الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «كتالوج سياسة ترامب يُحير العالم»: «الحوثيون استسلموا.. ومفاجأة كبرى قريباً»
يبدوأن كتالوج سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى البيت الأبيض ورؤيته حول تعامل إدارته مع القضايا الساخنة في العالم وفي مقدمتها الشرق الأوسط لايزال مجرد ألغازاً صعبة الحل، إذ سرعان ما يصدرتصريحات ويتراجع عنها أو يعلن عكسها وفق ملامح سياسته فى الكتاب الذى أصدره خلال حملته الانتخابية بعنوان «أنقذوا أمريكا» والتي تتضمن أفكاراُ مستحيلة التحقيق، فبعد إعلانه عن رغبته في ضم كندا وجزيرة جرين لاند الكندية إلى بلاده والاستيلاء على غزة، عاد إلى صوابه ونفي حدوث ذلك ما حيرالخبراء في كتالوج سياسته وجعل من يتابعه يتساءل هل ترامب يكذب أم يتجمل؟ وقبل ساعات أعلن الرئيس الأميركي، أنه قرر وقف الضربات ضد اليمن مقابل تعهد الحوثيين بوقف استهداف السفن، كما صرح بأن لديه «إعلاناً كبيراً للغاية قريباً» قبل زيارته للشرق الأوسط، والتي من المقررأن تبدأ الأسبوع المقبل إلى السعودية وقطروالإمارات بين 13 و16 مايوالجاري، وستكون الأولى له خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية، وقال ترامب إن الحوثيين قالوا إنهم لم يعودوا يريدون القتال، وذلك قبل أن تعلن سلطنة عمان أنها توسطت بين الجانبين للتوصل إلى هذه النتيجة.
لم يتوقف ترامب عند هذا الحد بل تابع تصريحاته للصحفيين خلال استقباله رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في البيت الأبيض، قائلاً : «أقبل كلمة الحوثيين بأنهم سيوقفون هجماتهم، وقررنا وقف قصفنا بشكل فوري»، وزعم ترامب أن واشنطن لم تتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين، لكنهم «استسلموا وقالوا لنا: رجاء، توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف من جانبنا عن استهداف السفن»، وأرى أن ما قاله ترامب في تصريحاته التي حملت جانباً مضحكاً عن استسلام الحوثيين أن وقف إطلاق النارجاء بعد محادثات بقيادة ويتكوف مبعوث ترامب مع الحوثيين بوساطة عُمان الأسبوع الماضي وفق ما أعلنته الخارجية العمانية التي أكدت أن اتصالات سلطنة عمان مع واشنطن والجهات المعنية في صنعاء أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق الناربين الحوثيين وأمريكا فقط، وهو ما أدى إلى حدوث صدمة في إسرائيل التي فوجئت بهذه التصريحات والتي تعني أن واشنطن باعت نتنياهو وتخلت عنه في هذا الملف، بعد أن أعلن الحوثيون أن الاتفاق يتضمن وقف هجماتهم على السفن الأمريكية فقط في البحر الأحمر.
هنا يأتي السؤال المهم هل توقف الحوثيين عن مهاجمة السفن الأمريكية استسلاماً أم انتصاراً؟، وهو السؤال الذي أجاب عنه عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد علي الحوثي الذي وصف إعلان ترامب بأنه انتصار للحوثيين لأنه يفصل بين الإسناد الأميركي لإسرائيل عن المصالح الأمريكية، وأن هذا الإعلان يعتبرفشلاً لنتنياهورئيس الوزراء الإسرائيلي وعليه أن يقدم استقالته من رئاسة الحكومة، بعد أن نجح الحوثيون في إسقاط 7 طائرات مسيرة للجيش الأميركي منذ بدء الضربات، ما عرقل الانتقال للمرحلة الثانية من العمليات، إذ كانت واشنطن تأمل تحقيق تفوق جوي في اليمن خلال 30 يوماً وإضعاف الدفاع الجوي للجماعة، لكن القصف لم يؤثر على قدراتها ولا بنية القيادة والتحكم لديها، فيما أعلن مسئولون إسرائيليون إنهم فوجئوا بإعلان ترامب وقف إطلاق النار على الحوثيين وأن الرئيس الأميركي فاجأنا.
لم تتوقف تصريحات ترامب عند هذا الحد بل أعلن أنه سيكون لدينا إعلان كبيرللغاية وصفته وسائل إعلام بالمفاجأة قبل الخليج من دون ذكر تفاصيل، فيما أعنلت الخارجية الأميركية أن إعلاناً مهماً بشأن إدخال المساعدات إلى غزة سيصدرالأيام القليلة المقبلة، وهناك أنباء سارة للغاية، وأن محادثات مستشارها مسعد بولس في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع الماضي كانت بناءة وسنسمع أخباراً جيدة قريباً فيما قالت وسائل إعلام إن ما يجري في المنطقة من عمليات عسكرية متزامنة يشيرإلى أننا دخلنا فعلياً في خضم حرب إقليمية، وليس مجرد تهديد باندلاعها، في ظل التصعيد الإسرائيلي، في الوقت الذي عبرالمبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف عن أمله في أن يكون هناك تقدم في الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق الناروإطلاق في غزة قبل أو أثناء زيارة الرئيس دونالد ترامب للمنطقة، رغم ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازرجديدة بمدينة غزة وبيت لاهيا شمال القطاع، بينما رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في خطة الاحتلال لتوزيع المساعدات الإنسانية بإشراف أمني إسرائيلي، كما يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعلان خلال زيارته المرتقبة إلى السعودية الأسبوع المقبل، اعتماد تسمية «الخليج العربي» أو خليج العرب داخل الولايات المتحدة، وتدفع الدول العربية باتجاه تغيير الاسم الجغرافي للمسطح المائي، فيما ينتظر الجميع «إعلان ترامب الكبير للغاية» قبل زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط الذي وصفه خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في البيت الأبيض أنه سيكون واحداً من أهم ما أعلن في السنوات الأخيرة في موضوع معيّن، لكن ترامب لم يوضح ما إذا كان الموضوع يتعلق بالسياسة الخارجية أم بقضية داخلية، ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالات متعددة، بينها، عقد اتفاق سلام تاريخي بين إسرائيل ودول عربية أخرى، أوتطورات مفاجئة في الملف النووي مع إيران أو كوريا الشمالية، وقف الحرب في غزة أو نفاذ المساعدات للفلسطينيين، وأخيراً قد تكون المفاجأة قرارات اقتصادية غير مسبوقة تؤثر على الأسواق العالمية.
لا تتوقف الحروب والصراعات في الشرق الأوسط على ما يحدث في الدول العربية فلسطين والسودان واليمن وسورية ولبنان والعراق وليبيا بل امتدت إلى الهند وباكستان اللتين إندلعت بينهما حرباً وصفت بـ الأخط منذ أكثر من 20 عاماً وقالت الهند إنها شنت عملية عسكرية ضد باكستان، استهدفت "البنية التحتية" في كل من باكستان وكشميرالتي تديرها باكستان، وذلك رداً على هجوم على السياح في كشمير التي تديرها الهند في 22 أبريل، إذ فتح مسلحون النارعلى سياح في وجهة سياحية شهيرة في منطقة بَهَا ألغام جبلية في كشمير التي تديرها الهند وقُتل ما لا يقل عن 25 مواطناً هندياً وأحد المواطنين النيباليين في المذبحة التي وقعت في وادٍ لا يمكن الوصول إليه إلا سيراً على الأقدام أو على ظهر الخيول، ما أدى لإندلاع قصف متبادل بين الطرفين وسقوط نحو 40 قتيلاً و100مصاب، وأعلنت الهند إنها وجهت ضربات قوية لباكستان وسط دعوات دولية لضبط النفس خصوصاً أن الدولتين مسلحتين نووياً، إذ بدأ القتال بهجوم صاروخى هندى على مواقع باكستانية، لترد عليه إسلام أباد بقصف مدفعى باتجاه المناطق الخاضعة للسيطرة الهندية داخل إقليم كشميرالمتنازع عليه بين الدولتين، فيما أعلنت الحكومة الهندية أنها استهدفت 9 مواقع في الجانب الباكستاني من إقليم كشميرما يُعتبرتصعيداً خطيراً، في النزاع بين البلدين،وقالت القوات المسلحة الهندية إن القوات الباكستانية أطلقت نيران المدفعية باتجاه المناطق الخاضعة للسيطرة الهندية من كشمير، وإن القصف الباكستاني قتل 3 مدنيين في كشمير وأنها أسقطت 3 مسيرات لباكستان، فيما قالت باكستان إن تبادل إطلاق النارمع القوات الهندية يجري حالياً في عدة أماكن على خط وقف إطلاق النارفي كشميروأنها أسقطت 5 مقاتلات هندية في الأجواء الهندية، وهي 3 مقاتلات رافال، ومقاتلة سوخوي 30، وطائرة ميج-29، وحمّلت الحكومة الهندية، باكستان المسؤولية عن الحادث، وقررت طرد دبلوماسيين باكستانيين وإغلاق معبرحدودي رئيس، فضلاً عن تعليق العمل باتفاقية "نهر السند" التي تنظم عملية تقاسم مياه النهر العابرللحدود بين الدولتين، ورداً على ذلك، قامت إسلام آباد بطرد دبلوماسيين هنود، إلى جانب إغلاق الحدود والمجال الجوي أمام الطائرات الهندية وتعليق التجارة مع نيودلهي.
يسجل التاريخ أن الحرب الهندية الباكستانية بدأت منذ تقسيم الهند البريطانية في عام 1947 وتقسيم شبه القارة الهندية إلى الهند وباكستان التي كانت بنجلاديش تعتبر جزءاً منها ودخل البلدان في عدة حروب ونزاعات ومواجهات عسكرية، كان النزاع طويل الأمد حول ضم إقليم كشمير والإرهاب السبب الرئيس للنزاع بين الدولتين، باستثناء الحرب الهندية الباكستانية لعام 1971 التي اندلعت نتيجة مباشرة للأعمال العدائية التي نجمت عن حرب تحريربنجلادش في باكستان الشرقية السابقة بنغلادش حالياً، إذ حصل تقسيم الهند كجزء من تداعيات الحرب العالمية الثانية، حين كان كل من بريطانيا العظمى والهند البريطانية ونتيجة الضغوط الاقتصادية التي تسببت بها الحرب من أجل إقامة دولة مسلمة من الهند البريطانية أن يحصل تقسيم بين «باكستان» و«الهند» مستقلتين ومتساويتين بمجرد نيل الاستقلال، بقي ما يقارب ثلث سكان الهند البريطانية المسلمين في الهند ونتج عن العنف الطائفي بين الهندوس والسيخ والمسلمين ما بين 200 ألف ومليوني ضحية ما أدى إلى تشريد 14 مليون شخص.
إندلعت حرب ثانية بين الهند وباكستان عام 1965 في أعقاب عملية جيبرالتارالتي نفذتها باكستان التي كانت تهدف إلى تسلل قوات داخل جامو وكشمير لخلق تمرد ضد حكم الهند وردت الهند بشن هجوم عسكري واسع النطاق غرب باكستان، تسببت الحرب بسقوط آلاف الضحايا من كلا الجانبين وشهدت أكبر اشتباك للمدرعات وأكبر معركة دبابات منذ الحرب العالمية الثانية انتهت الأعمال الحربية بين الدولتين بعد إعلان وقف لإطلاق النار بعد تدخل دبلوماسي من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية وامتلكت الهند اليد العليا على باكستان حين أُعلن وقف إطلاق النار. عادت الحرب بين الدولتين عام 1971 بسبب الأزمة التي خلقتها المعركة السياسية التي كانت تختمرفي ما كان سابقاً باكستان الشرقية (بنجلاديش حالياً) بين الشيخ موجيبور رحمان، زعيم باكستان الشرقية، ويحيى خان وذو الفقارعلي بوتو، زعماء باكستان الغربية وسيتمخض عن هذه الأزمة إعلان استقلال بنجلادش عن نظام الدولة في باكستان بعد عملية المناورة والإباد الجماعية في بنجلادش لعام 1971، لجأ إلى الهند المجاورة نحو 10 ملايين بنغالي من باكستان الشرقية تدخلت الهند في حركة تحرربنجلادش التي كانت آخذة بالنمو وبعد ضربة استباقية واسعة النطاق من جانب باكستان، بدأت الأعمال الحربية الشاملة بين البلدين، شنت باكستان هجمات على عدة أماكن على طول الحدود الغربية للهند مع باكستان، إلا أن الجيش الهندي نجح في الاحتفاظ بمواقعه غير أنها أعادتها إلى باكستان بموجب اتفاقية سلام لعام 1972 كبادرة حسن نية، كما شهد عام 1999 حرب كارجيل، بين الدولتين عندما تسللت القوات الباكستانية عبر خط السيطرة واحتلت أراضاً هندية كان معظمها يقع في منطقة كارجيل وردت الهند بشن هجوم عسكري ودبلوماسي كبير لطرد المتسللين الباكستانيين، واستمرت المناوشات بين البلدين من وقت لآخر خلال السنوات الماضية كان بعضها قريباً من حرب شاملة، في حين كان بعضها الآخرمحدود النطاق لكن حالت دول أخرى دون وقوع حرباً شاملة لإمتلاك الدولتين سلاحاً نووياً.
وأقول لكم، إن ردود الأفعال لازالت تتوالى على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد مطالبته بمرور السفن التجارية والحربية الأميركية عبر قناة السويس دون دفع رسوم عبور، والتي تعتبر مخالفة للاتفاقيات الدولية وتعدياً على السيادة المصرية، إذ تعتبر مصدرمهم للدخل المصري رغم انخفاض إيراداتها في العام المالي الماضي إلى 7.2 مليارات دولار، مقارنة بـ9.4 مليارات دولار في العام الذي سبقه، ولذا اعتبرت مصرهذا الطلب مرفوض وغير قابل للتفاوض لأن هذه القناة حفرت بدماء المصريين ولا يمكن التفريط في مقدراتها وجاءت مطالب الرئيس الأمريكي بإ عفاء السفن الأمريكية من الرسوم بعد أسابيع من حملة غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن، لمنعهم من استهداف الممرات البحرية الحيوية، إذ يطالب ترامب مصر بأن تدفع ثمن حملاتها على اليمن لتعطي الفرصة لإسرائيل لمواصلة الحرب على غزة وقتل المزيد من الفلسطينيين الأبرياء من الأطفال والشيوخ والأطفال، فيما تواصل مصرمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وقد تفضي هذه الجهود إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة قبل زيارة ترامب للشرق الأوسط، في ظل مطالبة مصر بإنهاء الصراع وبدء مفاوضات نهائية وصولاً إلى حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967 وهو ما سيعيد الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، والاَن هل تتوقف مطالب ترامب بإعفاء السفن الأمريكية من الرسوم بعد إعلانه وقف الحرب على الحوثيين.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف