احمد الشامى
أقول لكم سورية على خط النار.. حرب لـ «تقسيمها وتفتيت دول المنطقة»
سورية على خط النار.. حرب لـ «تقسيمها وتفتيت دول المنطقة»
من يقاتل من في سورية؟ لماذا عادت الحرب الأهلية بعد سنوات من الهدوء وبعد يومين فقط من الإعلان عن هدنة لوقف النارفي لبنان؟ كيف ظهرت الفصائل الإرهابية المسلحة فجأة واستولت على حلب وتقاتل من أجل السيطرة على إدلب وحماه؟، أسئلة كثيرة تبدوأنها دون إجابة بعد أن ظل الوضع هادئاً سنوات وتعالت أصوات المطالبين بإعادة اللاجئين إلى وطنهم، لكن المتابع لأحداث الحربين في غزة ولبنان وحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوالمتكررعن تغييروجه الشرق الأوسط وعرضه خرائط إسرائيل الكبرى في المحافل الدولية يستطيع حل كل هذه الألغاز بسهولة لأنه يعلم أن مياهً كثيرة جرت من تحت الجسوروثمة تحالفات قد تجددت في السر بين أمريكا وإسرائيل من ناحية وهؤلاء المسلحين من جانب اَخر، الذين جلبتهم الدول الغربية من أفغانستان بعد إنسحاب الاتحاد السوفيتي منها وهم ينتمون لتنظيم القاعدة، لإقامة شبة دولة على الأراضي السورية والعراقية، ولذا كانت الحرب في سورية متوقعة لمن يستطيع ربط الأحداث ببعضها، إذ كان هجوم الفصائل الإرهابية المسلحة والتي تطلق على نفسها «هيئة تحرير الشام»على مدينة حلب يوم 29 نوفمبرالماضي بتكليفات أمريكية إسرائلية لفصائل العنف محاولة لإجبارالرئيس السوري بشارالأسد على فك الارتباط مع إيران وطرد ميليشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني من بلاده بعد أن شكلت تهديداً مباشراً على إسرائيل في لبنان وسورية والعراق وأصبح وجودها خطراً على بقاء إسرائيل، وهذه المرة الأولى التي يسيطر فيها الإرهابيون على المدينة منذ عام 2016 عندما انتصرت القوات الحكومية السورية بدعم من روسيا وإيران، كما سيطرت الفصائل نفسها على أراضٍ في محافظة حماة، ويمثل هذا التحرك من الفصائل أخطر تصعيد للصراع منذ اندلاع الصراع عام 2011 وأدى لنشوب حرب أهلية وهروب ملايين السوريين إلى تركيا وأوروبا وبعض الدول العربية، وبلغ عدد النازحين أكثر من نصف سكان سورية الذين كان عددهم 24 مليون نسمة قبل الحرب، وأدى الصراع المشتعل إلى فرارالملايين إلى الخارج كلاجئين وكان يستهدف إسقاط نظام الأسد، لكن هذه المرة الهدف من الحرب مختلف وهولا يستهدف إسقاط النظام فقط بل محاولة لـ «تقسيم سورية وتفتيت دول المنطقة».
تطلق الفصائل الإرهابية التي تحارب نظام الرئيس بشارالأسد، على نفسها المعارضة المسلحة أو«هيئة تحريرالشام» لكن في حقيقة الأمريسجل تاريخ هذه الجماعات الدموي أنها ليست معارضة سياسية بناءة وليس لها علاقة بالمدنية أو التحضرأوالعمل السياسي لتحرير أي دولة بل أنها عدة جماعات إرهابية كانت تُعرف سابقاً باسم جبهة النصرة وتمثل الجناح الرسمي ﻟ «تنظيم القاعدة» في الحرب السورية وتتركزفي منطقة إدلب، كما تعرف باسم تنظيم تحريرالشام، وهيَ جماعة سلفية جهادية إرهابية ما زالت تُشارك في الحرب الأهلية السورية، بعد أن تشكلت عام 2017 من خلال اندماج خمس جماعات مسلحة هي جبهة فتح الشام، وحركة نورالدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة، كما تضم الهيئة مجموعة منَ الجماعات الأخرى وعدداً من الأفراد والمُقاتلين من سورية وخارجها حتّى صارت قوة رئيسة في الصراع خصوصاً بعدما انضمّ لها عناصرمن حركة أحرارالشام التي تُعد جماعة سلفية أيضاً، ولذا يطلق كثيرون على الهيئة جبهة النصرة أوفتح الشام، على الرغم من الاندماج وتغييرالأسم، وتعتبربعض الدول هيئة تحرير الشام بزعامة أبو محمد الجولاني، فرع تنظيم القاعدة في سوريا خاصّة أنها لا زالت تحتضنُ عدداً من القيادات والشخصيات الذين كان لهم دورٌ مهم في نشرِفكرتنظيم القاعدة الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط وبالخصوص في سوريا والعِراق، وكانت الهيئة تتلقى دعماً من الدول الغربية أثناء حكم الرئيس باراك أوباما الذي شغل منصب الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة من20 يناير 2009 وحتى 20 يناير 2017 وهو الذي قدم لهم الدعم للإعلان عن الدولة الإسلامية في العراق والشام وتشكَّلت بالفعل خلال الفترة الممتدة بين2014 و2017 شبه دولة غيرمعترف بها دولياً بعد أن تأسست بإعتبارها فرع تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، ويهدف أعضاؤها وفق زعمهم إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، لكن التنظيم نشرالعنف باستخدام الذئاب المنفردة التي إرتكبت جرائم إرهابية في العالم من الشرق الأوسط إلى أمريكا وأوروبا، وتشيربعض التقارير إلى أن عدد عناصر هيئة تحرير الشام يقدّر بنحو 10 آلاف مقاتل وفقاً لتقريرصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2022، بيد أن خبراء يقولون إنه يصعُب التحقق من مدى دقة هذه الأرقام أو طبيعة توزيعها بين الألوية، وعلق الرئيس السوري بشار الأسد، على اندلاع الصراع مجدداً بأن ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافاً بعيدةً في "محاولة تقسيم المنطقة" و"تفتيت دولها" وإعادة رسم الخرائط من جديد، وفقاً لمصالح وغايات أمريكا والغرب.
تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات، خلال اجتماع لمجلس الأمن،عقد أخيراً، بدعم "الإرهاب"، على خلفية التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا، إذ قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن الدور الروسي"يتضح جلياً في العديد من الصراعات الدائرة حول العالم، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش السوري يشنّ "هجوماً معاكساً" في محافظة حماة في وسط سوريا، تمكن خلاله من إبعاد الفصائل المعارضة المسلّحة التي حققت تقدما واسعا في شمال البلاد إثر هجوم بدأ الأسبوع الماضي، ورغم أن الهدف المعلن لاندلاع القتال السعي لإسقاط النظام السوري، لطرد عناصر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللذين يمثلان تهديداً لإسرائيل خصوصاً مع اتهامهما بتوصيل أسلحة للمقاومة في لبنان إلا أن الحقيقية تعني أن غياب الأسد سيكون بديلة تنظيمات إرهابية تتحرك في المنطقة بريموت كنترول تحتفظ به إسرائيل وأمريكا ومن الممكن أن يكون ذلك بداية لمحاولة هذه التنظيمات التوسع في المنطقة لتحقيق الأحلام الإسرائيلية في الإستيلاء على أراض عربية وفق خطة نتنياهو والخرائط التي عرضها مرراً وتكراراً، لكن هذه التنظيمات قد تكون خطراً على إسرائيل وأمريكا ومصالحهما في المنطقة وهو ما دفع أمريكا لتكوين تحالف دولي للقضاء على هذه التنظيمات في سورية والعراق بعد أن طالت أمريكا وأوروبا نيران الإرهاب ووصلتهما الذئاب المنفردة ونفذت عمليات إرهابية كلفتهما الكثير، كما أن هناك سبب خفي لهذه الحرب وهو محاولة ضغط أمريكا على روسيا في ملف أوكرانيا وأن يكون ترك الأسد رئيساً مقابل تنازلات روسية في أي اتفاق صلح قادم في كييف لوقف الحرب في أوروبا بعد أن باتت تهدد بحرب عالمية ثالثة، خصوصاً أن الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ودول أخرى تصنف «هيئة تحرير الشام» منظمة إرهابية، فيما يحظى تحالف من الفصائل يطلق عليه «الجيش الوطني السوري» بدعم تركيا التي تحتل أراض شمال سورية بزعم حماية أراضيها من هجمات إرهابية لتنضم إلى روسيا وأمريكا اللتين تحتلان أراض في الشمال.
سورية على خط الناربحسب الوضع على خطوط الجبهة منذ سنوات الذي ينذربتقسيم سوريا وهو الوضع على الأرض الاَن إذ تنقسم إلى مناطق تنتشر فيها قوات أجنبية على الأرض، ولدى روسيا وإيران نفوذ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، فيما تنشرالولايات المتحدة قوات في الشمال الشرقي والشرق لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد، وتنشر تركيا قوات على الأرض في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه فصائل مسلحة، لكن ميزان القوى الإقليمية اهتز بسبب الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران والجماعات المسلحة التي تدعمها طهران منذ أكثر من عام بقيادة جماعة «حزب الله» اللبنانية تحديداً، المدعومة من إيران، فيما قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على شبكة «سي إن إن»، إن محاولة الفصائل استغلال الوضع الجديد ليست مستغربة وسط تعرّض الداعمين الرئيسيين للحكومة السورية، إيران وروسيا و«حزب الله»، للضعف والتشتيت بسبب الصراعات الإقليمية وحرب أوكرانيا، وكان الوضع قد استقرعلى نطاق واسع في شمال غرب سوريا منذ عام 2020 بسبب اتفاق بين روسيا وتركيا التي عبرت عن زيادة إحباطها من عدم توصل الأسد إلى اتفاق مع الفصائل لإنهاء الصراع، وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الأسد والفصائل بحاجة إلى التوصل إلى تسوية، ومن المخاوف التركية الرئيسية، القوة التي تتمتع بها جماعات يقودها الأكراد في سوريا وهذه الجماعات متحالفة مع الولايات المتحدة لكن تركيا تعدها إرهابية لمحاولتها إقامة دولة كردية مستقلة على أراض من تركيا وسورية والعراق وهو ما ترفضه أنقره فيما أكدت روسيا وإيران دعمهما للحكومة السورية، خلالَ الحربِ الأهليةِ في سوريا (2011 - 2018)، كانتْ إيرانُ مع روسيا الوحيدتينِ الواقفتينِ عسكرياً واقتصادياً مع دمشق، أما الاَن فهناك مطالبة بإنهاءِ الوجودِ الإيرانيّ في سورية لإبعاد الحرس الثوري وحزب الله من سورية وهو ما ترفضه إيران التي تعتبر حربَ سورية من تداعياتِ حربِ غزةَ ولبنان، إذ بدأ الهجومُ بعد يومين من اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النَّار في لبنان، ولذا عرضت إيران على دمشقَ مدَّ يدِ العونِ عسكريّاً لها وكذلك أعلنت موسكو وبكينُ تضامنَهما مع الأسد باستثناء أنقرةَ وواشنطن اللتين وضعتَا اللَّومَ على الحكومةِ السوريةِ بأنَّها المتسبّبُ وطالبتَا بالتَّفاوضِ لحسمِ القضَايا العالقة، فيما وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلاً إن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا مهدت الطريق» لهجوم الجماعات المسلحة.
وفي سياق ذي صلة باندلاع الحرب في سورية، حذرالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حركة حماس، من "جحيم" في الشرق الأوسط في حال لم يتم إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير، وقال في منشور على موقع "تروث سوشيال " Truth Social، "إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيما في الشرق الأوسط، وسوف يدفعه المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية، سيتضرر المسؤولون أكثرمن أي شخص آخر في التاريخ الطويل والحافل للولايات المتحدة الأميركية"، وأضاف "أطلقوا سراح الرهائن الآن،" وظني أن ترامب نسى تعهده أثناء الانتخابات بوقف الحرب وإقرار السلام وبدلاً من مطالبة إسرائيل بوقف الناروإعطاء فرصة للمفاوضات لعقدصفقة تبادل يهدد حماس التي أبدت مرونة كبيرة لإنهاء القتال لوقف إراقة دماء الفلسطينيين الأبرياء بعد أن زاد عدد الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ إلى ما يزيد على 44 ألف مواطن وما يزيد على 100 ألف مصاب، وجاء تهديد ترامب بعد ساعات من تأكيد الحكومة الإسرائيلية وفاة عومر نيوترا، الذي يحمل جنسية مزدوجة أميركية إسرائيلية، والذي يعتقد أن حماس لا تزال تحتجز جثته في غزة، وفقاً للحكومة الإسرائيلية فضلاً عن إعلان حركة حماس مقتل 33 أسيراً إسرائيلياً محتجزين لديها، معظمهم قضوا بقصف الجيش الإسرائيلي لمناطق مختلفة من قطاع غزة منذ أكتوبر عام 2023، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تل أبيب مستعدة لعقد صفقة بشأن قطاع غزة، دون استبعاد "انسحاب جزئي" من محور فيلادلفيا، وهو إحدى النقاط الخلافية التي تحول دون التوصل لصفقة مع فصائل المقاومة، وقد أظهر استطلاع رأي أنجزته القناة 12 الإسرائيلية أن 71% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب في غزة مقابل إبرام صفقة تبادل أسرى، كما أظهر الاستطلاع أن 56% من مؤيدي كتلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤيدون إبرام صفقة تبادل.
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية أكبرمظاهرللفساد والمحسوبية في تاريخها داخل البيت الأبيض لم تشهد مثله منذ عشرات السنين، إذ أصدر الرئيس الأمريكى، جو بايدن، عفواً رئاسياً عن نجله «هانتر»، الذى أقر بالذنب فى سبتمبر الماضى، فى 9 تهم موجهة إليه متعلقة بقضية التهرب الضريبى الفيدرالى، وذلك وفقاً لما أعلنه البيت الأبيض، فيما اعتبر الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب القرارإساءة وإجهاضاً للعدالة، مشيراً إلى أن القرار يمثل استغلالاًسياسياً للنظام القضائى، وكشفت تعيينات ترامب لفريقه بالبيت الأبيض عن فساد أيضاً وفق وسائل إعلام أمريكية، بعد أن اختار مسعد بولس، حما «تيفانى»، ابنة ترامب، مستشاراً للشؤون العربية والشرق الأوسط، ضمن سلسلة تعيينات أثارت الجدل لقربها من عائلته ودائرته المقربة، وتزامن تعيين «بولس» مع اختيار ترامب، تشارلز كوشنر، حما ابنته الثانية، سفيراً للولايات المتحدة فى فرنسا، ويعكس هذا التعيين استمرار ترامب فى منح المناصب لشخصيات قريبة من عائلته أو الدائرة المحيطة به ما جعل البعض يصفون الولايات المتحدة التي تتشدق بالديمقراطية بأنها أصبحت المملكة الأمريكية.
رغم الحروب التي تشتعل في منطقة الشرق الأوسط وعلى حدود مصر الشرقية والجنوبية والغربية إلا أنها تواصل إقامة مشروعات قومية تنقل مصر إلى المستقبل، إذ تسيرمصربخطى ثابتة نحو تحقيق الحلم النووي بعد أكثرمن 70 عاماً من إنطلاق الفكرة التي واجهت الكثير من الصعوبات بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية والتقنية فى ظل استراتيجية الدولة لتنويع مصادر الطاقة، بعد أن أصبح توليد التيار من خلال محطات تعمل بالغازوالمازوت مكلفاً جداً، إذ انتهت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، من تركيب «مصيدة قلب المفاعل» للوحدة النووية الرابعة في محطة الضبعة بالتعاون مع الجانب الروسي والتى يكتمل بها تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدات الأربع بمحطة الضبعة النووية، كأولى المعدات النووية طويلة الأجل تركيباً بوحدات المحطة، عقب وصولها عبرميناء «نوفوروسيسك»، وفق الجدول الزمني المخطط وهى عبارة عن مكون تقني متقدم تم تصميمه لتحسين الأمان النووي في حالات الطوارئ، إذ تضمن إحتواء المواد المشعة ومنع انتشارها خارج المفاعل، على أن تكتمل تجهيزات جميع وحدات محطة الضبعة الأربعة، لتصبح جاهزة للتشغيل وفقًا لأعلى معاييرالأمان الدولية، ويأتي هذا الإنجاز بالتزامن مع الاحتفال بذكرى توقيع الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا لبناء وتشغيل أول محطة نووية، ويعتبرتركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة إنجازاً بارزاً يعكس التزام مصربتطوير مصادرطاقة مستدامة وآمنة، إذ يمثل الحدث خطوة متقدمة نحو اكتمال أول محطة للطاقة النووية على الأراضي المصرية، بما يسهم في تعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في مجال الطاقة النووية بالمنطقة وتحول الحلم النووي إلى حقيقة.
تاريخ البرنامج النووي المصري حافل بالاخفاقات على مدى 70 عاماً إذ بدأ في عام 1954 عندما تم إنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث حمل اسم مفاعل البحث والتدريب التجريبي-1 (ETRR-1) و في عام 1958 أعلن الرئيس جمال عبد الناصرعن افتتاح المفاعل في أنشاص بالشرقية، وتوالت المحاولات عام 1955 عندما تم تشكيل «لجنة الطاقة الذرية» برئاسة رئيس الجمهورية، وفي يوليومن العام التالى تم توقيع عقد الإتفاق الثنائى بين مصر والإتحاد السوفييتى بشأن التعاون في شئون الطاقة الذرية وتطبيقاتها، وفي سبتمبر من العام نفسه وقعت مصرعقد المفاعل النووى البحثى الأول مع الاتحاد السوفيتى بقدرة 2 ميجاوات (أُطلق عليه اسم مفاعل أنشاص وتقرر في العام التالى تحويل «لجنة الطاقة الذرية» إلى «مؤسسة الطاقة الذرية» ودخل مفاعل أنشاص الخدمة في سنة 1961 كان من المقرر سنة 1964 أن يُنتج المفاعل 150 ميغاواط على أن يصل إلى 600 ميجاواط بحلول عام 1974، وبعدها تأسست محطات طاقة نووية بسيطة 1976 وتبعها مفاعل نووي مهم في عام 1983 بمدينة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ولم تتمكن مصر من مواصلة برنامجها النووي بسبب مشكلات الاقتصاد والضغوط الخارجية عليها.
كانت لحظات تاريخية عندما شهد الدكتورمصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أخيراً وقائع حية لتركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة، موجهاً بالاستعداد والترتيب لزيارة موقع محطة الضبعة النووية فى يناير المقبل، وذلك بحضور المدير التنفيذى لهيئة الدولة للطاقة النووية الروسية (شركة روسآتوم)، إليكسى ليخانشوف، وأكد «مدبولى» خلال اجتماع عقده لمتابعة تنفيذ الالتزامات الحكومية بمشروع الضبعة النووى، ضرورة الالتزام بما تم التوافق عليه مع شركة «روسآتوم»، بما يُسهم فى تنفيذ مراحل المشروع وفق الجداول الزمنية المُحددة، وشدد على ضرورة تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع محطة الضبعة النووية دون أى تأخير، مؤكداً التزام الحكومة بالتعاون مع الجانب الروسى بإنجاز المرحلة الأولى، وفقاً للبرنامج الزمنى المُحدد للمشروع، الذى يُعد بمثابة هدف استراتيجى ومحورى للدولة، لما يسهم به من توفير طاقة نظيفة تخفض من انبعاثات الكربون، والذى يأتى فى إطار الجُهود المبذولة من الحكومة للتوسع فى الاعتماد على مزيج طاقة متنوع، وزيادة نسبة الطاقات المتجددة ضمن مصادر توليد الكهرباء، وكذلك تحقيق الاستقرار والاستمرارية للشبكة الموحدة وتحسين جودة الخدمات.
وأقول لكم إن مصرفقدت مصرالكثيرمن الخبراء والعلماء الذين اضطروا إلى السفرإلى الخارج بحثاً عن فرص عمل بعضهم انضم إلى برنامج العراق النووي وآخرون هاجروا إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية وجمدت مصر كل ما يتعلق بمخططاتها النووية بعد كارثة تشيرنوبيل، وفي عام 1992 حصلت مصر على 22 ميجاوات متعددة الأغراض من المفاعل البحثي ETRR-2 القادم من الأرجنتين في مارس 2008 ، وفي نوفمبر 2015 وقَّعت مصرعلى اتفاقات مبدئية مع الشركة النووية الروسية روساتوم من أجل بناء محطات الضبعة النووية، إذ يمثل تنفيذ المشروع تتويجاً لسنوات عديدة من الجهود المصرية لإدخال الطاقة النووية إلى مصرويهدف إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط PWR من الطراز الروسي VVER-1200 (AES-2006) بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، وتعتبر مفاعلات الماء المضغوط التي تم اختيارها هي أكثر أنواع المفاعلات شيوعاً وأماناً في جميع أنحاء العالم، ويبدأ تشغيل محطة الضبعة وفق الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، في بداية عام 2029 على أن تستمر دخول باقي الوحدات الأربع في عام 2030 المقبل.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com