كان الحوار علي الإفطار في موضوعات كثيرة.. أبرزها ما قاله طبيب علم النفس.. وفسر الكثير مما صرت أشعر به. وربما أنت مثلي. قال: إن تكرار مشاهدة حدث سيئ سيجعلك تفقد تدريجياً الإحساس به. إنه ما يصيبنا الآن من عشرة إعلانات متتاليات. تحمل صور مرضي أطفال. كنا من قبل نحزن ونئن ونتفاعل معهم. ومع التكرار والتمادي والمتاجرة بآلام الصغار. اختلف الأمر. ظهور الولد الصغيرعلي الشاشة. وتلقينه كلمات استجداء. أمر له من البشاعة أكثر مما فيه من الإنسانية.. ووصول الإعلان إلي إظهار أطفال "محروقة" يتعدي حدود الآدمية.. أضف ما يبثه الإعلان من سلبية "الرسالة". فالطفل أمام الكاميرا. يصف الضياع بدون الأب والأم ويحكي. وكم من الأطفال فقد الأب أو الأم. وعليه أن يكمل الحياة. وعلينا أن ندعم قدراته الذاتية في مواجهة المصيبة بعيداً عن أن يقفل عليه باب. ويقعد يكلم نفسه. ونتفرج عليه.
ولا ننسي إعلانات "الكراتين".. فكل ست مصرية تحمل كرتونة و"تزغرد".. وعمل الخير يا ناس.. لا يجوز تصويره.. والعطاء لا يرافقه فضيحة.. وإلا تحول إلي معني المن.
رسالة
الإعلان جزء من الرسالة الإعلامية التي تشكل وجدان المجتمع وضميره والتعاون في مراقبة الإعلانات يؤدي لنفس السلبيات المنتظرة من مسلسل أو برنامج.
ومن ناحية أخري.. كيف تدعوني للمساهمة بجنيه وإرسال رسالة بخمسة جنيهات كتبرع. والإعلان نفسه كلف جمعيته خمسة ملايين جنيه.. والرقم صحيح تدفعه الجهة المعلنة ثمناً لبث باقة إعلانات خلال الشهر. وتكرارها.. والأقل أربعة وثلاثة. وكله بالمليون.. أما أرباح شركة المحمول. التي سأرسل منها أياً كانت. فتحسب بالمليار. أرقام تقفز للذهن سريعاً.. عندما تسمع جملة تبرع.. بجنيه.
وحتي المستشفيات والجمعيات المفترض أنها خيرية.. ليس بها دوماً الخير. ستسمع إعلاناً يقول: لا نرفض أي حالة.. ليشوه آخر. ويتهمه ضمناً أنه يرفض دخول بعض الحالات.
ما يحدث بين شركات المحمول من تنافس غير شريف. وصل لأماكن العلاج. لأن الحكاية من أصلها ليست ماذا تبيع. وفيم تتاجر؟!.. إنها أخلاقك ومبادئك.. وما زرعوا فيك من صدق وأمانة ورضا. أو علموك العكس.. وهو ما يفعلونه الآن. فلا أحد علمهم الشرف. ولا هم يهتمون بأن يزرعوه في جيل جديد. لذلك يتساوي الإعلان والمسلسل والبرنامج. كله يتربح. وعليك أن تدفع من أخلاق أولادك.. وتستاهل لو تركتهم يشاهدون شاشة المهزلة.
ابدأ بنفسك.. ارفض العمل الذي يبث الخبيث من القيمة واللفظ والحركة والإشارة. والاستهتار والاستسهال. مما أبعدنا عن الإبداع.
الأفضل
ووسط الإعلانات أعجبني إعلان شركة المحمول الذي وصل بين أفراد الأسرة.. وضحكت علي الشركة الأخري. التي ظهر فيها "الجني" وكان الضحك لأن شركات المحمول تقدم إعلانات بالملايين. ونحن نتفرج. لكن كلنا نبحث عن شبكة سليمة وسعر مناسب. وننسي تماماً الإعلان. إنها تختلف تماماً عن إعلان شيكولاتة. سيجذبني أو مطعم ارتاده.. فبعض السلع تتكلم عن نفسها.. وتجويد المنتج أهم من الإعلان عنه.
نعود لإعلانات التبرعات.. التي صارت كعدد المتسولين بالشوارع. ولماذا ترتبط برمضان.. تماماً كما ينتشر التسول في نفس الوقت.
وكيف يطلبون الدفع وهم محشورون بين مسلسلات تكلفت ملياراً وربع المليون.. وكان أجر البطل 35 مليون جنيه. والغلبان من الممثلين 5 ملايين وبعد المسلسل برنامج قبض المذيع في سنته 16 مليون جنيه.
أعتقد أن الممثل والمغني والمذيع والمنتج ورجل الأعمال أولي.. بأن تأخذهم المستشفيات والجمعيات في رحلات خاصة لأماكنها ليمولوا بالكامل تلك المنشآت.. ربما ارتاح ضميرهم وغفرنا لهم ما يقدمون.. وأراحونا منه.
ممكن
كان من الممكن أن يتضاعف أجر الممثل والمذيع وما ينفق علي المسلسل والبرنامج.. ونقول حلال عليه.. لو كان ما يقدم في النهاية أي شيء عليه.. القيمة.