الوفد
عباس الطرابيلى
حقاً.. لماذا مصر؟
يتساءل البعض: لماذا تتركز الآن العمليات الإرهابية ضد مصر، أكثر من غيرها.
حقيقة البعض يراها محاولة الإرهابيين الانتقام من الشعب المصرى، الذى أسقط حكمهم ودمر حلمهم يوم خرج الملايين، وفوضوا الجيش، فى إسقاط حكم الإخوان. سواء يوم الحشد المصرى فى 30 يونية، أو يوم 3 يوليو، ولكننى أرى القضية أكبر من ذلك.
فقد نجح المخطط المغربى فى ضرب العديد من الدول حولنا: فى المشرق العربى كانت البداية فى العراق.. ثم سوريا.. وجنوباً فى اليمن، وغرباً فى تونس ثم ليبيا.. وجاء الدور على مصر.. نجحوا ـ فى كل هذه الدول ـ ولكنهم فشلوا هنا، فى مصر.. فكان لابد من ضرب مصر بسبب هام للغاية، هو أن مصر هى القلعة القوية القادرة على الصمود.. وأيضاً على رد العدوان، ليس فقط عنها وحدها، ولكن عن كل ما حولها.. وهذا هو دورها التاريخى، ومنذ مئات السنين.
<< والتاريخ يقول لنا إنه من السهل ضرب كل الدول حول مصر.. ولكن مصر، وحدها، هى القادرة على التصدى.. بل والنصر.
فقد جاءت الغزوات التى رفعت لواء الصليب، وهو منهم براء، ونجحت فى إسقاط كل الدول فى فلسطين وسوريا ولبنان وشمال غرب العراق.. وأنشأ الإرهابيون الصليبيون 4 دول صليبية فى كل هذه المناطق من غرب نهر الفرات، وجنوب جبال طروس ـ على الحدود العربية ـ التركية وعلى كل ساحل البحر المتوسط من انطاكية شمالاً إلى عسقلان وغزة فى الجنوب الفلسطينى.. بل ووصلوا الى العقبة على خليج العقبة، وهددوا طرق الحج الى الحرمين الشريفين.. ولم يتبق فى المنطقة صامداً إلا مصر وانطلقت منها الجيوش لطرد هذه الغزوات.. طوال عهود الدولة الفاطمية فى مصر، ثم الإيوبية.. الى عصور المماليك العظام.
<< وأمام هذا الصمود المصرى العظيم توحدت جهود الغزاة.. كل الغزاة الصليبيين ـ لضرب هذه القلعة الوحيدة.. الصامدة.. مصر. وتحركت القوات الصليبية سواء من مراكزها فى فلسطين والشام ـ والقدس بالذات ـ أو من مراكزهم الأساسية فى أوروبا، إيطاليا وفرنسا وإنجلترا والنمسا وبروسيا وألمانيا ـ وهولندا تحركت كل هذه القوى لضرب مصر ـ القوة الوحيدة التى بقيت تتصدى لغزواتهم ـ باعتبارها القلعة والمركز الوحيد الباقى.
وكان مخطط هذا الرد الأوروبى يهدف الى تدمير مصر، حتى يسهل لهم السيطرة ـ دون مقاومة ـ على المنطقة كلها.. كان الهدف ضرب مصر مهما كان الثمن. ولهذا تركزت كل الحملات على مصر لتحقيق هذا الهدف.. وتعرضت مصر للعديد من الحملات العسكرية أشهرها حملة أمورى ملك بيت المقدس عام 1164م ثم فى عام 1167م. ووصلت قوات الصليبيين الى قرب القاهرة.. بل وحاصرت قواته مدينة الإسكندرية نفسها!! ثم أيضاً فى عام 1168 ثم حملة رابعة فى العام التالى 1169.. أى أربع حملات خلال خمس سنوات فقط!! ونتجاوز عن بعض الحملات الصغيرة على مصر لنصل الى حملة ملك بيت المقدس حنا دى بريين على مصر بين عامى 1218 و1221م التى احتلت فيها دمياط وشرق وشمال الدلتا وزحفت على القاهرة.. أيام السلطان الأيوبى العادل ثم ابنه السلطان الكامل محمد ونجح الأيوبيون فى التوصل إلى انسحاب الصليبيين من دمياط فى سبتمبر 1221.
<< وكانت الحملة الأكبر عام 1248م التى جاءت أصلاً من فرنسا بقيادة ملكهم لويس التاسع.. أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب وذلك من خلال أسطول بحرى ضم 1800 سفينة و28 ألفاً من المقاتلين.. ونزلوا فى شاطئ رأس البر ونجحوا فى احتلال دمياط، والغريب أن قواته نزلت شاطئ رأس البر يوم السبت الموافق 5 يونية 1249م!! ونجحوا فى احتلال دمياط وتقدموا جنوباً نحو القاهرة، ثم انهزموا.. وأجبروا على الانسحاب من دمياط بعد 11 شهراً يوم الجمعة 6 مايو 1250م.
<< ولم تتوقف مخططات ضرب مصر ـ وهذه المرة من الشرق ـ فقد اجتاحت قوات المغول إيران والعراق وكل الشام، ووصلت الى جنوب فلسطين وكان مخططهم احتلال مصر ليسهل عليهم حكم المنطقة كلها.. وهم جيش لم يهزم من قبل.. ولكن جيش مصر بقيادة قطز وبيبرس نجح فى إنزال أول هزيمة بهم فى عين جالوت ـ جنوب فلسطين ـ عام 1260م.
<< وسوف ننتصر.. ونحطم الإرهاب ـ آخر صور محاولات غزو مصر.. سواء من الداخل، أو من الخارج.. هكذا تقول لنا دروس التاريخ دروس النضال المصرى العظيم
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف