الأخبار
كرم جبر
إنها مصر عبدالناصر ومصر والقضية الفلسطينية
عبدالناصر ومصر والقضية الفلسطينية

السبب الحقيقى لوفاة الرئيس جمال عبدالناصر هو نكسة ١٩٦٧، التى اصابته بنوبة قلبية حادة وتصلب فى الشرايين التاجية،عاش من اجل تحرير فلسطين ومات بعد أن أدرك أن حلمه صار مستحيلا .

توفى يوم ٢٨سبتمبر ١٩٧٠ فى تمام الساعة السادسة مساءً، عن عمر يناهز ٥٢ سنة و٨ أشهر و١٣يومًا، وكان المشهد الأخير هو توديع أمير الكويت فى مطار القاهرة، بعد القمة العربية الطارئةً، ونجاحه فى إيقاف نزيف فى أحداث أيلول الأسود بالأردن .

مات بعد أن اطمأن على حياة ياسر عرفات وتهريبه من الأردن، بعد أن كان مهددا بالاعتقال أو الاغتيال ، إثر عملية واسعة قام بها الجيش الأردنى ضد الفصائل الفلسطينية التى هددت سيادة الدولة الاردنية.

لم يكن عبدالناصر فى سنوات حكمه الأخيرة مشغولا بالحرب مع إسرائيل ، بقدر تركيزه الشديد على بناء دولة قوية اقتصاديا ، وأثناء الاحتفال بعيد العمال فى مايو 1967 بالمحلة الكبرى ، كان مبتهجا وسعيدا وهو يستعرض نتائج الخطة الخمسية الأولى.

استخدم النكات على غير عادته وهو يهاجم ما أسماه» أبو دقن « الذى «يتاجر بالدين لنسف فلوس المسلمين ، ويعملوا بيها انقلابات ، وكان متفائلا جدا بالمستقبل بعد أن قطعت مصر شوطا طويلا فى محاربة الفساد ، والقضاء على الرأسمالية الفاسدة والإقطاع .

وسأل ناصر عمال مصر :» أجيب لكن مصانع ولا لحمة « ..وقال :» قلت مصانع أنا مجبش لحمة « ، ونصح الشعب بتحديد النسل لأن عدد السكان كان فى ذلك الوقت 30 مليونا ، وبعد سبع سنوات يزيدوا بمقدار خمسة ملايين .

بعد مرور قرابة شهر من خطابه التاريخى ، كانت المصيدة قد نُصبت لمصر وعبد الناصر ، فدخل حربا فى غير أوانها ،وبدأت المأساة عندما قام فدائيو حزب البعث السورى بعمليات فدائية داخل المدن الإسرائيلية ،وردت إسرائيل بهجوم كبير على دمشق.

فوجدت مصر نفسها فى حرب دفاعا عن سوريا وشعبها، ووقعت الهزيمة، ولم يتحمل رؤية حلمه العربى وهو ينهار، وكان قلبه بالمعنى الطبى والسياسى أضعف من أن يصمد.

وتركت الحرب فى ذاكرة الأمة المصرية مخزونا استراتيجيا من التجارب والخبرات ، يمنحها الوعى المتوازن ، فلا تقدم على قرارات مصيرية إلا إذا كان ذلك يخدم مصالحها القومية وأمن وسلامة المصريين .

والدرس المستفاد من الهزيمة هو ضرورة اتخاذ القرارات المصيرية بحكمة وهدوء، لتحقيق مصالح الشعب واستقرار الوطن، وتجنب الانفعالات التى قد تؤدى إلى نتائج وخيمة، وبالحكمة والروية تُبنى الأوطان وتحقيق أمنها واستقرارها.

وتجسد الدولة المصرية فى تعاملها مع أحداث غزة الراهنة نموذجًا فى الحكمة والهدوء، وتتبنى مواقف متوازنة تضع مصلحة الشعب الفلسطينى فى المقام الأول، وتسعى بكل السبل إلى وقف التصعيد وحقن الدماء، وتؤكد من خلال تحركاتها الدبلوماسية والإنسانية حرصها الدائم على استقرار المنطقة، وتجنب الانزلاق نحو مزيد من العنف، فى إطار مسئوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف