محمد جبريل
محمد رسول الله والذين معه "25"
حاول ابوسفيان ان يصل الي المدينة باسرع ما يستطيع خشي ان تتصل خزاعة- قبل وصوله - برسول الله صلي الله عليه وسلم تخبره بان قريشا قد نقضت ما كان بينها وبينه في عهد. وكان ابوسفيان يطمع في ان يشد العقد ويزيد في المدة. فقد اقرت قريش بعجزها عن وقف رسول الله اذا ما اراد ان يفتح مكة فلم يبق في جعبتها الا السلم او الاستسلام.
لم يهرع احد في المدينة لاستقبال ابوسفيان ومولاه وقهره الغيظ لانه الف قبل ان يغزو محمد افئدة القوم بسحره المبين خروج اشراف الاوس والخزرج مهللين. والبشر يعلو الوجوه. وفكر في ان يلوي اعنة رحلته وان يرجع الي مكة. لولا بصيص من امل مضي به الي مسجد الرسول ولم يطل وقوفه. فقد اختار السير الي دور النبي حيث ابنته ام حبيبة. لكنها استقبلت ابتسامته المتوددة بعدم ترحيب وخرج وهو حانق مدركا انه لايريد ان يتبع دين محمد حتي لايقر لابن عبدالله بالزعامة وقد عاش طوال حياته يحلم بزعامة قريش.
وعاد الي الرسول في المسجد فلم يجد منفذا لحقده وتآمره وطال مكثه بالمدينة دون ان يصل الي شئ طرق جميع الابواب فاغلقت في وجهه ثم ركب بعيره لينقلب الي اهله مدحورا وكات قريش ترصد مقدمة في قلق بعد ان طالت غيبته وكرت الايام حتي وقع ابوسفيان في ايدي جيش المسلمين وشهد والامل في داخله ان تظل له السيادة علي قومه.
دخل الرسول مكة وهو راكب علي ناقته القصواء وتقدم المهاجرون والانصار ولم يدر قتال وسار صلي الله عليه وسلم والي جانبه ابوبكر رضي الله عنه يحادثه ويقرأ سورة الفتح حتي جاء البيت الحرام. وطاف به سبعا علي رحلته. وكان علي الكعبة ثلاثمائة وستون صنما لكل حي من احياء العرب قد شدت اقدامها بالرصاص فهوي رسول الله بقضيب معه الي كل صنم منها وهو يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.
ودعا صلي الله عليه وسلم بدلو ماء فأتاه به اسامة زيد فجعل الرسول يمحوها. ووجد حمامة من عيدان فكسرها بيده وطرحها. وكبر في نواحي البيت. وصلي به ركعتين. وفتح باب الكعبة. وكان اول من ولج ابن عمر. فتتبع خطوات الرسول. وصلي حيث صلي عليه الصلاة والسلام.
ووقف نبي الله علي باب الكعبة فقال. لا اله إلا الله وحده لاشريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ألا كل مأثره او دم او مال يدعي فهو تحت قدمي هاتين الا سدانة البيت وسقاية الحاج. الا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الابل اربعون منها في بطون اولادها يامعشر قريش ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظها بالاباء.. الناس من ادم وادم من تراب.. ثم تلا قوله تعالي يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير.
ووضع الرسول يده علي عضادتي الباب وقال:
- ماذا تقولون وماذا تقولون اني فاعل بكم.
- خيرا.
وقال احدهم : نقول خيرا ونظن خيرا اخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت
قال الرسول :
اقول كما قال اخي يوسف: لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين اذهبوا فأنتم الطلقاء.
شعروا كأنهم بعثوا من الموت وهللوا بالسرور والفرحة والعرفان ثم جاء الرسول الكريم الي مقام ابراهيم وكان لاصقا بالكعبة فصلي ركعتين ثم اخره حتي لايعوق الطائفين ثم انصرف الي زمزم واتجه صوب الصفا فعلاه حيث ينظر الي البيت. رفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء ان يذكره. ويدعوه والانصار تحته يرددون الدعاء.
للكلام بقية