المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
البراء بن معرور بن صخر الأنصاري الخزرجي. أول من بايع رسول الله صلي الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولي وهو أحد النقباء في هذه البيعة فقد كان نقيب بني سلمه وقد استقر نور الإيمان في قلبه فقد أوصي بثلث ماله لإنفاقه في أعمال الخير. وقد كان أول من استقبل الكعبة للصلاة إليها. وقد روي كعب بن مالك وقد كان فيمن بايع رسول الله صلي الله عليه وسلم ليلة العقبة يقول خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا. فقال البراء لنا: يا هؤلاء قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر وأن أصلي إليها. ـــ ويقصد بالبنيه الكعبة ــ قال: فقلنا والله ما بلغنا ان نبينا يصلي إلا الشام وما نريد أن نخالفه هؤلاء المؤمنون التزموا بفعل الرسول حيث كان يصلي في ذلك الوقت إلي بيت المقدس وأكدوا انهم لا يريدون مخالفته "ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".
لكن كعب أخبر القوم بأنه سوف يصلي متجهاً للكعبة. ومع ذلك فقد أصر الجميع علي موقفهم. يضيف كعب بن مالك: كنا إذا حضر وقت الصلاة اتجهنا إلي الشام حيث بيت المقدس وظل البراء يصلي إلي الكعبة واستمر الموقف علي هذه الحالة حتي قدمنا مكة. فقال البراء: يا ابن أخي انطلق بنا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أسأله عما صنعت في سفري هذا من المدينة إلي أم القري فإن قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم معي!!
هذا الرجل يريد أن يتعرف علي فعل في الاتجاه في الصلاة إلي الكعبة مخالفاً رفاقه. يقول كعب: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه ولم نره من قبل. دخلنا المسجد ثم جلسنا فقال البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا. وقد هداني الله عز وجل للإسلام فرأيت الا أجعل هذه البنيه مني بظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتي وقع في نفسي من ذلك فماذا تري يا رسول الله؟ قال: لقد كنت علي قبلة لو صبرت عليها. وهنا رجع البراء إلي قبلة رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث أخذ يصلي مع رفاقه إلي الشام.
يضيف كعب بن مالك: وخرجنا إلي الحج وقد واعدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن نلتقي العقبة من أواسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج اجتمعنا تلك الليلة بالشعب ننتظر رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاء وجاء معه عمه العباس بن عبدالمطلب. فتكلم العباس فقلنا له: قد سمعنا ما قلت. فتكلم أنت يا رسول الله. فخذ لنفسك ولربك عز وجل. فتكلم المصطفي صلوات الله وسلامه عليه فتلا القرآن الكريم ودعا إلي الله عز وجل ورغب في الإسلام» وقال: أبايعكم علي أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم" يقول كعب: هنا أخذ البراء بن معرور بيده وقال: والذي بعثك بالحق لنمنعك مما نمنع منه نساءنا وأهلنا. ثم بايعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فنحن والله أهل السلاح ورثناها كابراً عن كابر قال: فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلي الله عليه وسلم أبو الهيثم ان ابن تيهان حليف بني عبدالأشهل ثم كان البراء أول من ضرب علي يد رسول الله صلي الله عليه وسلم مبايعاً ثم تتابع باقي الوفد. وقد شاءت الأقدار أن يتوفي البراء قبل قدوم الرسول إلي المدينة مهاجراً بشهر. فلما قدم صلي الله عليه وسلم المدينة أتي قبره في أصحابه فكبر عليه وصلي وكبر أربعاً ومما يذكر أن البراء حين حضره الموت أوصي أن يدفن مستقبل الكعبة فاستجاب القوم ونفذوا وصيته.
تلك مشاعر رجل من أهل المدينة كان ثاقب النظر وقد اهتدي بفطرته إلي ما كان في قلب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم من آمال في أن يتجه إلي الكعبة في صلاته. وقد عبر القرآن عن ذلك أفضل تعبير "قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحينما كنتم فولوا وجوهكم شطره".
رحم الله البراء بن معرور وأجزل العطاء فقد كان رجلاً من أهل الإيمان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف