احمد الشامى
أقول لكم «استئناف هدنة غزة» .. بين «مرونة حماس وتعنت إسرائيل»
«استئناف هدنة غزة» .. بين «مرونة حماس وتعنت إسرائيل»
تشهد مفاوضات استئناف هدنة غزة تفاؤلاً حذراً بعد أن أبدت حماس مرونة ووافقت على المقترحات المصرية التي تتضمن الإفراج عن نحو 9 محتجزين من الأحياء، بما في ذلك الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية عِيدان ألكسندر، مقابل إفراج إسرائيل عن 300 أسيرفلسطيني، من بينهم 150 محكومين بالسجن المؤبد، و 2200 أسير من قطاع غزة ألقى القبض عليهم بعد 7 أكتوبر، وشهدت المفاوضات أخيراً إنفراجة بعد أن أبدت حماس موافقتها على إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة بشرط إنهاء الحرب وسحب إسرائيل قواتها مع القطاع، مقابل عدم نزع سلاحها وأن يتضمن الاتفاق الجديد استئناف مباحثات المرحلة الثانية التي تفضي إلى وقف إطلاق ناردائم، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة، وتبادل الأسرى، إضافة إلى بدء إعادة إعمار القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه، لكن هذه المرونة تواجه بتعنت من جانب إسرائيل التي ترفض التعهد بأن يؤدي استئناف هدنة غزة إلى إنهاء الحرب، وهو ما تسعى الولايات المتحدة للتغلب عليه من خلال التعهد للوسطاء بأنه حال موافقة حماس على المسودة الإسرائيلية، فإنها ستبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية من أجل إنهاء الحرب في القطاع.
خلال الساعات المقبلة سترد حماس على مقترح الوسطاء بعد أن طالبت أن يتضمن الاتفاق الجديد مساراً لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه حكومة إسرائيل حتى الاًن، التي تتعنت في التوصل إلى اتفاق وسط توقعات بتَدَخَّلَ الوسطاء مصروقطر بمقترحات جديدة لتقريب وجهات النظر في ظل ضغوط أميركية، إذ تسعى أمريكا لأن تتم زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى الخليج الشهرالمقبل وسط تهدئة وتوقف للحرب، فيما تترقب الأطراف كافة رد حماس على المقترح الإسرائيلي الذي يقضي بوقف مؤقت لإطلاق الناروبدء مفاوضات المرحلة الثانية التي تقود لوقف دائم لإطلاق النار، لكن حماس تصرعلى أن تؤدي الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو أمرترفضه إسرائيل ما لم تتخلَّ حماس عن سلاحها والسيطرة الأمنية والإدارية على القطاع، فيما تؤكد الحركة أن تسليم سلاح المقاومة خط أحمروغير خاضع للنقاش، ومنذ انهيار وقف إطلاق النار الشهر الماضي، منعت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، كما سيطرت قواتها على مساحات واسعة من القطاع الساحلي في محاولة لزيادة الضغط على حماس للموافقة على اتفاق جديد، في حين حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أن نشاط الجيش الإسرائيلي سيتوسع بقوة قريباً ليشمل معظم أنحاء غزة.
تتضمن الخطوط العريضة للمقترح الذي أعدته مصرونقلته إلى إسرائيل وحماس إطلاق سراح نصف أسرى إسرائيل في الأسبوع الأول من الاتفاق، وجميع الأسرى الأحياء والأموات في نهاية 45 يوماً منه، كما يشمل تهدئة مؤقتة لـ 45 يوماً مقابل إدخال المساعدات، ما جعل استئناف هدنة جديدة على المحك وهو ما سيعطي الفرصة لإسرائيل لتوسيع هجومها على غزة، ورفع سقف مطالبها ولن تقبل بأي نقاش حول المرحلة الثانية ما يستلزم تدخل واشنطن، في ظل الضغوط الداخلية المتصاعدة ضد نتنياهو، ومطالبات جنود إسرائليين بوقف الحرب، ما يجعله يقبل بصيغ أخرى للاتفاق، فضلاً عن أنها تدرك أن ترمب يريد إجراء زيارته للمنطقة، الشهر المقبل، وسط تهدئة، وبالتالي المماطلة في الرد أو إبداء ملاحظات قد تراها فرصة أكبر لضغوط أكبر على رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتوقعات بألا تقبل حماس بالمقترح الإسرائيلي كاملاً، وأن تقدم ملاحظات، وهنا سيحاول الوسيطان المصري والقطري إيجاد صيغ أخرى لتقريب وجهات النظر في ظل إدراكهما رغبة واشنطن في التوصل لاتفاق قبل زيارة ترامب للمنطقة، مرجحاً ضغوطاً أكبر على نتنياهو من البيت الأبيض لإنجاز اتفاق قريب.
أعلنت حركة حماس أنها سترد خلال 48 ساعة على المقترح الجديد لوقف إطلاق النار بغزة، بعد أن أبدت مرونة لتحقيق تقدم جزئي في محادثات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، خلال المفاوضات التي تقودها مصر، بعد أن كانت حماس تصر على أن تشمل المرحلة من الاتفاق 5 رهائن إسرائيليين، فإنها باتت مستعدة لإطلاق 9 رهائن، وهو ما يقترب من العدد الذي تطالب به إسرائيل، وهو أحد عشر رهينة أحياء، فيما ستطلق إسرائيل سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وفق ذات المعاييرالتي تم تطبيقها في الاتفاق السابق، وسيتم استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إلا أن مطلب حماس بوجود ضمانات بأن مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ بالفعل، ولن تتنصل منها إسرائيل كما فعلت في المرة الماضية، وأيضاً أن تؤدي هذه المفاوضات إلى نهاية للحرب وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة يواجه بالتعنت الإسرائيلي، فيما أكد بيان جديد لحماس وفصائل فلسطينية أخرى، أن الهدف الأول هو وقف الحرب، كما رفض تضخيم مسألة سلاح الحركة، ورأت حماس أنها لا ترى في الاقتراح الإسرائيلي الذي تلقته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة أي ضمانات حقيقية لتنفيذه، كما أوضح البيان أن الحركة ناقشت شروط الاتفاق الجديد لوقف النار خلال الأيام الأخيرة في القاهرة، بما في ذلك إطلاق سراح ما بين ثمانية إلى 10 أسرى إسرائيليين محتجزين في القطاع.
حانت لحظة الحقيقة وتأكد الجميع أن فلسطين ليست للبيع، ويبدوأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوسيودع طموحات كثيرة لضم أراضِ جديدة إلى إسرائيل، وأحلاماً عظيمة لتحقيق أهداف الحرب العدوانية، إذ لن يتسنى له تحقيقها بعد أن أمهله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسبوعين أوثلاثة لإنهاء القتال في غزة، تمهيداً لعقد صفقة مرتقبة مع حماس لإطلاق سراح الرهائن الـ 59 المحتجزين لديها في غزة، وتقدمت مصربمقترح جديد يتضمن إطلاق سراح ثمانية رهائن مقابل وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و70 يوماً، وتبادلت القاهرة وتل أبيب مسودات بشأن الاقتراح المصري بالإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار، بعد أن شهد الموقف الإسرائيلي تغييراً جذرياً عقب زيارة نتنياهو لواشنطن ومطالبته بإنهاء الحرب من قبل ترامب وفق المقترح المصري، ووافقت إسرائيل على جزء كبير من المقترح المصري وتتعامل معه بجدية، بعد أن استشعررئيس الوزراء الإسرائيلي أن الرئيس الأمريكي بدأ يفقد صبره ودعاه إلى الموافقة على صفقة شاملة من شأنها أن تؤدي قريباً إلى إطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء الحرب في غزة، خصوصاً أن قضية الحرب على غزة كانت على رأس جدول أعمال اجتماع الرئيسين في البيت الأبيض بضغوط دولية وعربية وأهالي الرهائن المحتجزين، والسؤال الاَن هل يسكت صوت البندقية في غزة؟
لن يكون إنهاء الحرب في غزة مجرد صفقة محدودة بل قد تمتد لمناقشة قضية أشمل وهي التطبيع فضلاًعن أنه سيسهم في تحريك المفاوضات الجارية حالياً بين أمريكا وإيران بشأن الملف النووي الذي يعتبرجزءاً من هذه الخطة الشاملة، فيما اشتعلت أزمة توقيع نحو 950 طياراً إسرائيلياً من جنود الاحتياط في سلاح الجو على عريضة تدعو إلى رفض أداء الخدمة العسكرية، في حال استمرت حكومة بنيامين نتنياهو، في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، والمماطلة في إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، والتي تشمل 59 أسيرا إسرائيلياً، من بينهم 24 ما زالوا على قيد الحياة، تهديداً لأحلام نتنياهو في استمرار الحرب، ورغم التهديدات بالفصل من الخدمة العسكرية بقوات الاحتياط، وجه عناصر القوات الجوية، رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، دعوا فيها إلى إتمام صفقة التبادل مع حركة حماس والإفراج عن جميع المختطفين، حتى لو تطلب ذلك إنهاء الحرب بشكل كامل، وتشكل هذه العريضة نقطة تحول في الاحتجاجات العسكرية ضد الحكومة الإسرائيلية، وتحمل في طياتها دلالات خطيرة على مستوى الانقسام داخل إسرائيل، خصوصاً مع إصرار الحكومة على عدم الامتثال لقرار المحكمة العليا والإصرار على إقالة كل من رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، والمضي في عزل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، فيما أكد الطيارون المحتجون في العريضة أن الحرب الحالية على غزة لم تعد تخدم أهدافا أمنية، بل تصب في مصلحة أجندات سياسية وشخصية.
وأقول لكم، إنه في الوقت الذي ينشغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المشغول بمراجعة القرارات السياسية والاقتصادية التي إتخذها بمجرد وصوله إلى سدة الحكم بعد أن اكتشف أن غالبيتها أحدثت ضغطاً على المواطنين الأمريكيين داخلياً وأضراراً على علاقات بلاده الخارجية، أكد المديرالعام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، أن إيران ليست بعيدة عن تطوير قنبلة نووية، على الرغم من أن إيران تمتلك ما يكفي من المواد لإنتاج ليس قنبلة واحدة بل عدة قنابل نووية، إلا أنها لا تمتلك أسلحة نووية حتى الآن، فيما أكد الرئيس الأميركي دونالد أنه لن يسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي، وشدد مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، على ضرورة أن يشمل أي اتفاق مقبل وقف تخصيب اليورانيوم، جاء الرد الإيراني، على لسان وزير الخارجية، عباس عراقجي، الذي أكد على أن حق بلاده في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض خلال المحادثات مع أميركا، كما اعتبر أنه إذا واصلت أمريكا تصريحاتها المتناقضة فإن الظروف ستزيد صعوبة، وأن بلاده مستعدة لبناء الثقة بشأن المخاوف المحتملة، وأن أميركا لن تحقق شيئاً عبر الضغوط وفرض مواقفها ورأى أنه إذا كانت المحادثات في أجواء متكافئة يسودها الاحترام فستمضي قدماً، لكن يبدوأن شبح الحرب الأمريكية والإسرائيلية على إيران لضرب منشاَتها النووية يتلاشى.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com