ماذا لو قرر الرئيس بمناسبة شهر رمضان أن يفتح بابه للناس لمدة يوم كامل يلتقي بأي شخص في أي وقت، ترى كم ألف بل ربما كم مليون سيفقون على بابه؟، يومها لن تجد المسلسلات سوقا فالكل منصرفون عنها استعدادا للقاء الرئيس، لا وقت للمحمر والمشمر بل إن الإفطار والسحور قد لا يستغرقان سوى دقائق من وقت الطامحين للقاء، الكل ينظمون طيب الكلمات ويرتدون أفضل الثياب الجميع منشغلون بتجهيز طلبهم أو عرض مظلمتهم، قد ينتهي اليوم قبل أن يتيح الوقت للجميع لقاء الرئيس وتلبية حاجتهم ولكن النشوى ستروي قلوبهم بل وستملؤها بالرضا لمجرد اصطفاهم مع جموع الحالمين باللقاء، هل يمكن لأحد أن يضع تصورا مختلفا لمثل هذا اليوم، هل يمكن أن يتخيل أحد أننا سنجد من يطلب من الرئيس جعل اللقاء في غير موعد المسلسلات! أو نجد من يذهب للقائه بدون حلاقة ذقنه وهندمة ملابسه، هل يمكن أن نسمع بأن هناك من قام بطرح شكواه سريعا وكأنه يؤدي واجباً ثقيلا يحاول أن ينفض يديه منه سريعا، هل يتوقع أحد حدوث مثل هذا؟، في اعتقادي الشخصي أن هذا هو المستحيل بعينه، تخيلت هذه الرواية وأنا أستعيد شكل الناس خلال رمضان في السنوات الماضية، كيف أصبح الاستعداد لشهر التلاقي مع الحبيب الأعظم والمجيب الأوحد باهتا فاترا!، كيف أصبحنا نستعد في هذا الشهر لكل شىء إلا لصاحب هذا الشهر ومالكه!، ألم يقل تعالى فى الحديث القدسي «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، هل من المعقول العزوف عن لقاء الله من أجل مسلسل أو سهراية وهل من المنطقي التهافت على الطعام بشكل يوهن العزم ويضعف الحركة ويجعل النوم طاعة العباد الوحيدة، وهكذا قد يمضي الشهر الذي يفتح فيه الله أبواب مغفرته للناس جميعا بدون أن يقف البعض على بابه ولو ليوم أو حتى لساعة واحدة بسبب المسلسلات والعزومات والسهرات تماما كمن كان في طريقه للقاء الملك الذي وعده بعطية كبرى ولكنه شهد عرسا وحفلا في الطريق انشغل به ووصل للملك بعد فوات الأوان وإغلاق الباب.
اللهم اجعلنا من الواقفين على بابك المتلهفين للقياك والمحبين لفروضك الراضخين لأوامرك، المسبحين بعظمة ملكوتك، اللهم أجعل كل قلوبنا لك وكل ما فيها منك، هي لك بالطاعة والخشية والحب وهي منك بالرحمة والتسامح والرفق بعبادك، اللهم يامن له المثل الأعلى في السموات والأرض، امنحنا قبسا من نور صفاتك الحسنى، اللهم إن ضعفت نفسي ومالت فهذا مني وإن عدلت واستقامت فهو منك، اللهم متعني بكل ماهو منك واغفر لي كل ما هو مني، اللهم جئت إليك بخطوات متعثرة تعرقلها الذنوب والخطايا فيا أعز وأصدق من وعد أوفى بعهده ولاقى خطواتي الصغيرة بخطوات واسعة تقصر المسافة بيني وبين التمتع بحنانك ورحمتك، ألم تعدنا بأنه من تقدم منك شبرا تقدمت منه ذراعا، قربني منك يا الله فأنا في حاجة
لقربك، غريب هو من يحتمي بقرب الأهل والأصدقاء ويدفئ جسده بوهج الغالي والثمين من الذهب والممتلكات ويترك روحه باردة خاوية تصفر في جنباتها رياح الأطماع والشهوات، اللهم امنحنا كرما ترفع به من شأننا ورضا يزيد من يقيننا وعزة تقينا من الحاجة لغيرك وقوة وصبرا نستعين بهما على شدائد وصعاب الدنيا اللهم إن كنت لا أستطيع التمتع برؤية وجهك الكريم، فاجعل قلبي يراك ويتمتع بنورك، فمن يمتلئ قلبه بنور الله لا تعرف روحه الظلمة، أترككم مع الله وفي رعايته ورحمته في خير الشهور والأيام .. شهر رمضان
وكل عام وأنتم بخير