احمد الشامى
أقول لكم هل يتراجع ترامب عن «التهجير»؟: «لا أحد يجبرسكان غزة على المغادرة»
هل يتراجع ترامب عن «التهجير»؟: «لا أحد يجبرسكان غزة على المغادرة»
هل يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لتهجيرسكان غزة بزعم إعادة إعمارالقطاع خالياً من حماس؟ إذ أدلى بتصريحات مفاجئة قال فيها «لا أحد يجبرسكان غزة على المغادرة»، ورغم أن تصريحات ترامب للصحفيين في البيت الأبيض جاءت خلال لقاء صحفي مشترك مع رئيس وزراء أيرلندا إلا أنها تحمل دلالات مهمة في ظروف بالغة التعقيد، وتعتبرالمرة الأولى التي يتراجع فيها ترامب عن خطته السابقة علناً، التي كانت تقضي بتهجيرنحو مليوني فلسطيني من القطاع، تمهيداً لإعادة الإعماروإقامة ما وصفها بـ «ريفيرا الشرق الأوسط »، إلا أن ترامب الذي اعتاد أن يدلي بتصريحات وعكسها إذ إن ما قاله يحتاج إلى مزيد من الوقت والقرارات لتأكيدها أونفيها، في ظل تواصل المفاوضات في القاهرة والدوحة بين إسرائيل وحماس برعاية أمريكية ودخول واشنطن على الخط وإجراء مباحثات مباشرة مع الحركة للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف النار وهو ما أثار قلق تل أبيب، إذ يسعى الوسطاء للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف النار في غزة، وسط رفض لخطة ترامب عربياً وعالمياً في مقابل سعي إسرائيل إلى تنفيذ هذا المخطط للقضاء على القضية الفلسطينية، وتابع الرئيس الأمريكي تصريحاته معلناً أن مفاوضين أمريكيين سيتوجهون إلى روسيا، لحث موسكوعلى قبول اقتراح وقف لإطلاق النار في أوكرانيا لمدة 30 تنفيذاً للوعود التي قطعها ترامب على نفسه أثناء الانتخابات الأمريكية بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة والقتال الدائر بين روسيا وأوكرانيا، فيما قال رئيس وزراء أيرلندا مايكل مارتن عقب لقاء ترامب في البيت الأبيض « نتطلع إلى الإفراج عن المحتجزين الإسرائليين وتحقيق السلام في غزة»، كما دعا إلى ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في ظل جهود الوساطة الدولية لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
على الرغم من أن تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول غزة تعد تراجعاً مبدئياً عن خطته بشأن تهجير سكان غزة من القطاع إلى دول الجوار، لكن إسرائيل لا تتوقف عن محاولات فرضها بأساليب جديدة وفق رؤية وزيرالمالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن أمام الكنيست عن تشكيل مجموعات ضغط برلمانية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، للعمل على تنفيذ خطة ترامب للاستيلاء على غزة و«ترحيل أهلها»، مع إجراء عملية توسيع ضخمة للاستيطان في الضفة الغربية، إذ تسعى إسرائيل إلى ترحيل خمسة اًلاف شخص يومياً بمعدل 7 أيام في الأسبوع لمدة عام كامل، أوعشرة اَلاف شخص يومياً لمدة 6 أشهر، وهو ما يعني أن ترحيل خمسة اَلاف شخص كل يوم طوال العام الذي يتكون من 360 يوماً، وتالياً تكون الحصيلة مليوناً و800 ألف فلسطيني أي ما يقرب من ثلثي سكان القطاع، وهو ما رفضته حماس والقمة العربية غير العادية التي عقدت في القاهرة 4 مارس الجاري واعتمدت خطة بديلة تقضي بإعادة إعمارغزة مع الإبقاء على قاطنيها دون تهجيرأو ترحيل، مع بدء مفاوضات المرحلة الثانية بين إسرائيل والحركة والتي ستسفرعن تحرير وتبادل الأسرى من قبل الطرفين، فيما تطالب إسرائيل بـ «نزع سلاح حماس» وخروج حماس وحلفائها من غزة وعودة الرهائن الإسرائليين وتنحي الحركة عن الحكم في قطاع غزة، لكن حماس اعتبرت المطلب الإسرائيلي بنزع السلاح خطاً أحمرلا يمكن قبوله وكذلك خروجها من غزة، فيما أبدت مرونة بشأن إسناد إدارة القطاع للجنة من التكنوقراط ما قد يؤثرعلى المرحلة الثانية من المفاوضات وتأخرالوصول إلى اتفاق، ونفت حماس طرح مقترح اعتزالها العمل السياسي ونزع سلاحها، مقابل هدنة طويلة الأمد تمتد بين 5 إلى 10 سنوات، مؤكدة أن الوفد الأمريكي طرح الفكرة لكنها رفضتها.
على صعيد متصل جاء حصد فيلم »لا أرض أخرى«، بجائزة أوسكارأفضل فيلم وثائقي طويل بمثابة ضربة للأحلام التوسعية الإسرائيلية وتذكيرللعالم بجذورالقضية الفلسطينية، ويعكس الفيلم حكاية شعب صامد وسكّان أصليين في مواجهة قوة تحاول اقتلاعهم من وطنهم وتهجيرهم خارجه، الفيلم إنتاج مشترك بين فلسطين والنرويج، من إخراج رباعي يتكون من الثنائي الفلسطيني باسل عدرا، وحمدان بلال، والثنائي الإسرائيلي يوفال أبراهام، وراحيل تسور، الذين تُعرف عنهم نشاطاتهم الداعمة للقضية الفلسطينية، يُعد بمثابة عمل مقاوم لنقل معاناة الفلسطينيين في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، إذ يوثق الفيلم التهجيرالقسري في منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية، التي نشأ فيها الأول، ويعرض الفيلم على مدار 95 دقيقة ممارسات الهدم والتهجيرالتي قامت بها سلطات إسرائيل ضد سكان منطقة مسافريطا منذ عام 2019 وحتى عام 2023 بأسلوب وثائقي وتأثيرهذه الاعتداءات على حياة السكان اليومية وحجم المعاناة الإنسانية الناتجة عنها، وتسلّم الجائزة المخرج الفلسطيني باسل عدرا الذي أعرب عن أمله في أن يُحدث الفيلم تغييراً على مستوى العالم، لوقف الظلم والتطهيرالعرقي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني، وأكد عدرا قائلاً الفيلم يعكس الواقع القاسي الذي نعيشه منذ عقود، ونطالب العالم باتخاذ إجراءات فعلية لإيقاف هذه الانتهاكات، ووقف التطهير العرقي بحقّ الشعب الفلسطيني، وصفّق الجمهور بحماسة، لكن في إسرائيل كان استقبال الجائزة متواضعاً.
جاء ذلك فيما تتوالى ردود الأفعال على مخرجات القمة العربية التي عقدت بالقاهرة في الرابع من مارس الجاري، واعتمدت خطةً لإعادة إعمارغزة دون تهجير سكانها تستغرق 5 سنوات وبتكلفة تصل إلى 53 مليار دولار، إذ أعلن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اطلاعه على الخطة معلناً أنها تتضمَّن عناصر جاذبة وتعكس نوايا طيبة، مبدياً ترحيبه بالتعرف على مزيد من التفاصيل بشأن الخطة خلال الفترة المقبلة، فيما بحث وزير الخارجية مع ويتكوف إعادة الإعمارفي قطاع غزة، استعرض متناولاً عناصرها ومراحلها المختلفة، مؤكداً أنها تحظى بإجماع عربي كامل العاطي إذ تطلع مصر لمواصلة التفاعل الإيجابي والبنَّاء مع الرئيس دونالد ترمب والإدارة الأميركية لاستعراض الخطة ومزاياها بشكل متكامل، بما يتيح مواصلة الجهود المشتركة لتنفيذ جميع مراحل اتفاق وقف إطلاق النارفي غزة من وسماح إسرائيل بنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتمهيد الطريق لبدء التعافي وإعادة الإعمار وإنهاء الحرب وصولاً إلى حل نهائي نهائي للقضية الفلسطينية.
وتشهد العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة توتراً متعلقاً بالتواصل المباشر بين إدارة ترامب وحركة حماس، وإجراء مفاوضات سرية بين اشنطن وحركة حماس، وتوقع إتخاذ خطوات ملموسة بين الجانبين وعقد اتفاق مع الحركة، بعد ساعات من اللقاء الذي عقده المبعوث الأميركي في الدوحة مع خليل الحية، أحد قيادات حماس، بعد أن كشف وسائل إعلام أمريكية عن إجراء الإدارة الأمريكية مباحثات سرية مباشرة مع حركة حماس لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين المحتجزين في غزة، واصفاً تلك الخطوة بأنها «غير مسبوقة»، ونقل الموقع عن مصادر قولها إن مباحثات إدارة ترامب، التي يقودها المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن آدم بوهلر، تناولت كذلك إمكانية التوصل إلى اتفاق أوسع لإنهاء الحرب في غزة، وتأتي أهمية هذه المباحثات كونها الأولى من نوعها حيث لم يسبق للولايات المتحدة أن تواصلت بشكل مباشر مع حماس، التي صنفتها واشنطن «منظمة إرهابية» في عام 1997، وجرت مباحثات بوهلروممثلي الحركة في العاصمة القطرية الدوحة خلال الأسابيع الأخيرة.
وأقول لكم، إن حماس حريصة على وقف إطلاق النار حماية للشعب الفلسطيني ولذا أبدت مرونة وموافقة على إطلاق سراح 10 رهائن مقابل شهرين هدنة من وقف إطلاق النار، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض المقترح، كما طرحت الحركة إمكانية إطلاق سراح رهينة أميركي الجنسية يدعى إيدان ألكسندركبادرة حسن نية من دون مراسم تسليم، لإبقاء خط المفاوضات مفتوحاً مع واشنطن، فيما أعلنت وزارة الخارجية القطرية إن الدوحة استضافت اجتماعا وزارياً عربياً بمشاركة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف وأمين سراللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الوزراء وزيرالخارجية القطري ووزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر لمناقشة خطة إعادة إعمارغزة التي أقرتها القمة العربية بالقاهرة، واتفق الوزراء العرب مع ويتكوف على مواصلة التشاوروالتنسيق بشأن الخطة كأساس لإعمار القطاع، مؤكدين أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين وفق القرارات الدولية الصادرة في هذا الشأن.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com