الجمهورية
اللواء د. محسن الفحام
رعاية اليتيم.. أمن قومي "الجزء الثاني"
علي الرغم مما شهده الوطن الأسبوع الماضي من عمليات إرهابية قاتلة راح ضحيتها النائب العام الشهيد هشام بركات ومجموعة من خيرة شباب الوطن.. وبالرغم من مئات الأسئلة التي تراودني عن أوجه القصور والتقصير الذي أدي إلي استشهاد النائب العام بكل ما أعنيه سواء بصفتي الأمنية أو بصفتي مواطناً عادياً.. إلا انني رأيت أن استكمال ما بدأته في المقال السابق من خطورة اليتيم واحتمالية تحوله إلي أحد أبناء الشوارع علي الأمن القومي إذا لما نحقق له الحد الكافي من الرعاية الاجتماعية والصحية والثقافية والدينية وزرع روح الانتماء لوطنه.
وهنا يحضرني موضوع أعتقد أنه في غاية الأهمية خاصة فيما يتعلق بهؤلاء الأيتام أو أبناء الشوارع المتواجدين في بعض مراكز ومحافظات الوجه البحري حيث يلجأ هؤلاء إلي المساجد أو الزوايا الصغيرة في الأوقات التي لا تقام فيها الشعائر ويتواجد داخلها بعض شباب السلفيين والإخوان المسيطرين علي تلك الأماكن حيث يتجاذبون أطراف الحديث مع هؤلاء ويستطيعون بما لهم من قدرة علي استمالتهم إلي الانضمام إليهم أو الالتحاق بإحدي الجماعات الإرهابية أو علي الأقل زرع بذور الحقد والكراهية علي المجتمع.. والغريب أن الذي أخبرني بذلك أحد العمد المعينين في تلك المراكز وأضاف أنهم بالفعل مارسوا تلك المحاولات أيضاً مع بعض المجندين من أفراد الشرطة وكان لهم تأثير سلبي واضح عليهم لولا تدخل هذا الرجل الوطني الشريف لحققت تلك المحاولات نتائج غير متوقعة - وأشير هنا إلي انني قد نقلت تلك الواقعة لبعض قيادات الداخلية في حينه وأعتقد أن أحداً لم يهتم بها - المهم في ذلك أن هؤلاء الأيتام إذا لم يجدوا من يحتويهم ويضمهم إلي المجتمع بشكل صحي وجدي فسرعان ما سوف يتحولون إلي تلك القنبلة الموقوتة القابلة للاشتعال في كل وقت وفي أي وقت ألا وهي قنبلة أبناء الشوارع.
كذلك الحال عندما نري هؤلاء الأحداث يتم القبض عليهم وإيداعهم في الحبس الاحتياطي لحين الحكم عليهم حيث يتعاملون مع عتاة المجرمين الجنائيين أو من يحملون تلك الأفكار المتطرفة والذين يظهرون أمامهم بمظهر المظلوم الذي يتعرض للاضطهاد لمجرد أنه مسلم ويدافع عن دين الإسلام فيخرج هؤلاء من محبسهم وقد ازدادوا كرهاً وحقداً علي المجتمع واستعداداً لتدميره وتخريبه.. ولنا في الإرهابي عادل حبارة أكبر دليل علي ذلك عندما تحول من صبي في مقهي إلي أحد عتاة الإرهاب.. إذاً فالموضوع يحتاج بالفعل إلي رؤية مؤسسية تشارك فيها كافة أجهزة الدولة المعنية للتعامل مع هذا الملف.. لقد قامت وزارة التضامن الاجتماعي مؤخراً بعمل حصر تقريبي لأبناء الشوارع ويتردد أن عددهم قد بلغ ثلاثة ملايين وهو عدد لا يصلح معه أن تقوم مؤسسة واحدة بمعالجة تلك القضية.. وفي هذا الإطار فقد انصبت معظم ما ورد إليّ من آراء وتصورات للتعامل مع قضايا اليتيم وأبناء الشوارع علي المحاور التالية:
1- بالنسبة لدور الأيتام يتعين ألا يكون الإشراف عليها قاصراً علي وزارة التضامن الاجتماعي فقط بل لابد من مشاركة الأزهر الشريف برجاله من الدعاة المعتدلين.. بالإضافة إلي التأكيد علي تأمين مستقبلهم الوظيفي لئلا يتكرر ما حدث في قرية الأطفال SOS.. كذلك يجب مشاركة وزارات التعليم في تلك المسئولية خاصة التعليم الفني.
2- بالنسبة لأطفال الشوارع - وأعتقد أن هذا الموضوع قتل بحثاً ودراسة ومقترحات ذهبت جميعها إلي طي النسيان - فجميع ما ورد إليّ من آراء يشير إلي المؤسسة العسكرية ثقة فيها وفي جديتها عند التعامل مع جميع الملفات التي تسند إليها وذلك من خلال قيامها بتجميع من تراه مناسباً كمرحلة أولي في معسكرات تدريب وعمل يتم خلالها زرع روح الانتماء والوطنية لهذا الوطن. بالإضافة إلي تعليم صحيح الدين ثم يتم إلحاقهم بمشروعات الخدمة الوطنية التابعة لجيش مصر العظيم.
3- وهناك رؤية أخري تري إنشاء مشاريع قومية يساهم فيها الشرفاء من أبناء هذا الوطن. بالإضافة إلي رجال الأعمال المخلصين وذلك مثلما يحدث مثلاً في مستشفي سرطان الأطفال يتم خلاله تهيئة هؤلاء أو علي الأقل الصالح منهم للتدريب والتثقيف وإلحاقهم بالعمل في المشروعات التنموية للدولة.. وهنا يحضرني ما أعلنه أحد رجال الأعمال العرب مؤخراً بالتبرع بثروته كاملة لصالح الأعمال الخيرية في العالم والتي تبلغ 32 مليار دولار.. وأتساءل هنا هل من الممكن أن يكون لهؤلاء الأيتام وأطفال الشوارع نصيب في ذلك.. إنه استثمار في البشر ليخلق لنا جيلاً صالحاً لهذا المجتمع الذي يحتاج إلي جهد وعمل وعرق كل فرد فيه ليعبر معه تلك المرحلة لتحقيق خير ورفعة الوطن.
وتحيا مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف