احمد الشامى
أقول لكم «مصرترد على ترامب»..« لن نفرط في قناة ارتوت بدماء شهدائنا»
«مصرترد على ترامب»..« لن نفرط في قناة ارتوت بدماء شهدائنا»
ماذا يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مصر؟ لماذا لم يتوقف منذ وصوله إلى سدة الحكم في 20 يناير الماضي، عن إثارة غبارالمشكلات معها بدءاً من مطالبة القيادة المصرية بالموافقة على تهجير الفلسطينيين من وطنهم وقبول مليون فلسطيني على أرضها وصولاً إلى تصريحاته التي طالب فيها بأن تمرالسفن العسكرية والتجارية الأميركية عبر قناة السويس دون دفع أي رسوم؟، ما اَثارغضب المصريين على المستويين السياسي والشعبي في مصرلأنهم لايقبلون التفريط في وطنهم ومقدراتهم، بعد أن تأكد الجميع أن ترامب يتعمد إطلاق تصريحات تهديد تخالف القانون الدولي ولا تعترف بسيادة مصرعلى أرضها، إذ إن ما طالب به ترامب يعتبراعتداءً على سياستها الخارجية وسيادتها الداخلية، ويتعين على ترامب أن يعلم أن مصر هي التي وضعت أسس السلام في الشرق الأوسط وتقف حجرعثرة أمام إندلاع حروب إقليمة في الشرق الأوسط، ولذا يمكن القول أنه حانت لحظة الحقيقة وبات على الشعب المصري أن يتأكد أن بلاده تتعرض للتهديد من جانب الرئيس الأمريكي الذي لا يلقي بالاً بعلاقات بلاده بالدول الصديقة التي ترتبط بمعاهدات إستراتيجية مع بلاده ولم يكف منذ وصوله للحكم عن محاولات إبتزاز دول العالم كافة، ولذا حان الوقت للاصطفاف خلف القيادة السياسية التي تقف بالمرصاد ضد الهيمنة الأمريكية، ويبدوأن ترامب الذي لا يقرأ التاريخ لا يعلم أن المصريين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل حفر قناة السويس والحفاظ عليها لتكون ممراً دولياً تستفيد منه كل دول العالم دون تمييز، وأن تصريحات ترامب ضد مصرتخالف أصول الكياسة وتصل إلى حد العنجهية السياسية، لأن مصرتمتلك تاريخاً تليداً شيدته بدماء أبنائها ولابد أن يراجع ترامب وإدارته تصريحاته قبل أن يدلي بها لأن مصرأكبرمن أن تُهدد وقناة السويس حُفرت بدماء الأجداد والاَبا، وستظل منارة لسيادتها وكبريائها ولن تفرط القيادة في حقوقها بفضل جيشها الوطني الذي حقق النصرفي حرب أكتوبر، وشعبها التواق إلى التنمية والسلام ويمتلك إرادة صلبة قادرة على الدفاع عن أرضه وعرضه.
السؤال الاَن هل قرأ السيد ترامب تاريخ إنشاء قناة السويس وأين كانت بلاده وقتها؟ تعتبرالقناة أكبرممرمائي اصطناعي مزدوج ويبلغ طوله نحو 193.3 كيلومتراً وتصل بين البحرين المتوسط والأحمر، وهي أسرع ممر بحري بين قارتي أوروبا واَسيا وتوفر نحو 15 يوماً من الإبحارمنذ إنطلاق الرحلة بدلاً من المرور من طريق رأس الرجاء الصالح، وأن فكرة إنشاء القناة إنطلقت عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، فيما أصدرت الولايات المتحدة إعلان الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو 1776 أي قبل البدء في التفكيرفي حفر قناة السويس بـ 22عاماً فقط وعدد هذه الولايات 13 فقط وكانت مجرد مستعمرات أمريكيةحاربت بريطانيا العظمى لتصبح ولايات مستقلة، غير تابعة للإمبراطورية البريطانية، بعد مرور أكثرمن عام على اندلاع حرب الاستقلال الأمريكية، فيما واصلت مصرمحاولات حفر القناة في عام 1854 حتى استطاع ديلسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي العثماني، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة ديلسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاماً فيما استغرق بناء القناة 10 سنوات من 1895 حتى 1869 وشارك في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، استشهد منهم ما يزيد على 120 ألف عامل من الأجداد والاَباء أثناء الحفر نتيجة الجوع والعطش والمرض.
افتتحت مصرالقناة عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل في حفل عالمي مهيب وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح وفي يوليو عام 1956 أعلن الرئيس جمال عبد الناصرتأميم قناة السويس، والذي تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصرما عرف بالعدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحاب الدول الثلاث تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية، وتسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى أعاد الرئيس أنورالسادات افتتاحها في يونيو 1975بعد وقف الحرب بين مصر وإسرائيل عقب حرب أكتوبر والتي استشهد خلالها الاَلاف من شباب مصر، وفي السادس من أغسطس عام 2015 أعلنت مصر افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، والاَن بأي حق يطالب الرئيس الأمريكي بعبورسفن بلاده القناة دون رسوم؟ هل شاركت الـ 13 ولاية التي أعلنت استقلالها عن بريطانيا في الحفر؟ يسجل التاريخ أن حفر القناة لم يكن مرحباً به من جانب أمريكا التي رأت فيه تعملقاً للإمبراطورية البريطانية وسهولة في وصول السلع التي تحملها السفن من مستعمراتها في الهند إلى أوروبا بينما كانت تسعى واشنطن إلى وقف سيطرة بريطانيا على العالم فلماذا تطالب الاَن بعبور سفنها بدون رسوم هل ضحت بقطرة عرق واحدة من شعبها أثناء الحفر في الوقت الذي حفرت فيه مصرالقناة بدماء أبنائها؟ والاَن «مصرترد على ترامب»، «لن نفرط في قناة ارتوت بدماء شهدائنا من الأجداد والاَباء عند الحفر والأبناء في الحروب التي خاضتها مصر دفاعاً عن كرامتها..وتهديداتك لا تخيفنا».
تعيش إسرائيل على صفيح ساخن في الوقت الذي يسعى ترامب لتهديد مصر، إذ تضرب الانقسامات الداخل الإسرائيلي منذ أشهر في ظل إشتعال المظاهرات والدعوات المناهضة للحرب على جميع المسارات وبات واضحاً للجميع أنها لن تنتهي إلا بوقف حرب غزة التي راح ضحيتها اَلاف الأطفال والنساء والشيوخ، بعد أن فشلت المعارك في القطاع منذ 16 شهراً في تحقيق أهداف الحرب على أرض الواقع، إذ دعا مئات الجنود الإسرائيليين، عبرعريضتين جديدتين، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى وقف تدميرغزة وإعادة الأسرى المحتجزين بالقطاع، وجاء ذلك بالتزامن مع دعوات عائلات الأسرى الإسرائيليين إضافة إلى وزراء وقادة عسكريين سابقين بالجيش وأكاديميين ونشطاء وزعماء أحزاب معارضة وجنود وضباط بالجيش بوقف الحرب، بعد أن تأكد الجميع في إسرائيل أن الدمارلا طائل منه ولن يجلب السلام لإسرائيل، وتبين أن العريضتين اللتين وقع على إحداهما المئات من جنود الاحتياط فى وحدة السايبرالهجومى ومنظومة العمليات الخاصة وأكدوا عبرها أن نتنياهو يحرض ضد سلطات فرض القانون، ويعرض أمن مسئوليها للخطر ويحاول عرقلة التحقيقات فى قضايا تتهمه ومقربين منه بالفساد.
أدت الانقسامات في الداخل الإسرائيلي والتي لم تشهد إسرائيل مثلها في تاريخها منذ إعلان قيامها عام 1948 إلى التأثيرسلبياً على الجبهة الداخلية التي تشهد ما يشبه الانهياربعد أن حررعدد كبيرمن منتسبي الجيش توقيعات من كل الأسلحة في الجيش برفض الحرب في غزة، واصفين إياها بالحرب اليائسة، بل أصبح بعض الإسرائليين يطلقون عليها حرب «بنيامين نتنياهو» التي يرفض وقفها حفاظاً على الائتلاف الحكومي، والأهم من ذلك حمايته من قضايا الفساد التي يحاكم فيها منذ سنوات والتي وصلت المحكمة حالياً، فيما تتزامن الضغوط الداخلية مع أخرى خارجية لوقف الحرب قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط قريباً في محاولة للوصول لحلول تتماشى مع الواقع بالنسبة للفلسطينين، بعد أن أصبح نتنياهوعبئاً على الولايات المتحدة بسبب الدعم غير المسبوق لإسرائيل، خصوصاً بعد أن فضح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف جالانت، تزييف الصورة المشهورة التي نشرها جيش الاحتلال في أغسطس الماضي، لما قيل إنه نفق ضخم في محور فيلادلفيا جنوب قطاع غزة عمقه عشرات الأمتار تحت الأرض، إذ أكد جالانت أن الصورة مفبركة ومجرد خدعة، وأن ما تم تصويره لم يكن سوى خندق بعمق مترواحد فقط، وأن النفق الذي تحدثت عنه تل أبيب في أغسطس الماضي لم يكن موجوداً أصلاً، وإن استخدام الصورة كان يهدف إلى تضخيم أهمية المحوروتأخيرصفقة تبادل الرهائن.
يبدوأن نتنياهو الذي اعتاد نشرالأكاذيب ومن بينها صورة خدعة النفق التي نشرت حينها في وسائل الإعلام، وأظهرت مركبة عسكرية تخرج منه، قيل إنه يتكون من ثلاثة طوابق ويمتد لعشرات الأمتارتحت الأرض، لم تكن سوى قناة لتصريف المياه، وفقاً لما أكده الوزيرالسابق، ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية حينها الموقع بأنه جزء من بنية تحتية عسكرية هائلة لحماس، واعتبرت كشفه إنجازاً عسكرياً مهماً لكن جالانت علق قائلاً: «الصورة كاذبة، والنفق غير موجود، والهدف كان سياسياً في الأساس»، وتزامن ذلك مع رسالة وجهها طيارإسرائيلي كبيرلأهل غزة بدأها قائلاً: «لستم وحدكم..قلبي معكم» إذ عبر الطياريوناتون شابيرو، المفصول من الجيش الإسرائيلي، بهذه الكلمات عن تضامنه مع الفلسطينيين في ظل الحرب المستمرة على القطاع منذ أكثرمن عام ونصف العام، وواصل حديثه قائلاً «ربما يسمعني بعض الفلسطينيين في غزة، أقول لهم: لستم وحدكم هناك مئات الآلاف من اليهود المعادين للصهيونية، الذين يرفضون جرائم الدولة الإسرائيلية الإمبريالية، أنا شخصياً فقدت جدي على يد النازيين، وهذاما يدفعني للنضال ضد الإبادة في غزة».
وأقول لكم، إن رسالة الطيارلم تتوقف عند هذا الحد بل ناشد شابيرو زملاءه الطيارين بوقف الحرب، قائلاً: "عليكم رفض الأوامر وعدم استهداف المدنيين، لا تهتموا بما سيقوله عنكم الآخرون، بل فكروا: ماذا ستقولون لأبنائكم بعد 20 عاماً عندما يسألونكم: «ماذا فعلت حين كانت الطائرات تقصف الأبرياء؟ هل كنت جزءاً من ذلك؟ أنا أريد أن أنظر في عيني ابنتي وأقول لها: وقفتُ ضد هذه الجرائم»، وأرى أن الانقسام الإسرائيلي يتزامن مع يقظة ضميرالكثيرمن عناصرالجيش والمواطنين في الداخل والخارج بعد أن تأكدوا أن الحرب التي تقودها إسرائيل هي بالفعل حرب نتنياهو الذي يسعى لتحقيق مجد شخصي من دماء الفلسطينيين الأبرياء ولذا يقف العالم كله ضده مطالباً بوقف هذه المعركة غير المتكافئة والتي يدفع ثمنها أطفال فلسطين ولذا يتعين على الولايات المتحدة أن تتوقف عن دعمها لهذه الإدارة التي تعشق الدماء لتجبرها على إنهاء القتال ونفاذ المساعدات وبدء الإعمار تنفيذاً لقرارات القمة العربية التي عقدت في الرابع من مارس الماضي.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com