ترامب الغاضب.. وتقرير المخابرات!!

كان لافتًا أن الرئيس الأمريكى ترامب وهو يعلن أول أخبار الضربة الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية أكد بحسم أن الضربة قد نجحت، وأن المفاعلات قد تم تدميرها بالكامل، وأن المهمة قد تمت بنجاح!!.. كان ذلك بعد دقائق من الضربة العسكرية وفى وقت كان الخبراء جميعًا يترقبون النتائج ويؤكدون أن الأمر سيحتاج وقتًا للتأكد من حقيقة ما حدث وتحديد مدى الأضرار التى لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية. لكن ترامب بدا غاضبًا من أى تحفظ ومتمسكًا بأن التدمير الكامل للمنشآت النووية الإيرانية هو ما حدث.

ومع ذلك لم ينته الجدل داخل أمريكا بل تضاعف بعد تسريب تقرير سرى للمخابرات الأمريكية يقول إن الضربات الأمريكية على إيران قد أخرت البرنامج النووى الإيرانى بضعة أشهر لكنها لم تدمره كما قال ترامب!! التقرير أذاعته قناة «سى. إن. إن» التليفزيونية، وصحيفة «نيويورك تايمز» الشهيرة، وقد سارع ترامب بنفسه للرد عليها وتأكيد صحة تقييمه للضربة على إيران، وكال لها الاتهامات بالكذب والتضليل والعداء له ولكل إنجازاته!!..

ومع ذلك لم يتوقف الجدل، وبالأمس وفى «لاهاى» حيث انعقدت قمة دول «الناتو» طغى هذا الجدل على المؤتمر الصحفى الذى عقده ترامب الذى بدا غاضبًا ومنفعلًا لدرجة وصفه لوسائل الإعلام الشهيرة التى نشرت تقرير المخابرات بأنها «حثالة»!! بينما قال وزير دفاعه المرافق له إن المباحث الفيدرالية الأمريكية تحقق فى «تسريب» التقرير ونشره!!

الرئيس ترامب كان حريصًا على أن يعلن نبأ الضربة العسكرية بنفسه، وأن يؤكد أنه محا المنشآت النووية الإيرانية من على ظهر الأرض، وأن طياريه قد عادوا سالمين لكى يهدئ من المخاوف الداخلية من التورط فى حرب طويلة، ولكى يقول لجزء كبير من أشد أنصاره أعلنوا معارضتهم للتدخل العسكرى إنه فعلها بنجاح وانتهى الأمر ولن يتورط فى المزيد.

بينما التقديرات الأخرى كانت تقول إن إيران نقلت جزءًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب ومن أجهزة الطرد المركزى من المفاعلات إلى أماكن آمنة وغير معروفة قبل الضربة الأمريكية. وأن المنشآت النووية التى تم استهدافها قد تضررت بدرجات مختلفة لكنها لم تدمر. وأن البرنامج النووى الإيرانى قد تعطل لكنه لم ينته!!

ربما كان هذا الوضع هو ما ساعد على التوصل لإيقاف إطلاق النار الذى ينبغى الحفاظ عليه، وفتح الباب أمام تفاوض جاد تحكمه القوانين والاتفاقيات الدولية. وربما يفسر هذا الوضع أن كل الأطراف كانت تحتفل بالانتصار فى هذه الحرب، وكلها تبحث عن الخطوة التالية. المؤكد الوحيد أن علينا أن ننتظر تغييرات قادمة فى قيادات أجهزة المخابرات الأمريكية التى قالت من البداية إن إيران بعيدة عن السلاح النووى لسنوات عديدة!!