منذ بدأت مأساة ما سُمّى بـ«التنظيمات الإسلامية» والسؤال الأهم هو: ماذا يريد هؤلاء؟ وإذا كان معظم المسلمين يوقنون الآن أن صورة الإسلام لم تتعرَّض طوال أربعة عشر قرنًا تقريبًا للإيذاء والتشويه والوحشية التى تعرَّضت لها على أيدى هؤلاء، فإن الأمر لا يتوقَّف عند هذا الحد فى ظنّى.
لقد عاثوا فسادًا وقتلًا وتدميرًا فى المناطق التى سيطروا عليها، خصوصًا فى الوطن العربى، وبات من «المزحات السخيفة» تكرار نفاقهم وأكاذيبهم، هم ومَن والاهم، بمقولة «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، فالقاصى والدانى يستحيل نكرانهما أن إسرائيل لم تنعم منذ زرعها شوكة فى خصر الأمة العربية، وتحديدًا فى خصر مصر، بمثل ما تنعم به الآن من سلامة وحرية حركة، لدرجة أنها تجاهر برفض قيام دولة فلسطينية، ليس على حدود ٦٧، لا سمح الله، بل ولا حتى على ما تبقَّى من أرض فلسطين.. وكما كشف العالم العربى والإسلامى أن هؤلاء يرفعون شعار «الحكم الإسلامى»، والذى تمحور، وَفق تصريحاتهم وخطبهم وقنواتهم، فى المرأة، ومحاولة الوصول إلى سجن المرأة فى البيت، حتى تكون أداة متعة للرجل.
أما الكلام عن العدالة الاجتماعية أو حقوق الإنسان وكرامته، فقد قدَّموا البرهان على أنهم أعداء العدالة وأعداء الإنسان وحقوقه.. ويتساءل كثيرون عن «معين» الأسلحة بكل أنواعها الذى لا ينضب بأيدى الإرهابيين، من أين لهم بكل هذه الأسلحة المتقدمة التى تشيع الخراب والدمار، حصريًّا، فى الدول العربية؟! هل يُعقل أن ينحصر الكفر والفسق والفجور، فقط، فى الدول العربية والإسلامية؟ أليس هذا ما يدّعيه أعداء العرب والإسلام، وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل؟ للأسف لا تزال بعض الدول العربية سادرة فى وهم «العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا»، وكأن واشنطن صديقة أمينة لا تشجع إسرائيل على تحدّى القانون الدولى والاستهتار بقرارات مجلس الأمن وسحق الفلسطينيين قبل حقوقهم.. وكيف لا يخشى أقطاب الإسلام السياسى أن يكف الغرب يومًا عن تزويدهم بالسلاح أو حتى بالذخيرة، باعتبار أن كل الأسلحة التى يقتلوننا بها أسلحة غربية؟ وفى هذه الأيام تسلل الرعب إلى العرب ومواطنى الدول الإفريقية الذين دفعهم ضيق العيش والبؤس إلى المغامرة بحياتهم واستخدام الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية، فيموت منهم العشرات، بل والمئات أحيانًا غرقًا فى مياه البحار والمحيطات، فإذ بمَن يستخدمون «الإسلاميين» ويحركونهم ينتقلون إلى إغلاق كل طاقات الأمل بالعيش ولو فى الحدود الدنيا فى بلاد الغُربة، وذلك بتقرير عملية قتل بشعة ارتكبها سائق يعمل لدى صاحب مصنع فى فرنسا، قتله السائق على طريقة «داعش»، وعلَّق رأسه على سياج بالمصنع وبجواره «توقيع» الحركة التى تنافس النازية والصهيونية فى وحشيتها.
العرب والمسلمون، هنا فى فرنسا، يعيشون لحظات قلق فظيعة، خشية أن تكون تلك الحادثة المروعة إيذانًا بإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وهو ما قد يزلزل أوضاع هذه الدول، وبعضها لديه مهاجرون بالملايين.. أنا ممن يعتقدون فى المؤامرة، ولكن ممن يؤمنون إيمانًا راسخًا بأن ثورة يونيو قد أصابت المؤامرة وأصحابها فى مقتل.