المساء
محمد جبريل
محمد رسول الله والذين معه "22"
لم يكن السيف وسيلة انتشار الدين الإسلامي. هذا ما أكده عبدالحميد السحار عبر صفحات كثيرة وآيات قرآنية وأحاديث شريفة ووقائع وتصرفات. ويفيد من اجتهادات الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت في رسالته عن: "الإسلام والعلاقات الدولية في السلم والحرب". يقول الشيخ شلتوت انه لا توجد آية واحدة في القرآن تدل أو تشير إلي أن القتال في الإسلام فرض لحمل الناس علي اعتناقه. وان سبب القتال ينحصر في رد العدوان. وحماية الدعوة. وحرية الدين. وإن الإسلام حينما شرع القتال نأي به عن الطمع والاستئثار. وإذلال الضعفاء. وابتغاه طريقا إلي السلام والاطمئنان. وتركيز الحياة علي موازين العدل والمساواة. وعلي حد تعبير الإمام الأكبر فإنه ليس لأحد بعد هذا أن يفتري علي الإسلام. أو يسيء فهم آيات القرآن. فيزعم ما يزعم الجاهلون من أن الإسلام قرر القتال طريقاً لدعوته. ووسيلة الإيمان به.
لم يأذن القرآن للمسلمين بمقاتلة أعدائهم إلا بعد أن يبدءوهم بالعدوان. وبعد أن تكرر منهم هذا العدوان. ولم يبح الإسلام الحرب الهجومية. وإنما أباح الحرب الدفاعية "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين".
ويناقش الكاتب ما رسمه بعض فقهاء القانون الدولي وكتاب التاريخ في الغرب من صورة الإسلام. وانه يقوم علي القهر والغلبة. وانه أعلن الحرب علي كل الأجناس والملل.
إن نفراً قليلاً من كتاب الغرب ــ والقول للسحار ــ عرف للإسلام حقه. وفهم ما فيه من مباديء قانونية دولية. كانت مصدر معظم ما في القانون الدولي الحديث من قواعد. فالبارون ميشيل دي كوب أستاذ القانون الدولي بلاهاي ذكر الكثير مما سبق الإسلام به القانون الدولي. ونظم الحرب بخاصة. وأورد وصية الصديق أبي بكر لجنوده الخارجين إلي سوريا. كما أورد الأوامر التي أصدرها الخليفة الأندلسي عبدالرحمن الداخل سنة 963 م. أي قبل أن تعمل الكنيسة البابوية للسلام. وأشار السحار كذلك إلي الكثير مما ذكره المؤرخ سيديو في كتابه "تاريخ العرب" من فضل الإسلام علي الحضارة الغربية. ونقل عن البارون دي كوب: "هذه هي مختلف القواعد الشرعية الإسلامية التي عمل بها لتخفيف وطأة الحروب من القرن السابع إلي القرن الثالث عشر للميلاد. فهي إذن أسبق ــ بأمد طويل ــ علي الأفكار والمباديء القانونية المماثلة. والتي بدأت تشق طريقها خلال الهمجية التي استلت علي الحياة الدولية الأوروبية خلال القرن الثالث عشر. مما يدل علي أثر القواعد الإسلامية في القانون الدولي الأوروبي.
الإيمان الصحيح هو ما كان منبعثاً عن يقين واقتناع. لا عن تقليد واتباع. وبذلك حطم الإسلام القواعد التي قام عليها التدين في الكثير من الأمم من قبله. وهي قواعد التقليد والاتباع. وإهمال النظر والتفكير الحر. وأهاب بالناس أن يجعلوا عمادهم في عقائدهم. ونشر دينهم الدليل العقلي والمنطق السليم. ودعا إلي النظر والتفكير. وحث علي رفض ما لا يؤيده علم. ولا يعززه دليل.
يضيف الكاتب: إن الحرب لم تكن صلة بين المسلمين وغيرهم من الدول. وقد سلكت الدعوة الإسلامية طريقها بالحكمة والموعظة الحسنة.
ويعرض السحار رسالة لأسقف فلبيني اسمه سالازار. يندد فيها بالقوة التي لجأ إليها المبشرون الأسبان والبرتغال يقول فيها: إن الوعظ والبندقية في يد الواعظ وسيلة سيئة للتبشير. والوسيلة المثلي ما يتبعه الوعاظ المسلمون. فقد جاءوا بغير سلاح مزودين برسالة السلام والإيمان والوداعة والقدوة الحسنة. فاستقبلت الشعوب دين محمد أحسن استقبال.
ويخلص الكاتب إلي القول إن الإسلام لم يشهر سيفاً ولا صوب رمحاً لقهر الناس علي الدخول في دين الله. علمهم ربهم أنه لا إكراه في الدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف