بهاء أبو شقة
آثار الثروة الحيوانية على البيئة
يكمن التحدي في التوفيق بين طلبين متنافسين، علي المنتجات الغذائية الحيوانية وعلي الخدمات البيئية.. يقول تقرير جديد صدر عن منظمة الأغذية والزراعة «فاو» إن إنتاج الثروة الحيوانية يسهم في المشاكل البيئية الأكثر إلحاحاً في العالم، ومن ضمنها أثر البيوت الزجاجية العالمي وتدهور الأراضي وتلوث الهواء والمياه وفقدان التنوع الحيوي، وباستخدام منهجية تأخذ السلسلة السلعية كلها في الاعتبار، تشير تقديرات المنظمة إلي أن الثروة الحيوانية مسئولة عن إطلاق 18٪ من غازات الاحتباس الحراري، وهو نصيب يفوق نصيب النقل، ولكنه يقول، علي الرغم من ذلك فإن إمكانية مساهمة قطاع الثروة الحيوانية في حل تلك المشاكل كبيرة بالقدر نفسه، كما يمكن تحقيق إنجازات كبيرة بتكلفة معقولة.
ويأخذ التقرير الذي بني علي أساس أحدث بيانات متاحة، في الاعتبار الآثار المباشرة لقطاع الثروة الحيوانية، بالإضافة إلي الآثار البيئية للتغيرات ذات الصلة في استخدامات الأراضي وإنتاج محاصيل الأعلاف التي تستهلكها الحيوانات، وقد وجه التقرير أن زيادة عدد السكان والدخل في أنحاء العالم، إلي جانب التغيرات التي طرأت علي أفضليات الأغذية، تحدث زيادة سريعة في الطلب علي اللحوم والحليب والبيض، في حين تحدث العولمة زيادة كبيرة في التجارة بالمدخلات والمخرجات علي حد سواء.
وعلي الرغم من آثارها البيئية الكثيرة والمتنوعة، لا تعد الثروة الحيوانية قوة رئيسية في الاقتصاد العالمي، حيث إنها لا تولد سوي 1٫5٪ تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي، لكن الثروة الحيوانية بالغة الأهمية من النواحي الاجتماعية والسياسية في البلدان النامية، فهي تقدم الغذاء والدخل لألف مليون شخص من الفقراء في العالم، خصوصاً في المناطق الجافة، حيث تمثل الثروة الحيوانية في أحيان كثيرة المصدر الوحيد لسبل المعيشة.
وتقول منظمة الأغذية والزراعة: «إنه نظراً لكون إنتاج الثروة الحيوانية تعبيراً عن فقر الناس الذين لا يملكون بدائل أخري، فإن العدد الضخم للناس الذين يعملون في مجال الثروة الحيوانية نظراً لانعدام البدائل، وعلي وجه الخصوص في أفريقيا وآسيا، مسألة مهمة تواجه صانعي السياسات».
وخلال هذه العملية يخضع قطاع الثروة الحيوانية لعملية تغير فني وجغرافي معقدة، حيث يتحول الإنتاج من مناطق الريف إلي مناطق المدن والمناطق المحاذية لها، وكذلك صوب مصادر أعلاف الحيوان، سواء كانت مناطق إنتاج الأعلاف أو محاور النقل والتجارة، حيث يتم توزيع الأعلاف، كما أن ثمة تحولاً آخر، هو النمو المتسارع في إنتاج الخنازير والدواجن «داخل وحدات صناعية في الغالب» والتباطؤ في نمو إنتاج الأبقار والأغنام والماعز، التي كثيراً ما تربي بصورة مكثفة، حيث يأتي ما يقدر بنحو 80٪ من النمو في قطاع الثروة الحيوانية اليوم من نظم الإنتاج الصناعي، ونتيجة لتلك التحولات - كما يقول التقرير - فإن الثروة الحيوانية تدخل في منافسة مباشرة علي الأراضي والمياه والموارد الطبيعية الشحيحة الأخري.. وللحديث بقية.
سكرتير عام حزب الوفد