.. وتكررت وفاة المشاهير اثنين اثنين.. في نفس اليوم.. كتبت عنها منذ سنوات في نفس الوقت وكتب عنها أستاذنا أنيس منصور مضيفاً من عنده وجود نفس الظاهرة وبكثافة أكثر في الخارج.. خاصة بين الأدباء والفنانين الأجانب.
تري هل الحب المتبادل يولد صلة روحية تؤدي إلي هذه الظاهرة.. أم الحزن الشديد يوقف قلب الرجل الثاني فيموتان في نفس اليوم.
كان محمد الجندي وحنفي بسطان لا يفترقان.. المقابلة كل ليلة أيام دكان أحمد مكاوي خلف سينما ديانا بشارع عماد الدين.. وإذا كان أحدهما مشغولاً في ليلة ما ولن يحضر فالتليفون الطويل قبيل النوم عن كل شيء وأحياناً لا شيء ولكن لا يستطيع أحدهما أن ينام دون أن يطمئن علي الآخر.
في ليلة ما توفي محمد الجندي فجأة دون أية مقدمات.. كان في طريقه إلي حجرة النوم بعد العشاء فسقط علي الأرض.. استدعوا جاره الطبيب الذي قال لهم: البقية في حياتكم.. بعد لخمة وبعد مشاعر كثيرة مختلفة ومختلطة ومتداخلة.. ومحاولة عدم تصديق الحقيقة والواقع.. بعد فترة بدأ أهل البيت يتمالكون أنفسهم وأعصابهم ويواجهون الواقع وكان أول شيء الاتصال بمصطفي الجندي شقيقه ثم الاتصال بحنفي بسطان أقرب شخص للمرحوم.. الذي ما إن سمع الخبر حتي قفز من السرير بعدما طار النوم وطار معه عقله أيضاً.. وبدأ يلبس البدلة.. وأثناء ارتدائه البنطلون مال علي جنبه.. وطال ميله.. ظنوا أنه اغمي عليه.. استدعوا الاسعاف بسرعة فقال لهم رجل الاسعاف: البقية في حياتكم.
***
ومات كمال الشناوي الصحفي والشاعر والسياسي وصاحب النكته والأسلوب الفكاهي.. وعلم أحمد الألفي عطية الصحفي والشاعر والسياسي وصاحب النكتة والأسلوب الفكاهي.. علم بخبر وفاة صديقه وحبيبه وعشرة دائمة مستمرة.. فمات في نفس اللحظة.
***
كتبت هذا من زمان.. وكتب كثيرون غيري.. وكان السؤال هو: هل هذه "المضغة" المحشورة بين الرئتين مجرد لحم ودم.. نعم تنبض وتدق بلا ملل ولا كسل ولا توقف طبعاً.. هي مثل الساعة بالضبط.. تتوقف الساعة فيسارعون بإعادتها إلي دقاتها.. ويتوقف القلب فإلي الانعاش لإعادة نفس الدقات.. الساعة لا تتوقف مهما حدث حولها حتي لو كان بركاناً أو زلزالاً.. ولكن القلب يشعر ويتأثر لذلك يتوقف.. فالقلب ليس مضغة من اللحم والدم بل ينافس العقل في الإحاطة العلم بكل ما حولهما.. سبحان الله تعالي.
***
مات سامي العدل الفنان الكبير صاحب شخصية متفردة في الفن.. ثم مات بعد ساعات أو أقل الأسطورة المصرية العالمية عمر الشريف.. الذي أرسل له السادات المحاور التليفزيوني طارق حبيب لكي يحضر إلي مصر بعد حرب أكتوبر ليحقق حلم السادات.. وهو فيلم عن الحرب مثل فيلم "أطول يوم في التاريخ" الأمريكي.. ولعدم حضوره قصة أخري.
ولعله لا أحد يعرف سبب هجرة عمر الشريف.. تلقي عمر عقداً أمريكياً للاشتراك في فيلم ما في الستينيات ولكي يسافر لابد أن يمر علي المجمع ليحصل علي "فيزا خروج" علي البسبورت.. قرأ الضابط بند المهنة.. فقرأ كلمة فنان.. فأحاله إلي بوليس الآداب!!!! هذا هو الروتين.. فأقسم عمر بأن يسافر معهم ويذهب إلي بوليس الآداب ولكن لن يعود إلي مصر.. مهما كانت العروض!!!! وقد كان.
رحم الله الجميع