول لا يتناسب على الإطلاق مع التهديدات العسكرية التي تواجه الولايات المتحدة، والغريب أن ما ينفقه المجمع وهو تريليون ونصف التريليون دولار، يُعادل ضعف ما ينفقه الكونغرس سنوياً على كافة الأغراض غير العسكرية في أمريكا .

لم تكن الكلمات التي كتبها جونيورترامب مجرد تويته على منصة إكس، بل تشخيص للحالة التي تعيشها أمريكا والعالم حالياً وتؤكد سيطرة تجارالسلاح على الحروب في العالم ورغبتهم في استمرارها لتحقيق المكاسب والأرباح، وهو ما تأكد في أكتوبر2023، عندما خاطب الرئيس الأميركي جو بايدن شعبه متحدثاً عن الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مشيداً بصناعة السلاح الأميركية التي تقود هذه الصراعات، وترسانة الأسلحة الأمريكية التي وصف إياها بأنها تحمي الديمقراطية وتمهد السبيل للحرية، وفق وصفه، وهو لا يعدوأن يكون ذراً للرماد في العيون ولي ذراع الحقيقة وتغييرانتباه الشعب الأمريكي عن جني المجمع العسكري أرباحا طائلة جرّاء الحروب والصراعات العالمية من دماء الأثرياء، إلى التركيز على تفاني الموظفين والعمال القائمين على تصنيع تلك الأسلحة، ولم يعبأ بالإبادة الجماعية للنساء والأطفال والشيوخ غي غزة ولبنان التي تُستخدم فيها الأسلحة الفتاكة الحديثة لأول مرة لتجريب قوتها التدميرية في قتل الأبرياء، وهذا يتوافق مع ما أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية في مارس الماضي أن مبيعات المعدات العسكرية الأمريكية للحكومات الأجنبية في عام 2023 ارتفعت إلى مستوى قياسي بنسبة 16% إذ بلغت 238 مليار دولار خلال عام واحد، وهو ما يثبت رغبة المجمع العسكري في استمرارالحروب في غزة ولبنان فضلاً عن الحرب الروسية الأوكرانية، علماً بأن الشرق الأوسط أكبرمستورد للسلاح في العالم، إذ كشف معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام في تقرير صادرعنه العام الجاري أن صادرات الولايات المتحدة من الأسلحة نمت بنسبة 17٪ بين عامي 2014-2018 و2019-2023، وارتفعت حصتها من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية من 34% إلى 42% وقد سلمت الولايات المتحدة أسلحة كبيرة إلى 107 دول في الفترة ما بين 2019 و2023، وذكر التقريربأنه في الفترة ما بين 2019 و2023، ذهبت الحصة الأكبرمن صادرات الأسلحة الأمريكية إلى دول الشرق الأوسط (38٪)، فيما كانت هذه النسبة في الفترة ما بين 2014 و2018 نسبة 50%.

إذن لماذا تطلب أمريكا من إسرائيل وقف الحرب وهي المستفيد الأول من استمرارها؟ والإجابة أن واشنطن تجني ثمار الحروب وتعمل على تنمية المجمع الصناعي الذي ينفق تريليون ونصف التريليون سنوياً على أبحاث تطويرالأسلحة وبيعها، خصوصاً أن إعلان واشنطن رفع القيود الأمريكية التي منعت كييف سابقاً من استخدام الصواريخ الغربية بعيدة المدى لاستهداف مناطق في العمق الروسي، ما يزيد من التوقعات المتشائمة حيال مستقبل الصراع في أوروبا، إذ أعلن مسؤولون من روسيا أن هذا القراريمهد لاستخدام روسيا للسلاح النووي، خصوصاً أن قراربايدن يشمل تقديم دول غربية دعماً لكييف في العمليات العسكرية ما يمهد لحرب عالمية ثالثة، فيما رأت أوساط روسية أن إدارة الرئيس الأمريكي تسعى إلى وضع عراقيل صعبة أمام أي خطوات يمكن أن يتخذها الرئيس المنتخب دونالد ترمب فور توليه منصبه رسمياً في 20 ينايرالمقبل لإنهاء الحرب، بعد أن أعلنت مصادر دبلوماسية أن واشنطن «أبلغت الرئيس فولوديمير زيلينسكي بقرارها قبل أيام»، وقال الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف، إن سماح الرئيس الأميركي لكييف باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية، من شأنه أن «يصب الزيت على النار» قبل رحيله من البيت الأبيض ما يؤدي لمزيد من التوتر حول الصراع الروسي الأوكراني، خصوصاً أن بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى، بما في ذلك صواريخ من طراز«أتاكمز» لضرب عمق الأراضي الروسية، فيما قالت مصادرأن بايدن اتخذ هذه الخطوة بعد ورود تقارير عن «وصول أفراد عسكريين من كوريا الشمالية إلى منطقة كورسيك».

لم يكن غريباً أن يتهم جونيوردونالد ترامب الإبن، الرئيس الأمريكي جو بايدن في التويته نفسها بمحاولة بدء الحرب العالمية الثالثة قبل أن يتمكن والده من تولي منصبه متهماً الصناعات العسكرية الأمريكية بالسعي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة، على خلفية قراربايدن بالسماح لكييف باستخدام صواريخ «أتاكمز» ضد روسيا، بهدف كسب تريليونات الدولارات، بعد أن أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لأوكرانيا لقصف العمق الروسي من خلال ضرب أهداف داخل روسيا بصواريخ بعيدة المدى مقدمة من الولايات المتحدة، السؤال الاَن هل ستتمكن تلك الصواريخ من تغيير مسار الحرب الروسية الأوكرانية؟ أرى أن هذا القرار يمثل تحولاً إستراتيجياً في السياسة الأمريكية قبل شهرين من مغادرة بايدن منصبه في البيت الأبيض، وقد يكون رداً على تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالحد من الدعم الأمريكي لأوكرانيا وإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن أثناء حملته الانتخابية، خصوصاً أن السماح باستخدام الصواريخ الأمريكية لضرب عمق الأراضي الروسية سيعني مشاركة الناتو في الصراع مع روسيا بشكل مباشرما سيؤدي لتوسعة الحرب إذ يصل مدى صواريخ ATACMS نحو 190 ميلاً، واعتبرها بايدن رسالة إلى الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون، لحثه على عدم إرسال المزيد من الجنود لموسكو.

أثبتت القمة العربية الإسلامية التي عقدت بالرياض أخيراً أنها ليست عادية أوعابرة بل يمكن وصفها بـ «التاريخية والمصيرية» لأنها جاءت في وقت خطيرسيحدد مصيرمنطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، والتداعيات المتوقعة لها خصوصاً بعد وصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، ولذا جاءت رسائل القمة واضحة لتعبرعن موقف واحد لهذه الدول وتأكيد على تبنيها لموقف واحد لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بعد سنوات من فقدان الثقة وعدم التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، ويمكن القول أن الرسائل التي أعلنت عنها القمة في نهايتها جاءت مباشرة لجميع الأطراف المؤثرة في الصراع وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً مع تشكيل ترامب إدارة جديدة تتسلم مسؤولياتها في 20 ينايرالمقبل، ولذا أكد البيان الختامي للقمة على القرارات التي صدرت عن القمة المشتركة الأولى التي عقدت في نوفمبرالعام الماضي، وفي مقدمتها تجديد «التصدي للعدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة ولبنان، فضلاً عن إنهاء تداعيات العدوان على المدنيين، ومواصلة التحرك بالتنسيق مع المجتمع الدولي لوضع حد للإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني، وتعريض إسرائيل السلم و والأمن الإقليميين والدوليين لـ الخطر
.
وأقول لكم، إن الرؤساء والملوك والقادة الذين يمكن وصفهم بـ «حمائم العرب» لرغبتهم الصادقة ونياتهم العاقلة أكدواعلى ضرورة إطفاء نيران الحروب وإحلال السلام، من خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، ومن توسع العدوان الذي امتد ليشمل لبنان واليمن من انتهاك سيادة العراق وسوريا وإيران دون تدابيرحاسمة من الأمم المتحدةوبتخاذل من الشرعية الدولية، مشددين على على أهمية الموقف العربي والإسلامي الموحد في المساعدة على الوصول لحلول لأزمات المنطقة، وسط إجماع عدد كبير من دول العالم على أن «حل الدولتين» يعتبربمثابة خريطة طريق لإنهاء كل صراعات المنطقة باعتباره الطريق الوحيد للسلام المستدام لحتمية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعمل على تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وضرورة إيجاد الحلول الجذرية لحقن الدماء في غزة وإيقاف دبابات الحرب والعمليات العسكرية في لبنان، وأهمية رسم مسار سياسي سلمي يحدُ من التداعيات الدموية والنزيف البشري وتهديد الإقليم والعالم، وضوح المسار والتوجه وقوة الرسالة عبّرت عن القيادة الحكيمة للقمة، وبما جعل كثيرين في الغرب والشرق يغيرون مواقفهم تفاعلا مع الاتفاقات الكاملة التي ظهرت في القمة وبما سيكون ذا أثر كبير على مسار القضية الفلسطينية وقبل ذلك حقن دماء الفلسطينيين واللبنانيين، بالتزامن مع تنامي أصوات دول مؤثرة في الغرب تقاوم العنف والاحتلال وتطالب بقوة بوضع حد للعدوان الإسرائيلي.

أحمد الشامي

Aalshamy6610@ yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف