على هاشم
ماذا يفعل العرب لتفادي كارثية الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟!
ماذا يفعل العرب لتفادي كارثية الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟!
يخطئ من يظن أن الحرب بين إسرائيل وإيران مجرد صراع ثنائي لا تداعيات كارثية له على العرب، والحق أنها اختبار حقيقي للنظام الإقليمي كله، وعلى الرغم من أن احتمالات وقفها ليست مستحيلة، إلا أن استمرارها سيجر الجميع نحو اضطرابات لا تُبقي ولا تذر.
وعلى العرب أن يقرأوا المشهد جيدًا، لا من زاوية الحماسة الآنية أو العواطف السياسية، بل بمنظور استراتيجي يُجنّبهم تكرار المأساة ليلتمسوا مفاتيح النجاة في زمن تتقاطع فيه النار مع المصالح، وتضيع فيه الدول التي تتأخر عن اتخاذ القرار الصائب في الوقت الحاسم.
نحن إزاء مخاض عصيب لشرق أوسط جديد يريده نتنياهو ويمينه المتطرف على مقاسه هو، يتحكم فيه بإرادة منفردة غير عابيء بانزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة.
هذه الحرب، التي بدأت كتصعيد في الظل، خرجت إلي العلن بوضوح غير مسبوق، واضعة العالم أمام خطر انفجار نووي محتمل أو انهيار شامل لأمن المنطقة. في خضم هذا الاحتدام، يبرز سؤالان جوهريان: إلى متى ستستمر هذه الحرب؟ وماذا على الدول العربية أن تفعل لتجنب الوقوع في مصير مشابه، إن لم يكن أسوأ؟
المواجهة بين إسرائيل وإيران ليست وليدة لحظة عابرة، بل تراكم لصراع جيوسياسي طويل الأمد تدور رحاه حول النفوذ والردع والملف النووي. إسرائيل، التي ترى في الطموح النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، شنت مؤخرًا ضربات واسعة على منشآت نووية ومراكز عسكرية داخل العمق الإيراني، بدعم ضمني من حلفائها الغربيين.
إيران من جهتها ردت بقصف بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية على أهداف إسرائيلية، مؤكدة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام عدوان سافر.
ورغم أن الصراع حتى الآن لا يبدو في طريقه للحسم السريع. فإسرائيل تمتلك قدرات تكنولوجية واستخباراتية متقدمة، بينما تراهن إيران على شبكة حلفائها الإقليميين من لبنان إلي اليمن. وقد حذرت تقارير استخباراتية غربية من أن المواجهة الحالية قد تتحول إلي حرب متعددة الجبهات، تشمل حزب الله في الجنوب اللبناني، وفصائل في غزة وسوريا والعراق، مما ينذر بكارثة إقليمية واسعة.
والسؤال: متى تتوقف الحرب؟ والجواب إن أغلب التحليلات الاستراتيجية التي صدرت في كبريات وسائل الإعلام الدولية، ذهبت إلي أن هذه الحرب لن تنتهي بين عشية وضحاها. فإسرائيل تطمح إلي إضعاف البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير، وهو ما يتطلب عمليات تمتد لأسابيع، إن لم تكن شهورًا. أما إيران، فترى في الرد ضرورة للحفاظ على وجودها ونفوذها.
ومع ذلك، فهناك سيناريو واقعي يلوح في الأفق، وقف إطلاق نار مؤقت بضغط دولي، تقوده الولايات المتحدة ودول أوروبية، يسمح للطرفين بـ"الهبوط من الشجرة" دون خسارة ماء الوجه. خاصة أن كل طرف يعرف أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلي حرب شاملة ذات أبعاد نووية، أو إلي انزلاق غير محسوب يشمل الخليج العربي ويهدد خطوط النفط العالمية.
وماذا عن العرب؟
هنا يبرز التحدي الأخطر. فالدول العربية تقف على مفترق طرق حساس، هل تكتفي بالمراقبة والإدانة ؟ أم تنحاز لطرف دون الآخر بحسابات المصلحة الاستراتيجية، التي تنطلق من مفاهيم واضحة تضع كل طرف في مكانه الصحيح.. أم تسعى للعب دور الوسيط الإقليمي؟ أم تُجهّز نفسها لاحتمال انتقال شرارة الحرب إلي أراضيها؟
وأيًا ما تكن قناعات الأنظمة العربية وموقفها من الطرفين فلا مفر من تعزيز القدرات الدفاعية لحماية أراضيها واتخاذ موقف موحد يحول دون استفراد الهيمنة الإسرائيلية بالإقليم والعمل ضمن أطر دبلوماسية جماعية، سواء عبر الجامعة العربية أو من خلال تحالفات إقليمية، لطرح مبادرات وقف إطلاق نار أو تفاهمات سياسية قد تساهم في خفض التوتر.
والأهم من ذلك، الاستثمار في الاستقرار الداخلي، سواء اقتصاديًا أو سياسيًا، لأن هشاشة الداخل تجعل أي دولة عرضة للابتزاز أو الانجرار للصراعات الكبرى دون أن تكون طرفًا فاعلًا فيها.