الجمهورية
أحمد بهاء الدين شعبان
المثقف العضوي
صك المفكر الماركسي الإيطالي الأشهر. "أنطونيو جرامشي". مفهوم "المثقف العضوي". الشهير. الذي يشير إلي ذلك النوع من المثقفين الراغبين في التغيير. الذين يرتبطون بقضايا الطبقات الكادحة التي ينتمون فكرياً إليها. والذين يقرنون الفكر بالعمل والنظرية بالتطبيق. ولم يكتف بذلك. بل نظر إلي "المثقفين العضويين" باعتبارهم حاملي رسالة. وأصحاب مشروع للاصلاح الثقافي والاخلاقي. يستهدف تحقيق الذيوع الفكري والتأثير الثقافي والهيمنة الايديولوجية لفكر الطبقة العاملة خاصة. ولمكونات "الكتلة التاريخية" بصفة عامة. والمؤلفة من كل الفئات والطبقات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة. صاحبة المصلحة في التغيير. في مواجهة المشروع الفكري المحافظ. اليميني. المرتبط بالايديولوجيا الغيبية. الرجعية. وبالاقطاع والافكار البالية!
وعلي الرغم من مرور نحو قرن من الزمان علي طرح "جرامشي" لهذا المفهوم. إلا انه مازال يجد صدي واسعاً في العالم. وفي عالمنا "الثالث" خاصة. حيث تتزايد الحاجة الماسة. إلي دور النخبة المثقفة. داخل الدول التي تنتشر فيها الامية والتخلف الفكري والثقافي. ويصبح موقف المثقف المنحاز إلي قضايا وطنه وأهله. بدلاً من الخضوع لشروط ثقافة الاستهلاك. والصعود علي حساب الفقراء. والتربح من المتاجرة بأحلامهم والامهم. علي درجة عظمي من الاهمية والضرورة.
مناسبة هذا الكلام صدور كتاب جديد ومهم. عنوانه هو عنوان الساعة: "العدالة الاجتماعية ومستقبل التنمية في مصر". لمثقفين من هذا النوع النادر من المثقفين. هما الدكتورة كريمة الحفناوي. والدكتور محمد حسن خليل. والاثنان. فضلاً عن أنهما زوجان متفاهمان. فهما مناضلان متمرسان. ينتميان إلي الجيل الذهبي في السياسة المصرية. "جيل السبعينيات" وقياديان أساسيان بالحزب الاشتراكي المصري. ودورهما معروف في كل حقول النضال الوطني والاجتماعي والفكري وعطائهما كسياسيين محنكين. وطبيبين ماهرين "د. محمد طبيب قلب بارع. ود. كريمة صيدلانية مميزة". علي درجة عالية من الرقي والاخلاص والانتماء للوطن والشعب.
يدافع المؤلفان في هذا الكتاب عن مصر الوطن والمآل بناسها وترابها. ويهديان صفحاتها المائتين إلي "كل الحالمين بمجتمع العدالة والحرية والمواطنة إلي كل من يبنون مصر بسواعدهم من عمالها وفلاحيها. من أجل مستقبل أجمل لاحفادنا. وكما تذكر المقدمة. فقد ركزت د. كريمة في مساهمتها في هذا الكتاب علي شرح أسباب وأشكال "معاناة قطاعات العمالة المختلفة من خلال تفاعلها مع العاملين في مختلف الشركات سواء التي مازالت تعمل وتجاهد في مواجهة المعوقات. أو التي تم بيعها وحكم "من القضاء المصري" بعودتها "لفساد ظروف التعاقد وعقود البيع وإضراره بالمصلحة الوطنية" ولم يتم تنفيذ الحكم حتي الآن"!.
أما القسم الذي تولي تحريره د. محمد حسن خليل. فقد استهدف طرح "الجانب النظري في قضايا التنمية الاقتصادية. والتبعية. ومختلف معوقات التنمية. مع طموحاتنا في تحقيق تنمية تليق بتحقيق أهداف الثورة المصرية. التي نادي بها الشعب المصري".
أما "أهداف الثورة المصرية. التي نادي بها شعبنا" والتي لم يتحقق منها الكثير حتي الآن. فهي تلك الصياغة العبقرية التي هتف بها الشعب في ميادين الثورة: "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية".
رغم كل المعضلات والمعوقات التي تعترض مسيرة مصر في الوقت الراهن: "ارهاب. وتعثر اقتصادي. واختلاط في الكثير من الاوراق" فالمؤلفان. كما ينهيان سطور كتابهما المشترك. متفائلان بالمستقبل.
أما مصدر هذا التفاؤل فينبع من الثقة "غير المحدودة بشعبنا. الذي عرف طريقه. وقرر أن يدخل طرفاً في الساحة السياسية بقوة من أجل تحقيق أهدافه. "فلقد" غيرت الثورة الشعب. ولن يقنع إلا بالنضال من أجل حقوقه التي لن يتمكن أحد من أن يسلبها منه".
كتاب محترم. لكاتبين بصيرين. في زمن "التوهان" كما كان المثقف والمفكر المصري الكبير. الراحل. د. أنور عبدالملك. يصف لحظات زماننا. ومن هنا وجب الاحتفاء به. ووجبت قراءته!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف