الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «ماسك يهزعرش ترامب ». . و«لوس أنجلوس تحترق»
«ماسك يهزعرش ترامب ». . و«لوس أنجلوس تحترق»
خمسة أشهرفقط منذ وصول ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية في 20 ينايرالماضي كانت كفيلة بإماطة اللثام عن صراع الأوليغارشية (الأثرياء) الأمريكيين على السلطة والنفوذ، عقب الخلاف الذي اشتعل بين ترامب وأغنى أغنياء العالم إيلون ماسك على منصات التواصل الاجتماعى، خصوصاً بعد أن كتب ماسك منشوراً عبر منصة إكس قائلاً: «حان وقت إلقاء القنبلة الكبرى.. دونالد ترامب موجود في ملفات إبستين.. هذا هو السبب الحقيقي لعدم نشرها.. أتمنى لك يوماً سعيداً يا دونالد»، ما تسبب في صدمة داخل الولايات المتحدة والعالم، إذ إن الإثنين كانت تربطهما علاقات وثيقة أسهمت في فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية التي شهدت صراعاً محموماً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث يعتبراتهام ماسك للرئيس بشأن ما يسمى بفضيحة إبستين نقطة تحول في الصراع بينهما على السلطة والنفوذ في أمريكا بعد أن طرح ترامب مشروع قانون ضريبي على الكونجرس وصفه بـ «مشروع قانون واحد، كبير، جميل» لكنه لا يتضمن السياسات الاقتصادية التي أرادها ماسك أثناء إدارته لهيئة الكفاءة الحكومية، ولم يعلن ماسك كيفية حصوله على الملفات غير المنشورة المتعلقة بالممول جيفري إبستين، ولم يُقدّم أي دليل على مصدر معلوماته، ما دفع ترامب إلى التهديد بإنهاء عقود ماسك التجارية مع الحكومة، و رغم مقتل إبستين، عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاتجاربالجنس على المستوى الفيدرالي وزعمت مصادر قضائية أمريكية وقتها أنه انتحر لإغلاق ملف القضية التي ضمت أسماء سياسيين كبار داخل الولايات المتحدة وخارجها، الغريب أن الملياردير إيلون ماسك، أعرب عن ندمه على بعض منشوراته التي نشرها، الأسبوع الماضي، عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في رسالة على منصته للتواصل الاجتماعي «إكس»، إذ كتب ماسك: «أشعر بالندم على بعض منشوراتي عن الرئيس دونالد ترمب، الأسبوع الماضي لقد تجاوزتُ الحدود».
لكن هل إعتذارماسك العلني سينهي الخلافات العميقة مع ترامب بعد تبادل الإهانات بينهما عبرمنصات التواصل الاجتماعي بعد أن هزت عرش ترامب خصوصاً في حال فتح التحقيقات مجدداً في قضية إبستين، ويبدو أن الصراع عميق بين الإثنين، بعد أن وصف الرئيس التنفيذي لشركتَيْ «تسلا» و«سبيس إكس» مشروع قانون الضرائب والإنفاق الشامل للرئيس بأنه «عمل مقزِّز ومثير للاشمئزاز»، داعياً الكونجرس إلى عدم الموافقة عليه بعد أيامٍ من إعلان ترامب انتهاء علاقته بماسك، وحذف الأخيربعض المنشورات التي تنتقد ترامب من منصات التواصل الاجتماعي، منها منشور يدعم مساءلة الرئيس، بعد احتدام الخلافات بينهما، كما حذف المنشورالذي هدد عرش ترامب وإثار الجدل على منصته «إكس» والذي ذكر فيه أن اسم ترمب وارد في وثائق تتعلق بجرائم جيفري إبستين، المُدان باعتداءات استغلال النساء والقاصرات فوق الجزيرة التي يمتلكها، وهي الفضيحة التي طالت العديد من قادة السياسة والاقتصاد بالولايات المتحدة والعالم، وسعى ماسك إلى محاولة تجاوزالأزمة ولو مؤقتاً بإعلان دعمه موقف إدارة ترمب من الاحتجاجات في لوس أنجلوس إذ أضاف أعلاماً أميركية إلى منشور لنائب الرئيس، جي دي فانس، مطالباً بـ «رفض الرئيس التسامح مع أعمال الشغب والعنف»، علماً بأنه كان على الدوام داعماً لإغلاق الحدود ووقف الهجرة غير الشرعية وترحيل المهاجرين، كما نشرلقطة لمنشور ترمب على منصة «تروث سوشيال»، الذي طالب فيه حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، ورئيسة بلدية لوس أنجليس كارين باس بالاعتذارلسكان لوس أنجلوس، في ظل الاشتباكات وإضرام الناربالسيارات واشتعال حدة المظاهرات، وكتب كلمة «رائع» على مقطع فيديو لفانس وهو يتحدث في مقابلة، قائلاً إنه يعتقد أنه «إذا هدأ إيلون قليلاً، فسيكون كل شيء على ما يرام»، ويقيني أنها المصالح التي تحكم العلاقات بين الأوليجارشيين الأغنياء الذين يتحكمون في مستقبل الولايات المتحدة على المحك خصوصاً بعد أن أعلن ماسك نيته تشكيل حزب سياسي جديد يضم الطبقة الوسطى الأمريكية بعيداً عن طبقة الأوليغارشيين التي تتحكم في الحزبين الجمهوري والديمقراطي وتجعل من الولايات المتحدة دولة الأثرياء وأصحاب المصالح فقط دون الحفاظ على الطبقة الوسطى التي تعاني من إرتفاع الأسعاروقلة المعروض من الوظائف فضلاً عن مشكلات معيشية صعبة.
في سياق متصل تزداد نيران الاحتجاجات ضد سياسات الرئيس ترامب و إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية، بإعادة المهاجرين إلى دولهم اشتعالاً وتنتقل من مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وانتشرت المظاهرات في 19 ولاية أمريكية و 35 مدينة، وتصاعدت حدتها وشهدت مدينة مانهاتن حشوداً كبيرة، في مظاهرات ضد سياسات ترامب، بالتزامن مع اندلاع اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين الذين تجمعوا بالقرب من مبنى مكتب إدارة الهجرة والجمارك في نيويورك، فيما ألقى البعض زجاجات مياه على رجال الأمن، كما توافد المتظاهرون على الطريق السريع في لوس أنجلوس، في بولاية كاليفورنيا بينما أعلنت رئيسة بلدية لوس أنجلوس حظر تجول ليليا وسط المدينة، في وجود أعداد كبيرة من رجال الأمن وعربات الشرطة، إضافة إلى الطائرات المروحية التي تطارد تجمعات المتظاهرين في لوس أنجلوس، وأعلنت رئيسة بلدية لوس أنجلوس كارين باس، حظر تجول ليلياً وسط المدينة وأعلنت حالة طوارئ محلية وسط المدينة لوقف أعمال التخريب والنهب.
كشفت التحقيقات الفيدرالية الأولية أن الاحتجاجات اندلعت على خلفية المداهمات ضد المهاجرين، وفجرت أزمة سياسية بين البيت الأبيض وحاكم ولاية كاليفورنيا، بعد تكليف ترامب لألفين عنصر من الحرس الوطني بالتعامل مع المتظاهرين والقبض عليهم ما اَثار استياء حاكم كاليفورنيا، ودافع الرئيس الأميركي عن قراره نشر قوات في لوس أنجلوس، ضمن إجراءات تتعلق بالهجرة، في خطوة ندد بها منتقدون ووصفوها بأنها رد فعل مبالغ فيه ولها دوافع سياسية، فيما قال ترامب مخاطباً مجموعة من الجنود في قاعدة عسكرية بولاية نورث كارولاينا: "بلادنا تُدمربسبب الغزو وغياب القانون في العالم الثالث، وما تشهدونه في كاليفورنيا اعتداء شامل على السلام والنظام العام والسيادة الوطنية، يقوم به مثيرو شغب يحملون أعلاماً أجنبية"، مضيفاً أن إدارته ستحرر لوس أنجلوس، ما جعل الملياردير إيلون ماسك يدخل على الخط ويشيد بطريقة تعامل الرئيس دونالد ترمب مع الاحتجاجات في لوس أنجليس ومدن أخرى، في مؤشرإلى هدنة محتملة بينهما مع ارتفاع حدة الحرب الكلامية بين الحكومة الفيدرالية في واشنطن والمسؤولين في كاليفورنيا.
واصل ماسك انتقاده لمشروع قانون السياسة الداخلية لترامب الذي أقره مجلس النواب ويجري النظر فيه حالياً في مجلس الشيوخ على استحياء، وكان ماسك انتقد بشدة ما يصفه ترمب بأنه «مشروع قانون واحد، كبير، جميل» الأسبوع الماضي، مجادلاً بأنه سيقوض الكثير مما قام به فريق دائرة الكفاءة الحكومية، «دوج» اختصاراً، لخفض الإنفاق الفيدرالي والعجز، ولكن الإدارة نفت أن مشروع القانون سيزيد العجز، على رغم أن العديد من المنظمات غير الحزبية قالت إنه سيضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام في الولايات المتحدة، فيما احتدمت الحرب الكلامية بين ترمب وحاكم كاليفورنيا على خلفية الصدامات في لوس أنجليس، بعد الاحتجاجات على المداهمات الفيدرالية ضد المهاجرين وقرارالرئيس ترمب بنشر قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية "المارينز" من دون دعم من الحاكم نيوسوم، فيما رفض قاض طلب حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم، بإصدار أمر تقييدي فوري يمنع ترامب من نشر قوات الجيش في لوس أنجلوس، وتقاضي كاليفورنيا ترامب، متهمة إياه بـ"استخدام القوات الفيدرالية والاستيلاء على أفراد الحرس الوطني للولاية لتنفيذ قوانين الهجرة رغم اعتراضات نيوسوم".
رغم ما تشهده الولايات المتحدة من حرائق، أطلقت فرنسا ودول عربية عدة اجتماعات في باريس ونيويورك خلال الأيام الماضية استعداداً لمؤتمر حل الدولتين المتوقع أن تستضيفه الأمم المتحدة ما بين 17 و20 يونيوالجاري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث استضاف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، نظراءه بدر عبدالعاطي وزير الخارجية المصري، وأيمن الصفدي وزيرخارجية الأردن وفيصل بن فرحان وزيرخارجية السعودية، للتحضير للمؤتمر، وتزامن ذلك مع انعقاد اجتماع مماثل، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بهدف إقامة دولة فلسطينية من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، عبرحل سياسي يعتمد حل الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وتنظمه المؤتمرالجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ يعترف حالياً نحو 150 بلداً بدولة فلسطين التي تحظى بصفة عضومراقب في الأمم المتحدة، وتعتبرعضويتها غير كاملة إذ لم يصوت مجلس الأمن على قبولها بهذه الصفة، وكانت اَخرالدول التي إعترفت بدولة فلسطين في مايو 2024 إيرلندا والنرويج وإسبانيا لكن حكومات أوروبية أخرى من بينها فرنسا، لم تتخذ هذه الخطوة حتى الاّن، وتزامنت التحضيرات للمؤتمرمع استخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات من دون قيود إلى القطاع، وهي الدولة الوحيدة التي صوتت ضد مشروع القرار، بينما أيدته 14 دولة أخرى، ولم تمتنع أي دولة عن التصويت، وقالت المندوبة الأمريكية في الجلسة «كانت الولايات المتحدة واضحة في أنها لن تدعم أي إجراء لا يُدين حماس، ولا يطالبها بنزع السلاح ومغادرة غزة».
وأقول لكم إن حكومة إسرائيل تتعرض لضغوط داخلية وخارجية خصوصاً من الولايات المتحدة تزامناً مع رغبة الوسطاء تحقيق تقدم حقيقي للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعهد مصري بضمان وقف إطلاق ناردائم بالقطاع، فيما أعلن نتنياهوإنه تم إحراز «تقدم ملحوظ» في المحادثات بشأن الرهائن، مستدركاً: «لكن من السابق لأوانه الحديث عن آمال، آمل أن نتمكن من المضي قدماً»، وأعلنت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج، في بيان مشترك فرض عقوبات تستهدف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بسبب تحريضهما على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذ ينتظرالوسطاء رداً من حماس على مخطط ويتكوف الجديد للتوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن الحركة تربط التوصل إلى هدنة بتقديم ضمان بإنهاء الحرب، وينص مقترح ويتكوف على هدنة 60 يوماً ومبادلة 28 من أصل 56 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة مقابل أكثر من 1200 أسير ومعتقل فلسطيني، إلى جانب إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع، فيما تكثف الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية عمليات ملاحقة عناصر العصابات المسلحة المدعومة إسرائيليا التي يقودها ياسرأبو شباب، وتتخذ من المناطق الشرقية لمحافظة رفح مقراً لوجودها بحماية من جيش الاحتلال، فيما تسعى المقاومة الفلسطينية القبض على القائمين على تلك العصابات التي تسرق المساعدات المقدمة لأهالي غزة.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف