احمد الشامى
أقول لكم غزة تحت القصف مجدداً.. من يردع «قتلة الأطفال؟»
غزة تحت القصف مجدداً.. من يردع «قتلة الأطفال؟»
عاد قتلة الأطفال لتنفيذ المزيد من المذابح مجدداً في غزة بعد أن تهربوا من الاتفاق الموقع مع الفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق النار، نقضوا العهد وهذا دستورهم، أحرقوا الأطفال والنساء والشيوخ، تهربوا من مفاوضات المرحلة الثانية وهذا شأنهم، لكن من يردع هؤلاء الموتورين الذين فقدوا الضمير والإنسانية وضلوا الطريق إلى الحق والحقيقية هذا دورنا، لقد أطلقت إسرائيل طائراتها لتشعل النارفي قطاع غزة فجراً في أول خرق واسع لاتفاق وقف إطلاق النارالموقع في 19 ينايرالماضي ما أسفرعن مقتل ما يزيد على 420 شخصاً معظمهم أطفال ونساء وشيوخ، وأثارالتصعيد الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ « مجرد بداية»، الإدانات الدولية والإقليمية وسط تحذيرات من انهيار كامل للهدنة وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر، واستمراراً لارتفاع شهداء القطاع الذي أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أن حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل على القطاع الفلسطيني، منذ السابع من أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد أكثرمن 46 ألف فلسطيني، وإصابة ما يقرب من 110 آلاف آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، وسط تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المفاوضات لن تتواصل إلا مع استمرارإطلاق النار، معتبراً أن الضغط العسكري ضروري لإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس، وأن إسرائيل ستستمرفي القتال حتى استعادة الرهائن وتصفية حماس، وهو ما يؤكد القرار الذي إتخذه الأمين العام للأمم المتحدة عام 2002، بوضع إسرائيل ضمن «قائمة العار» للدول والحكومات والجماعات التي تنتهك القانون الدولي وحقوق الأطفال من خلال استهداف المدارس والمستشفيات خلال النزاعات المسلحة، وينشر الأمين العام للأمم المتّحدة سنوياً تقريراً يرصد انتهاكات حقوق الأطفال،ويُضمّنه ملحقاً يُدرج فيه أسماء المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
السؤال لماذا عاد نتنياهو إلى الحرب الاَن وعَرض المفاوضات لخطرالانهيار؟ بدأت الخلافات بين إسرائيل وحماس بسبب رفض الأولى بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق وإصرارها على تمديد المرحلة الأولى دون وقف نهائي لإطلاق النار، فضلاً عن رغبتها في الإفراج عن عدد أكبر من الرهائن ما أدى لرفض حماس، وبعدها قررنتنياهو شن هجوم جديد على القطاع بهدف الضغط على حماس والوسطاء لاستئناف المفاوضات بشروط إسرائيل التي ترفض وقف الناروتقديم تنازلات بسبب الضغوط الداخلية، وإزياد فرصة سقوط الحكومة الإسرائيلية التي يدعمها المتطرفون، وتالياً حماية رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يحاكم حالياً في ثلاث قضايا فساد، وضمان تصويت الأحزاب اليمينية المتطرفة على الميزانية العامة الإسرائيلية قبل نهاية الشهرالجاري، وتالياً الحفاظ على تحالفه الحكومي، وفي الوقت نفسه الضغط على المفاوض الفلسطيني، إذ إن إسرائيل تهدد منذ بداية المفاوضات والتوصل إلى هدنة با ستئناف الحرب، خصوصاً بعد رفض حماس أخيراً العرض الإسرائيلي بالإفراج عن 11 رهينة أحياء و16 جثماناً مقابل 400 أسيرفلسطيني، فيما تؤكد حماس أنها لم تتراجع عن اتفاق الهدنة لكن إسرائيل تحاول فرض شروط جديدة لن تفضي إلى وقف كامل للحرب وبدء الإعمار، فيما تسعى إسرائيل إلى استنزاف قدرات حماس وإضعاف بنيتها التحتية من خلال تجنيد المزيد من العناصر، فيما قالت حركة حماس في بيان إن الاحتلال انقلب على اتفاق وقف إطلاق النار، وتهرب من التزاماته، ويستمر في ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني وسط صمت دولي مخزِ، رغم التزامها بالاتفاق حتى آخر لحظة، وكانت حريصة على استمراره لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الباحث عن مخرج لأزماته الداخلية فضّل إشعال الحرب من جديد على حساب دماء شعبنا، فيما وافقت الحكومة الإسرائيلية على مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعادة تعيين إيتماربن غفير وزيراً للأمن القومي، إذ جاءت الموافقة بالإجماع على اقتراح رئيس الوزراء إعادة النائب إيتمار بن غفير إلى المنصب بعد انسحابه من الحكومة بسبب خلافات على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وستعزز عودة بن غفير حكومة نتنياهو، التي لم يتبق لها سوى أغلبية ضئيلة في البرلمان بعد انسحابه في يناير الماضي، للتصويت على الميزانية الإثنين المقبل.
زعمت إسرائيل أنها لم تغلق باب التفاوض إذا كانت حماس ستوافق على تسليم مزيد من الرهائن وأن حملة الضربات المتجددة التي تشنها في قطاع غزة ستستمر حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، معتبرة أنها شكل جديد من التفاوض، وأنها لم تغلق الباب أمام استئناف المحادثات عبر وسطاء إذا كانت حماس مستعدة لقبول المزيد من عمليات تبادل الأسرى، وأن الهجوم سيتوسع إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية، وهنا يأتي سؤال، من يردع قتلة الأطفال في ظل انتهاكها القانون الدولي والدعم الأمريكي لنتياهو لقتل المزيد من الأبرياء؟ بعد أن اعترف مسئولون في الحكومة الإسرائيلية بفشل الجيش في الدفاع عن الإسرائيليين خلال هجوم 7 أكتوبر وفقدها القدرة على الردع، أرى أن الدول العربية في حاجة إلى بناء قوة اقتصادية وناتوعربي من أجل مواجهة التحديات عموماً وما يحدث من جانب إسرائيل خصوصاً رغبتها التوسعية وتحقيق طموح قيادتها القديم المتجدد باحتلال دول عربية مجاورة أو أجزاء منها لتحقيق حلم دولة من النيل إلى الفرات في ظل اندلاع صراعات في سورية والعراق واليمن ولبنان والسودان وليبيا والصومال، ولذا باتت الوحدة العربية ووقوفها صفاً واحداُ لبناء قوة ردع قادرة على صناعة النصر وحماية مقدراتها وحدوده مطلباً ضرورياً إذ شكلت حالة التضامن العربي أثناء حرب أكتوبر نموذجاً لردع إسرائيل ووقف أحلامها التوسعية.
يبدوأن مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة لن يتوقف إذ كشفت تسريبات إعلامية أمريكية أن الولايات المتحدة وإسرائيل عرضتا على مسؤولين في 3 دول بشرق أفريقيا توطين فلسطينيين من قطاع غزة على أراضيها عبرالتواصل مع مسؤولين من الدول الثلاث وهي السودان والصومال وأرض الصومال الانفصالية وناقشت هذا المقترح ،إلا أن مسؤولين سودانيين قالوا إنهم رفضوا المقترح الأميركي، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنهم ليسوا على علم بأي اتصالات في هذا الصدد، وكشف المسئولون السودانيون أن الولايات المتحدة عرضت هذا الطلب مقابل مساعدات عسكرية ضد قوات الدعم السريع والمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب وغيرها من الحوافز، ما يؤكد عزم الولايات المتحدة وإسرائيل على المضي قدما في خطة التهجير التي غيرت إسرائيل اسمها إلى «الترحيل» بزعم تنفيذها برغبة من الفلسطينيين أنفسهم مقابل حصولهم على أموال وحوافز أخرى رغم إدانة التهجير والرفض العربي والعالمي له بكافة أشكاله بعد أن اعتبره البعض مخالفة قانونية وأخلاقية خطيرة لا تقرها المنظمات الدولية.
ولم تكن فكرة تهجير الفلسطينيين من وطنهم نتيجة حرب السابع من أكتوبر 2023 لكنها ظهرت تاريخياً قبل وجود إسرائيل وحصولها على اعتراف دولي، إذ تم عرض فكرة تهجير الفلسطينيين إلى أراض أخرى في المؤتمرات الصهيونية الرسمية ، وتجلت الفكرة نفسها بعد النكبة عام 1948 وتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره، وهو الإسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والإقتصادية والحضارية عام 1948 وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه، لصالح إقامة إسرائيل، وتشمل أحداث النكبة، إحتلال معظم أراضي فلسطينمن قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يزيد على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين وكان استخدام القوة المفرطة في الحرب الإسرائيلية على غزة أخيراً بهدف تنفيذ سيناريوالتهجير بعد هدم القطاع بالكامل وتحويله إلى ركام.
تسعى إسرائيل حالياً لفرض أساليب جديدة لتغيير مسمى خطة التهجير إلى الترحيل والترويج لها إعلامياً للزعم بأنها خطة ناعمة تتم بموافقة الفلسطينيين وفق رؤية وزيرالمالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن أمام الكنيست عن تشكيل مجموعات ضغط برلمانية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، للعمل على تنفيذ خطة ترامب للاستيلاء على غزة و«ترحيل أهلها»، مع إجراء عملية توسيع ضخمة للاستيطان في الضفة الغربية، إذ تسعى إسرائيل إلى ترحيل خمسة اًلاف شخص يومياً بمعدل 7 أيام في الأسبوع لمدة عام كامل، أوعشرة اَلاف شخص يومياً لمدة 6 أشهر، وهو ما يعني أن ترحيل خمسة اَلاف شخص كل يوم طوال العام الذي يتكون من 360 يوماً، وتالياً تكون الحصيلة مليوناً و800 ألف فلسطيني أي ما يقرب من ثلثي سكان القطاع، وهو ما رفضته حماس والقمة العربية غير العادية التي عقدت في القاهرة 4 مارس الجاري واعتمدت خطة بديلة تقضي بإعادة إعمارغزة مع الإبقاء على قاطنيها دون تهجيرأو ترحيل.
وأقول لكم، إن حركة حماس أعلنت موافقتها على تسليم جثامين 4 أسرى مزدوجي الجنسية، والأسير الأمريكي عيدان السكندر مقابل أسرى فلسطينيين، بعد تلقيها مقترحاً من الوسطاء لاستئناف مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أنها تعاملت مع المقترح الذي قدم إليها لاستئناف المفاوضات بمسؤولية وإيجابية كما وافقت على تسليم جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية بشرط بدء محادثات المرحلة الثانية من وقف إطلاق الناروفتح المعابر ورفع الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أسبوعين، وأرى أن الوسطاء مصروقطر اللتين تقودان المفاوضات برعاية أمريكية بذلوا مجهوداً كبيراً لبدء مفاوضات المرحلة الثانية التي تتضمن اليوم التالي في غزة إذ تطالب إسرائيل بـ «نزع سلاح حماس» وخروج عناصرها وحلفائها من غزة وعودة الرهائن الإسرائليين وتنحي الحركة عن الحكم في القطاع، لكن حماس اعتبرت المطلب الإسرائيلي بنزع السلاح خطاً أحمرلا يمكن قبوله وكذلك خروجها من غزة، فيما أبدت مرونة بشأن إسناد إدارة القطاع للجنة من التكنوقراط الفلسطينيين، نافية طرح مقترح اعتزالها العمل السياسي ونزع سلاحها، مقابل هدنة طويلة الأمد تمتد بين 5 إلى 10 سنوات، وأن الوفد الأمريكي طرح الفكرة لكنها رفضتها، لكن إسرائيل رفضت كل هذه المقترحات وقررت العودة للحرب مجدداً.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com