احمد الشامى
أقول لكم «هجرة عكسية من إسرائيل»..«ترامب: صبري نفذ..وخامئني: لا استسلام»
«هجرة عكسية من إسرائيل»..«ترامب: صبري نفذ..وخامئني: لا استسلام»
على وقع الحرب الإسرائيلية الإيرانية المشتعلة والتي تهدد العالم بحرب عالمية ثالثة، ودعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران لـ «الاستسلام غير المشروط»، ورفض المرشد الإيراني على خامئني ذلك قائلاً: «لا استسلام»، بدأت موجات هروب جماعي لاَلاف الإسرائيليين من الموانئ الإسرائيلية بحراً كما جاؤوا بحراً عام 1948، إلى قبرص ودول أوروبية باستخدام يخوت خاصة يديرها مدنيون، فراراً من القصف الصاروخي الإيراني المستمر، والذي كلف إسرائيل خسائر مادية وبشرية غير مسبوقة، إذ انتشرت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تنسق عمليات الهروب الجماعي من إسرائيل عبرالبحر، في ظل إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي منذ بداية الحرب، ونقل عشرات الطائرات المدنية إلى الخارج سراً، بالتزامن مع إعلان زيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف، إن الدولة لن تسمح للإسرائيليين بالسفرإلى الخارج، في المقابل أقرّالمغادرون بأن إسرائيل تحولت إلى سجن كبيروباتت أرض الناروالموت بعد أن وصلت الضربات الإيرانية إلى قلب تل أبيب للمرة الأولى منذ إعلان إقامة إسرائيل عام 1948 وأن الصواريخ الإيرانية هي السبب الرئيس وراء مغادرتهم، عبرعدد من الموانئ مثل هرتسليا وحيفا وعسقلان، إذ ينظم أصحاب يخوت صغيرة رحلات تنقل ما بين 6 إلى 10 أشخاص رحلات مقابل تحصيل آلاف الدولارات من كل شخص يرغب في الهروب في ظل غياب أي تنظيم رسمي أو رقابة واضحة وسط حالة من القلق العام من توسع الحرب إقليمياً، وتأتي موجة الهروب الجماعي بعد هجوم واسع شنّته إسرائيل الجمعة الماضية على إيران، استهدف منشآت نووية ومراكز عسكرية إيرانية، ما دفع إيران إلى الرد بهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وأدى ذلك إلى تسبب في أضرارخطيرة داخل إسرائيل أسفرت عن سقوط 24 قتيلاً و592 مصاباً.
نستطيع أن نقول أن ما يحدث في إسرائيل يعكس موجات من «الهجرة العكسية» بحراً من الأرض التي جاؤوا إليها عام 1948 بحراً أيضاً ما يؤكد أن التاريخ يعيد نفسه ويكشف الإخفاق الاستراتيجي لحكومة نتنياهو، التي دفعت ثمناً باهظاً للحرب غير المبررة في غزة والتي أوشكت على نهايتها لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لايزال متمسكاً باستمرارها لتنفيذ مخطط التهجير، إذ بات الإسرائيليون يشعرون أنهم محاصرون في أرض محروقة تشتعل بالتوتر الأمني والتفكك الداخلي، ما يفند حلم «رواية العودة» إلى أرض الميعاد المزعومة التي يروجها الإسرائيليون منذ مئات السنين، إذ تواصل حكومة نتنياهومحاولات اشعال الأزمات في المنطقة عبرالتصعيد العسكري مع إيران، بعد أن بات ترويج سردية الحرب في غزة دفاعاً عن النفس مفضوحاً عالمياً ومحلياً حيث أن هروب الشعب من أرضه يؤكد عدم الانتماء إليها في وقت يُفترض أن يتمسك بها وقت الأزمة ويدافع عنها، فيما يرفض غالبية العالقين في الخارج العودة، وسط تزاحم الإسرائليين في الداخل على الفرارإلى وجهات عدة مثل قبرص وأوربا، في الوقت الذي يستشهد أبناء فلسطين من أطفال ونساء وشيوخ على أرض وطنهم تحت القصف الذي وصل إلى حد الإبادة، ما يؤكد حدوث مفارقة تاريخية وأن من عادوا إلى (أرض الميعاد) المزعومة يفرون منها ولا يؤمنون بسردية الدفاع عنها، فيما من تسعى إسرائيل لطرده من أرضه من أهالي غزة يموت من أجلها ليُثبت للجميع أنه صاحبها الحقيقي منذ اَلاف السنين وليس محتلاً لها، وبالتزامن مع الهروب أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوتوجيهات بمنع سفر الإسرائيليين إلى الخارج، مبرراً ذلك بالحاجة إلى تخصيص الطائرات لإجلاء أكثرمن 100 ألف إسرائيلي عالقين في الخارج يخشون العودة إلى أرض النار، بعد أن يتوقف إطلاق الصواريخ من إيران في ظل تصاعد التوتر بين الطرفين.
يأتي التصعيد بين إيران وإسرائيل التي تشن هذه الحرب بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية، فيما أكد الرئيس دونالد ترامب أن «صبره مع إيران قد نفذ»، داعياً طهران إلى الاستسلام غير المشروط فيما يرفض على خامنئي المرشد الإيراني دعوته، بدأت المواجهة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل قبل أسبوع رغم تواصل المفاوضات بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي الإيراني، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل ساعات أنه لا يستطيع الجزم بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقصف إيران أم لا، رافضاً الافصاح عما إذا كانت واشنطن ستنضم إلى إسرائيل في الحرب رسمياً من خلال توجيه ضربات مباشرة للمحطات النووية المحصنة في إيران، وأضاف ترامب «إيران تواصلت معنا وتريد أن تتفاوض، هناك فارق كبيربين الوضع الآن وقبل أسبوع، لقد اقترحوا أن يأتوا إلى البيت الأبيض، إنهم عاجزون تماماً وليس لديهم أي دفاع جوي، الأسبوع المقبل سيكون حاسماً، وربما لن نستكمل الأسبوع، على إيران أن تستسلم وأن تتخلى عن برنامجها النووي، لا أعلم كم من الوقت ستصمد، لقد تضررت قدراتها العسكرية بشكل كبير، أبلغت نتنياهو أن يستمر في الحرب»، وعندما سُئل ترامب خلال المؤتمرالصحفي عما إذا كان قد وجّه لإيران إنذاراً نهائياً أجاب: «يمكنك قول ذلك ربما يُمكنك تسميته بالإنذار النهائي»، ودعا الرئيس الأميركي إيران إلى الاستسلام غير المشروط، قائلاً إن صبره بدأ ينفذ وهو يعلم أين يختبئ مرشد إيران، متابعاً: «استسلام غير مشروط، لدينا الآن سيطرة كاملة وتامة على السماء فوق إيران التي تمتلك أنظمة تتبع جوي ومعدات دفاعية جيدة وبكميات كبيرة، لكنها لا تُقارن بالمعدات الأميركية المصنوعة والمُصممة داخل الولايات المتحدة».
دخل الصراع الإيراني الإسرائيلي، مرحلته النهائية منذ إعلان إسرائيل توجيه ضربات عسكرية قتلت خلالها عدداً من أهم القادة العسكريين وعلماء البرنامج النووي الإيراني، يوم 13 يونيو الجاري، وخاطب المرشد الأعلى بإيران، علي خامنئي الأمة الإيرانية بعد يوم من دعوة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران إلى الاستسلام دون قيد أو شرط، قائلاً:«ليعلم الأمريكيون أن الأمة الإيرانية لن تستسلم، وأن أي تدخل عسكري من جانبهم سيؤدي بلا شك إلى أضرار لا يمكن إصلاحها»، محذراً: «الحكماء والعارفين بإيران وشعبها وتاريخها لا يتحدثون مع هذه الأمة بلغة التهديدات»، وأعلن السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن السفارة الأمريكية في إسرائيل تقوم بترتيب رحلات جوية وسفن إجلاء للمواطنين الأمريكيين الذين يرغبون في مغادرة البلاد، من المتوقع نشر مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس فورد» الأسبوع المقبل في الشرق الأوسط، فضلاً عن وضع حاملة طائرات ثالثة على مقربة من الصراع بين إسرائيل وإيران،ترامب وجه رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «استمر بضرب إيران»، كما وجه رسالة للمرشد الإيراني علي خامنئي بعد رفضه الاستسلام غير المشروط قائلاً: «أتمنى له حظاً سعيداً»، وشمل الهجوم الإسرائيلي على إيران على دوافع قد تجعل الولايات المتحدة تشارك في الحرب مشاركة كاملة، سواء كانت للدفاع عن إسرائيل والهجوم على إيران، لكن هذا المقترح يشتمل على مشاكل قد تعيق ذلك، يأتي في مقدمتها خشية الولايات المتحدة من تهورإيران وضرب القواعد الأمريكية في الخليج، إذ تسعى واشنطن لتحقيق كل ما تريده خصوصاً تدمير البرنامج النووي دون فقدان جندي أمريكي واحد.
كل المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة تستعد لدخول الحرب رسمياً وتنتظر وقوع حادث عرضي كاستهداف القوات الأميركية عن طريق الخطأ أو القصد لإيجاد مبرر لإعلان الحرب على إيران رغم تمسك الولايات المتحدة برفض المشاركة المباشرة في الهجوم على إيران حتى الاَن، على أن تمد إسرائيل علناً بالسلاح والعتاد، فضلاً عن المعلومات الاستخباراتية والتوجيه بالأقمار الاصطناعية، وكذلك بدعم إسرائيل في التصدي للهجمات الإيرانية، وأكدت الإدارة الأميركية أنها لا تشارك في الحرب الإسرائيلية على إيران حالياً، لكنها سعيدة في نفس الوقت بالهجمات الإسرائيلية التي وصفها الرئيس دونالد ترامب بأنها ممتازة، وأشارإلى أن القادم أسوأ إذا لم تقبل إيران بالشروط الأميركية في المفاوضات على المشروع النووي، مشيراً إلى إبلاغه إسرائيل له بموعد هجومها، ومشاركته في عملية الخداع بالتصريح عدة مرات بأنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوالامتناع عن شن هجوم عسكري على إيران قبل جلسة المفاوضات مع إيران في عمان بيومين، الأمرالذي أوقع القيادة الإيرانية في خطأ جسيم أدى إلى اغتيال عدد من القادة العسكريين، ويكشف ذلك عن الموقف الأميركي المعقد الذي يدرس الرغبة في القضاء على المشروع النووي الإيراني، لكنه يخشى في ذات الوقت من خوض حرب مباشرة مع إيران ستعرض حياة قواته بالمنطقة للخطر، في حال ضرب إيران قواعده العسكرية الموجودة فيها، وقد يقع مجدداً في مستنقع شبيه بالمستنقع العراقي أو الأفغاني يستنزف موارد الولايات المتحدة، ويؤلِّب الرأي العام الأميركي عليه.
حددت أمريكا بشكل غير مباشرعوامل قد تدفعها للتدخل المباشرفي الهجوم على إيران أولها رغبة القيادة الإسرائيلية في ذلك، خصوصاً نتنياهو الذي حرص على تصوير الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه نيابة عن كل القوى الغربية، داعياً ترامب إلى المشاركة في العمليات الهجومية، ويستند موقف نتنياهوإلى اعتبارين، الأول تحميل الولايات المتحدة عبء الحرب لتتخفف منه إسرائيل، كما أن ترامب يعلم أن إسرائيل لا تمتلك القدرات العسكرية للقضاء التام على المشروع النووي الإيراني، وتستطيع إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية الموجودة فوق الأرض فقط، مثل منشأة نطنز ومركز أصفهان، لكنها لا تستطيع الوصول إلى منشأة فوردو الموجودة تحت الأرض بنحو 80-100 متر داخل جبل، ولا تستطيع حالياً الوصول إليها إلا الولايات المتحدة لأنها تتفرد بامتلاك الطائرة بي 2 سبيرت (B-2 Spirit) تعرف أيضاً بـ"القاذفة الشبح"- هي طائرة بعيدة المدى ومتعددة الأدوار قادرة على حمل ذخائر تقليدية ونووية، وتمثل قفزة نوعية في التقنية المتقدمة، وتُعد معلماً رئيساً في برنامج تحديث القاذفات الأميركية، كما أنها تطوير لسابقتها بي-52 ستراتوفورتريس، وهي الوحيدة القادرة على حمل القنبلة «جي بي يو - 57» الأميركية الخارقة للتحصينات وهي ذات قدرة تدميرية هائلة وتعتبرالسلاحَ الوحيد القادرعلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية المدفونة بعمق على غرارمنشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم جنوب طهران ما يجعلها (القنبلة) خيار الرئيس دونالد ترمب في حال قرر دعم إسرائيل عسكرياً، وتعتبر القنبلة «جي بي يو - 57»، هي رأس حربي يزن نحو30 ألف رطل (13607 كيلو جرام) قادر على اختراق 200 قدم (61 متراً) تحت الأرض قبل الانفجار، وهي غائبة عن ترسانة إسرائيل التي قالت إن هدفها المعلن من هذه الحرب هو منع إيران من صنع قنبلة نووية، وإن كان من غير المؤكد قدرة هذه القاذفات على التخريب الكامل للمنشأة، إذ لم يسبق أن اشتركت الولايات المتحدة وإسرائيل في خوض حرب على عدو مشترك حتى في أحلك أوقات إسرائيل، مثل حرب 1973، عندما تعرضت لهزيمة عسكرية ساحقة وحرصت الولايات المتحدة على أن يكون دعمها غير مباشر، كالإمدادات في العتاد والأسلحة، والمعلومات الاستخباراتية، والدعم المالي والتقني، والمشاركة في صد الهجمات على إسرائيل، والآن فإنه إذا شاركت الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في الهجوم على إيران، فستعرّض قواتها في الدول العربية المجاورة لإيران لرد طهران، وتتعرض هذه الدول العربية للهجمات الإيرانية، مستقبلاً مع ما يحمله ذلك من تبعات، قد تكلف الولايات المتحدة خسائر مادية وبشرية جسيمة.
شرعت الولايات المتحدة في إتخاذ إجراءات تشيرإلى مشاركتها في الهجوم المباشر على إيران، إذ تحشد القوات اللازمة والقطع البحرية، والمضادات الجوية الكافية لحماية قواتها وقواعدها، كما أن قرار الحرب يحتاج إلى موافقة الكونغرس، وتماسك الإدارة الأميركية التي قد تتصدع إذا قررترامب خوض الحرب، وتستعد واشنطن لدخول الحرب في حال ساءت وضعية إسرائيل ولم تعد قادرة على التصدي للهجمات الإيرانية، أو أصبحت إيران ضعيفة غير قادرة على توجيه ضربات مؤلمة توقع خسائر كبيرة، فتنجذب واشنطن إلى خيار المشاركة للقضاء التام على المشروع النووي الإيراني، وفي حال إذا وقع هجوم عرضي غير مقصود على القوات الأميركية بالمنطقة وأوقع قتلى، وسيكون هدف الجوم الأمريكي تدميرالمنشآت النووية في إيران التي تتوزع بين 4 أفرع رئيسية هي مراكز البحث، ومواقع التخصيب، والمفاعلات النووية، ومناجم اليورانيوم، وأهم مواقع تخصيب اليورانيوم مركز رامانده ولشكر آباد، ومنشأة نطنز، وموقع دارخوين المشتبه في أنه معد للتخصيب، ومركز أردكان لتنقية خام اليورانيوم، ولإيران منجمان لليورانيوم هما منجم سغند ومنجم زاريغان، واليورانيوم المخصب بنسبة 20% لا يحتاج إلا لبضع خطوات إضافية ليصبح مخصبا بنسبة 90% ويكون عندئذ جاهزاً للاستخدام في الأسلحة النووية، وبذلك تصبح عضوية إيران في النادي النووي أمراً واقعاً بتمكنها من تحقيق تخصيب بنسبة 20%، وهذا ما يثير قلق أعدائها، وأكد نتنياهو،أن بلاده ماضية في طريقها نحو النصر، مشدداُ على أن إسرائيل قادرة على إزالة التهديد الذي تشكله منشأة فوردو النووية الإيرانية، هدفنا واضح إزالة تهديد البرنامج النووي الإيراني، وتفكيك برنامج الصواريخ الباليستية، إلى جانب تحقيق أهداف استراتيجية أخرى، فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن قواته بلاده "ستهاجم أهدافًا بالغة الأهمية في طهران، مشيرا إلى أن "محطة فوردو قضية سيتم معالجتها"، والتي كشفت إيران عنها في سبتمبر 2009 وهي محصنة داخل الجبال بين طهران وقم وبعد أن وصفتها بأنها "موقع إنقاذ" في منطقة جبلية بالقرب من قاعدة عسكرية لحمايته من هجوم جوي.
إن الحرب بين إيران وإسرائيل لها أسباب معلنة وهي القضاء على البرنامج النووى والصاروخي الإيرانى ووقف تمدد دورها على حساب إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً في الدول العربية، لكن الأسباب الخفية لهذه الحرب خطيرة جداً إذ يأتي في مقدمتها الصراع على قيادة منطقة الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل الاَن بين إيران وإسرائيل، فيما تنتظرالقوة الثالثة وهى تركيا الفائز من الإثنتين للدخول في مواجهة نهائية ستؤدي حتماً إلى حرب عسكرية ليصبح للمنطقة قائد واحد وهو ما تسعى إسرائيل للفوز به من خلال الدعم الأمريكي الأوروبي غير المحدود، إذ تعتبرإسرائيل نفسها وكيلاً لأمريكا في المنطقة، ولذا تتصرف واشنطن بصفتها دولة مسيطرة على العديد من الدول العربية وصاحبة القرار فيها خصوصاً التي يوجد بها قواعد أمريكية ولن تسمح لدولة أخرى سواء إيران أو تركيا بالسيطرة على المنطقة المليئة بالثروات الطبيعية والنفطية والأموال بعد أن أخرجت روسيا من الحسابات وأسقطتها في وحل الحرب الأوكرانية وتحذيرها للصين بعدم التمدد في المنطقة، بعد أن صارت تعتبرها ملكاً لها وليست مجرد صديقة، لكن السؤال المهم الاَن هل تضحي أمريكا بإيران حليفتها القديمة التي حولتها إلى" بعبع" لتخيف به دول الخليج من خلال نظام الحكم الموجود بها والسماح لها طوال السنوات الماضية بإقامة برنامجها النووي وتطويره، ألا تخشى مطالبة دول الخليج لها بمغادرة قواعدها العسكرية بعد أن يزول الخطرالإيراني؟ أعتقد أن واشنطن تفكرفي هذا الأمر ولذا تعمل على تجهيز إسرائيل طفلتها المدللة التي شبت عن الطوق وصارت بعبعاً جديداً لتحل محلها في المنطقة بزعم قيادتها لتملي عليها الأوامرعبرتهديدها بالحرب، والسؤال الثاني هل تضحي أمريكا بحليفتها تركيا الساعية إلى إعادة تشكيل الإمبراطورية التركية (العثمانية) من جديد من خلال قيادة المنطقة والتي تترقب الموقف والحرب الإسرائيلية الإيرانية للدخول في مواجهة مع المنتصرلتحقيق أحلامها التوسعية؟.
وأقول لكم، إن الحروب الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة تحمل في طياتها طابعاً دينياً صليبياً استعمارياً ولن تسمح واشنطن لدولة عربية أوإسلامية أوقوة عظمى مثل روسيا والصين بالصعود والحداثة والتطويرالاقتصادي والعسكري لتقود منطقة الشرق الأوسط خصوصاً الدول العربية التي تحصل واشنطن على ثرواتها ونفطها وأموالها دون مقابل، إذ بات الشرق الأوسط الذي يتشكل الاَن يحمل اسم الشرق الأوسط الجديد جداً والذي ستسيطرعليه دولة واحدة وليس ثلاث دول كما أعد سلفاً في مراكز أبحاث الولايات المتحدة التي اقترحت أن تقود إيران وتركيا وإسرائيل المنطقة في مشروع الشرق الأوسط الجديد، الأمل الأخيروالوحيد للدول العربية للخروج من أصفاد هذه التبعية الأمريكية الحالية الإسرائيلية مستقبلاً أن تسرع الخطى في إعلان وحدة فاعلة تتعاون من خلالها اقتصادياً وعسكرياً لمواجهة التحديات التي بدأت تطل برأسها على الشرق الأوسط حتى تتمكن من الوقوف في وجه هذه الهيمنة الاستعمارية الجديدة، وأن تنتبه إلى الخلافات المفتعلة بينها التي تصنعها الدول الغربية والجماعات الإخوانية لإعطاء الفرصة لأمريكا وإسرائيل لتنفيذ مخططاتهما التوسعية ويأتي في مقدمتها حلم إسرائيل الكبرى، وإلا ستواجه جميع دول المنطقة مصير فلسطين وإيران وسوريا والعراق والسودان وليبيا، فهل حان الوقت لننسى الخلافات المصطنعة وننتبه لحجم المؤامرة التي نواجهها قبل أن يفوت الاَوان.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com