الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «من يسدد الفاتورة القاسية؟»..«حرب الـ 12 يوماً..الخسائر والرسائل»
«من يسدد الفاتورة القاسية؟»..«حرب الـ 12 يوماً..الخسائر والرسائل»

على طريقة أفلام الأكشن الهوليودية الأمريكية اندلعت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وبعد 12 يوماً أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية المعركة التي بدأت فجأة وتوقفت فجأة وكأننا أمام نهاية تراجيدية في إعقاب رد إيراني استهدف القاعدة العسكرية الأميركية «العديد» في قطر دون أضراربشرية أومادية، بعد أن سحبت واشنطن قواتها وأصولها العسكرية منها قبل الهجوم، ما جعل البعض يعتقد أنها نهاية «مسرحية» للحرب متفق عليها بعد أن شكر ترامب إيران بزعم أنها أبلغت بلاده مسبقاً بالهجوم، الذي وُصف بأنه حدث لـ «إنقاذ ماء وجه إيران»، بعد قصف الولايات المتحدة لأهم ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية، ولذا طُرحت الكثيرمن الأسئلة على الطاولة وجهزت الأقلام لحساب الأرباح والخسائر والرسائل للأطراف الأربعة المشاركة في الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر، إسرائيل وإيران وأمريكا ودول الخليج، والتي يأتي في مقدمتها من دفع فواتيرتكلفة حرب الـ 12 يوماً القاسية؟ وما مستقبل الشرق الأوسط بعد توقف هذه الحرب؟ وما إذا كانت أمريكا وإسرائيل ستواصلان مخطط تنفيذ الشرق الأوسط الجديد جداً؟ بعد أن تبين للجميع أن أميركا لم تعد اللاعب الوحيد والرئيس في المنطقة القادرعلى تغييرالخرائط والأيدلوجيات وإتخاذ القرارات التي تحدد مصيرالشرق الأوسط وتغيير وجهه وأنظمته، خصوصاً بعد هجوم إيران على القاعدة الأمريكية في قطروتهديدها بإغلاق مضيق هرمزبالخليج العربي الذي يمرمنه ما لا يقل عن 20 % من نفط الخليج إلى العالم، ما هدد دول الخليج بوصول نيران الحرب إليها وهو ما لن تتمكن من تحمله بعد أن سحبت أمريكا غالبية قواتها وسلاحها من قواعدها العسكرية في هذه الدول وتركتها تواجه مصيرها المحتوم بمفردها بعد أن سددت فاتورة الحرب الباهظة.
كشفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية أن هناك قوى إقليمية في الشرق الأوسط قوية وقادرة على فرض إرادتها ورؤيتها على الصراع حتى لو تحملت أضراراً كثيرة نتيجة مواقفها الداعمة للقضايا العربية، ويأتي في مقدمتها مصرالتي تعتبرأول دولة تقول للولايات المتحدة وإسرائيل «لا للتهجير.. لا لعبور السفن الأمريكية من قناة السويس دون سداد الرسوم» وتحملت في سبيل ذلك الكثيرمن الضغوط من أجل هذا الموقف غير المسبوق، إذ إن أمريكا اعتادت أن تأمردول المنطقة فتُطاع دون مناقشة، وهو ما شجع إيران على إتخاذ هذا الموقف عندما طالبتها الولايات المتحدة بالاستسلام غيرالمشروط والتوقيع على الاتفاق النووي الذي ينتقص من كرامتها وهيبتها بإعتبارها دولة مستقلة ذات تاريخ وسيادة، إذ رفض المرشد على خامئني هذا الاتفاق داعياً الإيرانيين إلى الصمود في وجه الغطرسة الأمريكية والتهديد الإسرائيلي، ما دفع إسرائيل إلى الهجوم عليها دون سند قانوني، فيما وجهت أمريكا ضربة قاصمة إلى منشآت إيران النووية من دون الدخول في الحرب، لتمنع إيران من تخصيب اليورانيوم، ما دفع إيران إلى الرد على « ضرب المنشآت النووية» بالهجوم على قاعدة العديد القطرية وعين الأسد بالعراق في خطوة وصفت بـ «المسرحية» المتفق على أدوارها، لتضع بذلك أمريكا كلمة النهاية للحرب خوفاً من تفاقم الأوضاع في المنطقة، واستجابة لضغوط دول الخليج التي لا تتحمل الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران من الممكن أن تعيدها إلى الخلف عشرات السنين، في ضوء غياب الدورين الروسي والصيني اللتين فضلتا أن تظلا بعيدتين عن الصراع على رغم مصالحهما الواسعة مع إيران واستيراد بكين النفط من طهران وحرصها على بقاء مضيق هرمزمفتوحاً للملاحة العالمية.
مضت حرب الـ 12 يوماً وكأننا نشاهد مسرحية كلما انتهى مشهداً بدأ الثاني حتى انتهت نهاية سعيدة بوقف الحرب، ولم تكن كل المشاهد هزلية بل مأساوية تراجيدية حقيقية أبكت الكثير من المتابعبن بسبب حجم الدمارالذي لحق بإيران نتيجة الضربات الإسرائيلية غيرالقانونية، لم يكن إندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية أوحرب الـ 12 يوماً كما يطلق عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجأة، بدأ المشهد الأول من الصراع فجريوم 13 يونيو 2025، قبل ساعات من جلسة مفاوضات بين وفدين من أمريكا وإيران بشأن البرنامج النووي حيث شنت إسرائيل هجمات على عشرات الأهداف الإيرانية بهدف وقف توسع البرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ الإيرانيَين، وفي إطار عملية أطلقت عليها «الأسد الصاعد»، نفذ الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد ضربات استباقية استهدفت مواقع نووية رئيسية ومنشآت عسكرية ومناطق يسكنها علماء نوويون إيرانيون، إذ كانت تعتقد أنها ذاهبة في نزهة للقضاء على إيران لكن مساء يوم 13 يونيو أطلقت إيران عملية «الوعد الصادق 3» رداً على الهجمات الإسرائيلية، واستهدفت خلالها مواقع عسكرية واستخباراتية وسكنية باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، حيث تشكك إيران في شرعية إسرائيل بينما تعتبرالأخيرة البرنامج النووي والصاروخي الإيرانيَين تهديداً وجودياً لها، ولذا تحول التوتربين الدولتين إلى مواجهة مباشرة منذ هجمات 7 أكتوبر 2023 والعدوان الإسرائيلي الذي تبعها على غزة، استطاعت إسرائيل توجيه ضربات لعدد من الفصائل المدعومة من إيران وبدأت بالتخطيط لتحرك مباشرضد طهران وشنت إسرائيل هجمات فجريوم الجمعة قبل انعقاد جولة المفاوضات المتفق عليها بين إيران والولايات المتحدة في مسقط يوم الأحد 15 يونيو 2025، غداة انتهاء مهلة الشهرين التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي.
جاء المشهد الثاني في الحرب مأساوياً إذ أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين، وقادة في الحرس الثوري، وعلماء نوويين مهمين، إضافة إلى تدمير منشآت نووية رئيسية بما في ذلك منشآت نطنز وأصفهان، وأعلنت إيران عن مقتل أكثر من 600 شخص، وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية في مدن مثل طهران وعلى الرغم من ذلك، لم تتأثر قدرتها على استئناف برنامجها النووي بشكل دائم، حيث يُعتقد أن بعض المواد النووية قد تم نقلها قبل الهجوم. في المقابل، ردّت إيران بإطلاق حوالي 500 صاروخ باليستي على الأراضي الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل 28 إسرائيلياً بينهم جندي واحد، وتسبب في دمار واسع النطاق في أنحاء البلاد خاصة في منطقة غوش دان وحيفا وبئر السبع، وأثبتت ضربات الصواريخ الإيرانية فشل منظمومة القبة الحديدية، إذ لم تتمكن من اعتراضها بمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية الأمريكية والأوروبية، ما يؤكد نجاح إيران رغم الحظر المفروض عليها في تصنيع منظومة صاروخية قادرة على إختراق الدفاعات الإسرائيلية الهشة.
المشهد الثالث يوم 22 يونيو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تنفيذ غارات مكثفة بالتنسيق مع إسرائيل استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، حيث شاركت فيها قاذفات بي-2 وأسفرت عن تدمير للمواقع الثلاثة المستهدفة، وجاء هذا بعد فترة طويلة من الحديث عن احتمال توجيه ضربة أميركية مباشرة، ما يمثل تحولاً نوعياً بدخول الولايات المتحدة في الحرب إلى جانب إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران، وليس فقط من خلال دعم إسرائيل في اعتراض الصواريخ على أراضيها، و في اليوم الـ11 من الحرب الإسرائيلية الإيرانية، كان المشهد الرابع من الحرب محورياً عندما قصفت إيران قاعدة العديد الجوية في قطر، في عملية أسمتها "بشائر الفتح" رداً على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية، بينما أعلنت الدوحة أن الدفاعات الجوية اعترضت الصواريخ الإيرانية بنجاح، وقالت وزارة الدفاع القطرية إن الدفاعات الجوية اعترضت هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الجوية، مضيفة "بفضل الله ويقظة القوات المسلحة والإجراءات الاحترازية لم ينتج عن الحادث أي وفيات أو إصابات، وأدانت الخارجية القطرية بشدة الهجوم الذي استهدف قاعدة العديد الجوية من قبل الحرس الثوري الإيراني، وقالت إن الهجوم انتهاك صارخ لسيادة قطر ومجالها الجوي وللقانون الدولي، وأضافت قطر أنها تحتفظ بحق الرد المباشربما يتناسب مع شكل وحجم الاعتداء السافر وما يتوافق والقانون الدولي، وتنفيذاً لإعلان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي قال إنه لا مفر من تلقي الولايات المتحدة ردا على هجومها على منشآت بلاده النووية، ووعد قائد الجيش الإيراني أمير حاتمي، الذي هدد أميركا برد حاسم، في حين قال المتحدث باسم مقر "خاتم الأنبياء" المركزي إن "عمليات قوية وعواقب وخيمة تنتظرالولايات المتحدة رداً على جريمتها والهجوم على المفاعلات النووية الثلاثة فوردو ونطنز وأصفهان، مؤكداً أن الرئيس الأميركي قد يكون من بدأ الحرب لكننا نحن من سينهيها، فيما أكد أحد أعضاء مجلس الأمن القومي بالبرلمان الإيراني أن الحرس الثوري مستعد لإغلاق مضيق هرمز، ما دفع جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي للقول إن تعطيل إيران حركة الملاحة في المضيق سيكون انتحاراً بالنسبة لها.
وفوجئ العالم بالمشهد الخامس سريعاً عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاتفاق على على وقف كامل لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وقال ترامب في منشورعلى حسابه في "تروث سوشيال"، إنه "بعد مرور 24 ساعة تكون النهاية الرسمية للحرب بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوماً من القتال، وأضاف أن إيران ستلتزم بوقف الناربعد حوالي ست ساعات من الآن، تليها إسرائيل بعد 12 ساعة من ذلك، ويبدو أن وقف الحرب جاء خشية توسع الصراع ومواصلة إيران ضربها للقواعد الأمريكية ما يهدد بدخول دول الخليج طرفاً مباشراً في الصراع وهي ليست مستعدة للدخول في حروب وتستعين بأمريكا وقواعدها لحمايتها من أي عدوان خارجي، فضلاً عن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز وتأثيرهذا الأمرعلى اقتصاد العالم، إضافة لمطالبة دول الخليج للولايات المتحدة بوقف الحرب بعد حالة الرعب التي انتابتها من تمدد الحرب وهو ما قد يؤدي لتوجيه ضربات لها تعيدها إلى الخلف عشرات السنين، بعد أن غادر الجيش الأمريكي غالبية القواعد العسكرية في الخليج خوفاً من مواجهة إيران المتحفزة للدفاع عن نفسها بكل ما لديها من قوة وعدم الاستسلام لأمريكا وحليفتها إسرائيل.
المشهد السادس خاص بحسابات الربح والخسائروالرسائل لكل طرف من الأطراف الأربعة أمريكا و إسرائيل وإيران ودول الخليج من هذه المعركة، لأن الحرب ليست نزهة، إذ أثبتت الحرب أن أمريكا لازالت أكبر قوة عسكرية في العالم بعد الضربة التي وجهتها للمفاعلات النوووية الثلاثة الإيرانية دون الدخول في حرب مباشرة، وهي الرسالة التي حاول ترامب الترويج لها في العالم، فضلاً عن حصولها على تكلفة الحرب من دول الخليج قبل أن تبدأ ، لكن في المقابل أدت الضربة التي وجهتها طهران لقاعدة العديد القطرية والتي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط إلى نقل القوات الأمريكية من القاعدة وظهور أصوات خليجية تطالب بطرد القواعد الأمريكية من الخليج بعد أن أثبتت فشلها في حماية هذه الدول بل أصبحت سبباً في الهجوم عليها وهي الرسائل التي بعثت بها طهران لدول الخليج، فيما ترى إسرائيل أنها حققت نصراً على إيران إلا أن الضربات الصاروخية التي وجهتها طهران لقلب تل أبيب أفقدتها توازنها وجعلت الإسرائليين يعيشون في الملاجئ فضلاً عن التكلفة الاقتصادية للحرب والدمارالذي طال الكثير من المنشاَت المهمة في جميع المدن الإسرائيلية إذ أدت الحرب إلى إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي وبلغ تكلفتها مليارونصف المليارشيكل يومياً لكن إسرائيل أرادت أن توهم دول المنطقة بأنها قوية وتستطيع أن تردع الجميع وهي الرسالة التي مزقتها إيران بالضربات الموجعة التي وجهتها لإسرائيل، إما أيران فقد حققت نصراً فريداً على إسرائيل رغم الخسائر الجسيمة التي منيت بها ومقتل العديد من القادة العسكريين وعلماء الذرة والحرس الثوري، إلا أنها لم تستسلم وظلت تقاوم حتى النهاية إضافة إلى النصر المعنوي الذي حققته برفضها الاستسلام وأثبتت قدرتها على أن تظل دولة محورية في المنطقة داعمة للدول العربية والإسلامية ما جعل البعض يصف الصراع العربي الإسرائيلي بأنه بات الصراع الإسلامي الإسرائيلي، بعد دخول إيران على خط المواجهة مع إسرائيل واستعداد باكستان للمشاركة في الدفاع عن إيران ما يؤكد أن هناك فرصة لتكوين تحالف إسلامي عربي قادر على المواجهة في عالم التكتلات، وأكدت إيران على رسالة مهمة إلى العالم بأنه لا شرق أوسط جديد من دونها، أما الخاسرالوحيد في هذه الحرب دون تحقيق أي مكاسب فهي دول الخليج التي دفعت فاتورة قاسية وباهظة قدرها أربعة تريليونات دولار تكلفة هذه الحرب مقدماً لترامب وفي النهاية تعرضت قطرللقصف ولذا سارعت دول الخليج إلى الضغط على ترامب لوقف الحرب قبل أن تتورط بشكل مباشر وتصبح هدفاً لصواريخ إيران التي لا ترحم والتي ضيعت هيبة إسرائيل، فضلاً عن مطالبة مسؤولين إسرائليين لدول الخليج بدفع ثمن الأضرارالتي أصابتها جراء هذه الحرب، ورسالة دول الخليج في هذه الحرب لسنا طرفاً في المعادلة ندفع من أجل حمايتنا وليس من أجل أن نتورط في الحروب.
المشهد السابع، يظهربطل المسرحية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اجتماع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته لدى وصوله إلى قمة الناتو في لاهاي بهولندا، قائلاً إن إسرائيل تضررت بشدة في الأيام الأخيرة، وإنه حقق انتصاراً كبيراً في إيران، وستكون لديه أخبار جيدة عن غزة قريباً، مشيراً إلى أن الضربة على إيران ستساعد في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وهذه ليست المرة الأولى التي يتجدد فيها الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة لكنْ من دون أن تسفر هذه الأنباء عن تطور ملحوظ، وأرى أن ترامب الذي اعترف بتضررإسرائيل من حرب الـ 12 يوماٍ لديه أهداف أخرى لوقف الحرب أهمهما بقاء "البعبع الإيراني" المخيف لدول الخليج إذ أكد على نيته عدم إسقاط نظام الحكم في إيران لتظل القوات الأمريكية في الخليج بزعم حمايتها من صواريخ طهران، إذ سيرفض مغادرة قواته للمنطقة التي يرغب في تغيير ملامحها لتصبح شرق أوسط جديد، وهو ما أكد عليه رئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال الحرب الإسرائيلية ضد إيران، حيث أكّدا أن الشرق الأوسط يتّجه نحو تغيير جذري في حال سقوط النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، وأن هذه الحرب سيكون لها تأثير كبيرليس على الشرق الأوسط فقط بل العالم كله، بعد أن ترث إسرائيل الولايات المتحدة في قيادة المنطقة، لكن فشل أمريكا وإسرائيل في تغييرالنظام الإيراني يجعل طهران حجر عثرة في سبيل تحقيق هذا الحلم.
المشهد الثامن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمسك بخرائط الشرق الأوسط الجديد جداً معلناً أن التغييرلن يكون في الخرائط فقط بل في الأيديولوجيات أيضاً بعد تغييرات وإصلاحات في الأنظمة السياسية خصوصاً في الدول الإسلامية المتشددة ما يمهد لإعادة تشكيل نظام إقليمي جديد عقب أحداث 7 أكتوبر الماضي عندما شنّت حركة حماس هجوماً على إسرائيل بزعم محاولة عرقلة المشروع الاقتصادي الأميركي - الهندي، الذي يُعدّ منافساً مباشراً للمشروع الصيني المعروف بطريق الحرير،كما توسعت دائرة الحرب إلى الجنوب اللبناني مع حزب الله، حيث قُتل زعيمه، حسن نصر الله، في قصف إسرائيلي دقيق، وسقوط النظام السوري في 8 يناير الماضي، فالهدف من الحروب الإسرائيلية في غزة ولبنان وسورية واليمن وطهران هو إضعاف إيران عبر تفكيك وكلائها الإقليميين، وتدميرالبنية النووية التي تُشكّل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل القومي، والحديث لنتياهو الذي يرى أن المنطقة لن يكون بها سوى إسرائيل مسلحة بالتكنولوجيا و قدرات عسكرية لقيادتها، بعد إضعاف إيران وخروجها من المعادلة وتحييد تركيا إذ لزم الأمر، وجاءت زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى دول الخليج، والتي عقد خلالها صفقات اقتصادية وعسكرية قُدّرت بنحو 4 تريليونات دولار، لتؤكد تحمّل بعض دول الخليج التكلفة العسكرية للهجمات الإسرائيلية على إيران، ولاسيما أن هذه الدول ترى في إيران تهديداً حقيقياً في حال امتلاكها سلاحاً نووياً لكن الوضع انقلب عليها.
المشهد التاسع، روسيا والصين وتركيا، يترقبون الحرب بين إسرائيل وإيران، الدول الثلاث لا ترغب في سيطرة أميركا وإسرائيل على ملفات الشرق الأوسط، بعد أن فقدت روسيا حليفها الرئيس السوري بشارالأسد، إذ لا ترغب موسكو وبكين في خسارة إيران أيضاً خصوصاً أن استمرارالحرب يغطي على حرب روسيا في أوكرانيا، فيما ترى بكين أن استمرارالحرب قد يحرمها من النفط الإيراني، وتترقب تركيا عن كثب الحرب الإسرائيلية على إيران خوفاً من أن يكون الدورعليها، بعد سقوط النظام السوري وتغيير في الحكم، وزيادة السيطرة الإسرائيلية على الأراضي السورية، ولذا فأن ما سيحدث في المستقبل سيؤدي إلى تغييرات كثيرة في ظل ضعف الكثيرمن الدول العربية بعد أن تأكدت أن أموالها لن تحميها من الأطماع التوسعية الأمريكية والإسرائيلية بل أنها قد تصبح مطمعاً لهما في حال استمرار وجود القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها والتوسع في التطبيع مع إسرائيل وإعطائها مساحة كبيرة للحركة على أرضيها ما يعطى للموساد الإسرائيلي حرية كبيرة في غياب رقابة هذه الدول.
وأقول لكم، إن المشهد العاشرمن مصرأرض الكنانة، التي يرفض شعبها كافة الضغوط لتهجيرالفلسطينيين من أرضهم منذ إطلاق ترامب دعوته لاستضافة مصر والأردن سكان قطاع غزة، إذ وضعت خطة لإعادة الإعمارمن خلال إنشاء صندوق ائتماني، اعتمدتها «قمة فلسطين» العربية الطارئة في القاهرة، في 4 مارس الماضي، وهي خطةً عربيةً جامعةً وتعمل مصرعلى حشد دعم مالي وسياسي لخطة التعافي المبكروإعادة إعمارغزة والترويج لها دولياً بعد اعتمادها عربياً وإسلامياً، بهدف الدفاع عن المصالح الوطنية والأمن القومي المصري خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والصراعات التي لا تتوقف، رغم مراوغة إسرائيل وتهربها من إرساء الحل السلمى واستمرارالحرب لفرض سطوتها وسط دعم أمريكي غربى على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية بزعم تحقيق أهداف الحرب كاملة وهوما يطيل من أمد هذا الصراع، ويكشف عن حجم جرائم الاحتلال الإسرائيلى بحق الشعب الفلسطينى وسط العالم أجمع، ولذا حان الوقت لتكاتف الدول العربية والإسلامية لبناء تحالف قوي قادر على ردع أي محاولات للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يرتكزعلى إضعاف الدول العربية والاستيلاء على خيراتها.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف