الوطن
سحر الجعارة
الحل عند وزير الأوقاف
الحل عند وزير الأوقاف

من أكثر الجرائم التى توجع قلبى وتجعلنى أشمئز من العالم كله اغتصاب الأطفال، أحاول أن أتحايل على الألفاظ وأنا أكتب عن هذه الجريمة البشعة، أو ألجأ إلى الإيحاء «حتى لا أصدم المجتمع»، كما حدث فى مسلسل «لام شمسية»، ولكن يبدو أن المجتمع لا بد أن يتلقى صدمات كهربائية علَّه يفيق!.

إنها جريمة لا يمكن أن نلوم فيها الأهل والمدرسة لأن كل الأطفال يلهون فى الشارع، ويذهبون لشراء طلبات البيت، ولا يمكن أن نقول إن المجتمع المصرى قد توحّش.. فى باكستان، وهى دولة إسلامية، خرجت المظاهرات عام 2018 فى كل مكان تطالب بالقصاص للطفلة «زينب»، وذكرت الشرطة أن المتظاهرين الغاضبين هاجموا مركزاً للشرطة ومبنى حكومياً قريباً فى مقاطعة البنجاب الشرقية، مما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة عدد غير محدود.. أتحدث عن الطفلة «زينب أنصارى»، ذات السبع سنوات، التى ذهبت لتتلقى دروساً فى القرآن فى منزل مجاور لبيتها، (فى إقليم البنجاب الباكستانى)، بينما كان والداها يؤديان العمرة فى السعودية.. ثم اختفت!.

وبعد عدة أيام تم العثور على جثة «زينب»، فى صندوق قمامة، بعدما تعرضت للاغتصاب من وحش بشرى، لم يرحم طفولتها ولم ينصت لصرخاتها، وانتهك البراءة كلها ممثلة فى جسدها الذى لم تتفتح أنوثته بعد!.

بل ربما حرضته «الطفولة» على تكرار جريمته البشعة لحوالى ثمانى مرات، فقد قال المفتش العام لشرطة ولاية البنجاب «عارف نواز خان»، لقناة «جيو نيوز» الباكستانية: «من الواضح للغاية بعد اختبارات الحمض النووى، أن القاتل فى الجرائم السبع الماضية، والجريمة الثامنة (قتل زينب)، هو شخص واحد نفذ تلك الجرائم البشعة».. إنه مرض بيدوفيليا أو الاشتهاء والوَلَعُ بالأطفال (باللاتينية: ‏Pedophilia)، وهو مصطلح علمى يصف شذوذاً مرضياً يؤدى إلى الاعتداء الجنسى الإجرامى من قبل بعض البالغين على الأطفال الأبرياء لكنه لا يبرره!.

وقبلها بعام هزت المجتمع المصرى جريمة الطفلة «جانا» المعروفة اصطلاحاً باسم «طفلة البامبرز»، والمرعب فى هذه القضية تحديداً أنها تمت وقت صلاة الجمعة، بينما كانت أصوات الدعاة تملأ الأرجاء ابتهالات وأدعية وقرآناً وأحاديث نبوية، فمن أين تأتى الرغبة فى تلك الأجواء المعبقة بالروحانية؟ تأتى من الغل المستعر تحت جلد شاب ضائع.. وتائه بين رغبة لا تتحقق وفتاوى تحريضية، تدفعه لأن ينهش أى قطعة لحم تسمى «أنثى».. فالشعب «المتدين بالفطرة» أغلبه فى واقع الحال «مُضلل ومغيب»، وشاب كهذا طبعاً كان يستمع إلى «أبوإسحق الحوينى»، وهو يجتزئ من القرآن الكريم آية تبرر الزواج بطفلة فى الثالثة من عمرها.. أو كان يستمع إلى «ياسر برهامى» أو «عبدالله رشدى» وهو يتحدث عن «مفاخذة الطفلة» أو وطئها حتى تبلغ! ونحن لا نطارد من يطلقون مثل هذا الفتاوى المدمرة، بل نلاحق الضحية بالتجريس والفضيحة!!.

صحيح أنها مهمة شبه مستحيلة أن نلاحق على كل تلك القرى النائية بالتثقيف ونشر الوعى، لكن الخطأ الأكبر أننا نعتمد فى ذلك على المعلم وشيخ المسجد أو الزاوية رغم أنهم أبناء «نفس الثقافة» نفس التنشئة الاجتماعية وتحميل البنت لمفهوم العار.. ورفع راية «الشرف» هذه اللافتة العريضة التى تُرتكب تحتها أبشع الجرائم، من باب الشك فى سلوك «الضحية»، فمصر تُعد من أكثر الدول فى ارتفاع معدلات «جرائم الشرف».. لكن الواقع يؤكد أن ما نردده عن قيم النخوة والشهامة والشرف هو مجرد «ذكرى» فى القاموس الشعبى.

وليست الطفلة «سجدة» ذات الأربعة أعوام، إلا اسم حلقة من حلقات هذا المسلسل الإجرامى المتسلف، سجدة خرجت لشراء «قرص» من المخبز، فاستدرجها المتهم «عامل بالفرن»، وأغلق باب الفرن عليها لمدة ثمانى دقائق، تعدى خلالها عليها، قبل أن تخرج باكية وتخبر شقيقها بأنها «ضُربت»، دون إدراكها لما جرى.

والدا الطفلة أسرعا إلى المكان بعد علمهما بالواقعة، وشهدا آثار التعدى، فيما حاول المتهم الهروب بالقفز من سطح منزله إلى منزل مجاور، لكن تمكن الأهالى من ضبطه وتسليمه إلى قوات الشرطة.. بينما ذهبت «سجدة» إلى الأطباء لمداواة الممكن من جرحها!!.

قرية «سجدة» مثل كل الضحايا، ما زالت تتمسك بتقاليد «العار والفضيحة»، ولا تتستر على العرض المهتوك.. والضحية لم تكبر لتعرف أن المجتمع ينتفض دفاعاً عن «النقاب» ويملأ المحاكم بدعاوى قضائية تريد فرضه كجزء من «الشريعة».. ولم تسمع بمئات الحالات التى تعرضت فيها النساء للسعار الجنسى، الذى وصل إلى حد تمزيق الملابس الداخلية للضحية بموس.

إنها «طفلة» تنتمى لأسرة قروية، أسرة لا تعرف عقوبة المغتصب ولا جزاء من يختطف أنثى.. لم تتصور يوماً أن الأم أو أياً من أفراد الأسرة مضطر للوقوف أمام كاميرات السوشيال ميديا ليتحدث عن «عرض سجدة».. أسرة ليس لها حساب على «الفيس بوك» أو «تويتر» لتداوى جرحها وتصرخ لتطالب المجتمع بإعدام الجانى.. لكن القضاء العادل حقق القصاص لـ«سجدة» وأحالت محكمة جنايات شبين الكوم والمنعقدة فى وادى النطرون، المتهم بالتعدى جنسياً على الطفلة «سجدة» داخل مخبز إلى المفتى.

لى طلب محدد عند وزير الأوقاف، الدكتور «أسامة الأزهرى»، أن يوجه الأئمة والدعاة بالوزارة إلى نشر الوعى بخطورة تلك الجريمة، والتعريف بكل السبل بما يحرم هذه الفعلة الشنعاء «فى خطبة الجمعة»، من القرآن والسنة.. وأنا لا أجد حرجاً فى هذا الطرح ما دام للدين الصوت الأعلى فى هذه القرى البعيدة.. وما دام بيننا من يحرض على أعراض الأطفال بآلية «الحلال».. وأتصور أن المسجد له دور اجتماعى حتى فى الثورات الوطنية وهو شريك لنا فى معركة الوعى.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف