خيرية البشلاوى
الإعلام يا مؤمنين الإعلام!
شهد التاريخ الحديث قائمة من الأحداث تركت آثارها علي مسيرة تطور البلدان العربية.. هذه الأحداث أو النسبة الأكبر منها حولتها الاستوديوهات الغربية وليس العربية إلي أعمال سينمائية يُعاد إنتاجها من جديد ولكن من وجهة نظر تترك انطباعاً يُعمق الأفكار التي يراد لها ان تستقر في الذاكرة الجمعية للمشاهدين في العالم سواء من خلال دور العرض السينمائي أو من خلال أجهزة التليفزيون والكابلات والقنوات المشفرة والعامة.
والمثير للإحباط ان حرب أكتوبر 1973 التي ردت الاعتبار للقوات المسلحة المصرية واذهلت العالم بالمهارات العسكرية الإبداعية التي حولت خط بارليف الحصين إلي أشلاء باستخدام خراطيم المياه. هذه الحرب المجيدة حتي الآن لم تلق عربياً معالجة قوية تليق بالحدث التاريخي الخالد وبصورة خاصة من قبل صناعة السينما المصرية. في حين قامت إسرائيل بتحريف هذا الانتصار وإعادة إنتاجه من جديد في فيلم يزيف الحقائق ويدعي انتصار الدولة العبرية علي "العدوان المصري" وبطبيعة الحال يمجد جيش الدفاع الإسرائيلي وسلاح الاستخبارات الإسرائيلية اذكر فيلم بعنوان "يوم كيبور 1973" بالاضافة إلي أفلام أخري كثيرة صورت حرب السويس 1956 وحرب يونيه وأكتوبر رغم ان الانتصار الذي تحقق في أكتوبر مازال يقض مضجع إسرائيل.
الإعلام السريع و"الناجز" أكثر إنباءً من السيف علي عكس ما قاله الشاعر قديماً "السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب" والجماعات الإرهابية تستخدم السلاحين بمهارة حالياً.
صحيح أنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح ولكن هناك احتمالاً قائماً يؤكد ان مقولة "البقاء للأقوي" سارية والأقوي ليس هو من يملك الحق في أحيان كثيرة.
ومن الأحداث التاريخية المفزعة التي مازالت آثارها المدمرة تتوالي: "الحرب علي العراق" وسقوط العاصمة العربية بغداد 2003. ولعلنا نتذكر اشهر مشاهدها علي الشاشة لحظة تحطم تمثال صدام حسين ومشاهد إعدامه.
انتجت هوليود العديد من الأفلام طول هذه الحرب وصورت من وجهة نظرها مشروعيتها "!!"
وفي هذا السياق التاريخي نتذكر الحرب الأهلية اللبنانية "1975 - 1991" والحرب العراقية - الإيرانية "1980 - 1988" التي كانت موضوعاً للعديد من الأفلام الإيرانية شاهدناها والتي تصور "وحشية" العراقيين في مواجهة "بطولة" الإيرانيين ثم حرب الخليج "1990 - 1991" وما تلاها من التفكك العربي والأجواء السياسية التي شهدت ضمن ما شهدت ما يشبه الحروب الباردة بين بلدان عربية إلي جانب الصراع العسكري الذي انهي أسطورة "الوحدة العربية" و"القومية العربية" وحتي مصطلح "العالم العربي" حيث المطلوب هو تفكيك هذا العالم وتقطيعه وتقسيمه وما يدور حالياً من وقائع فوق هذه المنطقة من عالمنا ليس سوي مشاهد من سيناريو التفكيك المعد سلفاً.
ويتفاوت تأثير هذه الأحداث علي مصر ولكن لعل التأثير الأكبر والأكثر فداحة تأسيس دولة إسرائيل عام 1948 كتتويج للمشروع الصهيوني فالصراع العسكري مع إسرائيل رغم اتفاقية كامب دافيد "1978" ممتد ولم ينته وما يدور علي أرض سيناء المسكونة بالجماعات الإرهابية يشكل جزءاً مفصلياً في هذا الصراع ووحوش "داعش" أدوات ضمن إنتاج مصانع الأسلحة الغربية وإسرائيل ضالعة بالضرورة وفاعلة في هذا السيناريو وفي الإنتاج المشترك بينها وبين أمريكا والغرب الاستعماري.
* شاهدنا مؤخراً صوراً للارهابيين الذين سقطوا علي أيدي قواتنا الباسلة في سيناء.. وكانت وحدها كفيلة لدحض أكاذيب الدعاية القذرة والجاهلة التي روجت لها بعض وسائل الإعلام.. فالإعلام يا مؤمنين سلاح ذو حدين فأحسنوا توجيهه!