الوفد
عباس الطرابيلى
رسالة.. البدلة الميري
رسائل عديدة أرسلها الرئيس السيسي عندما ذهب أمس الأول إلي سيناء.. أرسلها لكل الدنيا.. أولي الرسائل إلي العالم الخارجي، يقول فيها أنا- مع جيش مصر وكل المصريين- هنا في سيناء التي أرادوها نقطة وثوب علي السلطة في مصر، وانتزاعها من الوطن، التي هي جزء أساسي منه منذ آلاف السنين.. واعتقدوا أنها بسبب بعدها المكاني عن القاهرة أنها لقمة سهلة المضغ والابتلاع.. وتناسوا أن سيناء هي الأقرب عند كل المصريين.. وأن مصر قادرة علي تدمير أي محاولة تستهدف وضع موضع قدم، في أي متر من سيناء..
وهي رسالة إلي الإرهابيين، في الداخل والخارج، سواء نفذوا عمليات فردية انتحارية، أو جماعية.. أو علي عدة مواقع في نفس الوقت.. وهي رسالة إلي ممولي، ومحركي، هؤلاء الإرهابيين.. مهما كانت الأموال التي تقدمها هذه الدولة أو تلك للإرهابيين، حتي لو كانت تملك أكبر حقول الغاز في الدنيا ولا تعرف قيمة ما يأتيها من مال..
<< ولكن الرسالة الأهم هي معني ارتداء البدلة الميري.. بدلة المقاتل المصري.. جندي الصعقة. وهل هناك شرف، أكثر، من ارتداء البدلة الميري..
لقد كان ارتداء الرئيس السيسي للبدلة الميري رسالة يقول فيها: ها أنا أعود إليكم.. بالبدلة الميري، التي ارتديتها للمرة الأولي منذ عام 1970 ثم أعود إليكم اليوم- وأنتم في ميدان القتال- بالبدلة الميري.. عسكرياً مقاتلاً.. وهل هناك أشرف من ميدان القتال في سيناء..
<< أراد «السيسي» أن يكون وسط جنوده- بملابسه الميري- التي تعودوا أن يروه مرتدياً لها.. وفي ميدان القتال.. ذهب إلي موقع الأحداث بعد ساعات من وقوعها، وليس بعد أيام تم فيها تمهيد الأرض لهذه الزيارة.. فهي ليست زيارة عادية.. لأن الأرض هنا ليست عادية.. هي أرض سيناء..
ولقد توقعت هذه الزيارة.. بل وتوقعتها بالبدلة الميري، لأنني واثق أن العسكري المصري عبدالفتاح السيسي أراد أن يكون وسط جنوده لا ليحتفل بانتصارهم علي الإرهابيين، ولكن ليؤكد لجنوده، وللعالم كله، أن مصر لن تخضع.. ولن تستسلم، مهما كانت التضحيات..
<< تلك هي مسئولية القائد العسكري الذي أمضي 45 عاماً بين الجنود والضباط ولا يمكن أن ينسي- كل عمره هذا- ويترك جنوده وسط هذه الحرب الخسيسة.. فكان يجب أن يكون وسط جنوده.. أقول ذلك، وأنا أتمني الا يخلع الرئيس السيسي هذه البدلة الميري الا بعد أن يتم دحر الإرهاب وتدميره تماماً..
أتخيل ذلك، وأمامي صورة الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب الجيش المصري الذي أصر أن يكون بين جنوده، وعلي الخطوط الأمامية وهكذا صنع القادة العظام، الذين انتزعوا النصر من أعدائهم.. منذ أيام رمسيس الثاني وتحتمس الثالث.. وقبلهما منذ أيام أحمس وكاموس.. محررى مصر من الهكسوس.. ومنذ صلاح الدين وقطز وبيبرس إلي عصر محمد علي وابنه البطل ابراهيم باشا، الذي أذل تركيا العثمانية التي كانت أكبر دولة في العالم، في عصرها..
<< والذين استغربوا من ارتداء السيسي للبدلة الميري نسوا أن كل القادة العظام ارتدوا هذه البدلة الميري.. وهي حق يرتديه الحاكم أو السلطان- أو أعلي سلطة في البلاد.. ارتداها الملك فاروق وهو يرفع علم مصر- مكان العلم البريطاني- فوق ثكنات قصر النيل يوم انسحبت قوات الاحتلال من القاهرة- يوم 31 مارس 1947 وبجواره محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر وكبار قادة الجيش المصري.. وارتداها فاروق أيضا- وبجواره مصطفي النحاس وهو يفتتح مسجد الجيش في ألماظة يوم 13 فبراير 1943.. وحيدر باشا- قائد الجيش، في الصف الثالث.. ثم ارتداها وهو يتفقد القوات المصرية خلال حرب فلسطين 1948..
وارتدي فاروق البدلة الميري- البيضاء رداء البحرية- ووضع شارة أمير البحار علي كتفيه وهو يغادر رأس التين إلي المحروسة يوم نفيه إلي إيطاليا في 26 يوليو 1952..
<< وارتداها فرانكلين روزفيلت رئيس أمريكا خلال الحرب العالمية الثانية في يالتا وخلال عبوره لقناة السويس ولقائه بقادة المنطقة.. كما كان الرئيس السادات يحرص علي ارتدائها- خلال- وقبل حرب أكتوبر 1973 وليس فقط في الاستعراضات العسكرية..
<< ذلك هو قدر القادة العظام.. وهو المطلوب منهم لتأمين الوطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف