المساء
محمد جبريل
محمد رسول الله والذين معه "27"
يستطرد عبدالحميد السحار ــ تأكيداً لأهمية العمل في الإسلام ــ فيذهب إلي أن طلب كسب الرزق الحلال في الدين الحنيف فريضة بعد الفريضة. فالإسلام يبارك العمل. وكما يقول الحديث الشريف: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده. وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده". ويضرب الرسول في قيمة العمل مثلاً: "لأن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير من أن يسأل أحداً. فيعطيه أو يمنعه".
الإسلام يعمل علي إيجاد المجتمع المتوازن. المجتمع الذي يسلم وجهه له. ويضرب في الأرض بحثاً عن رزقه امتثالاً لأوامر الله. إنه الدين والمذهب الاقتصادي الذي يحقق الانسجام بين أطماع الفرد وسلامة الجماعة.
لقد أباح الإنسان للإنسان كسب المال وتملكه. وأذن بالملكية الفردية من أجل تشجيع الابتكار الفردي. وانقاذ الفرد من أن يصبح مجرد آلة مسيّرة. كما منحه الحق في أن يتسع نشاطه المالي كما يشاء مادام غير متجاوز للحدود التي تخل بالتوازن الاجتماعي. ومن أجل نمو التجارة والصناعة نمواً صحيحاً. فقد وضع الإسلام قيوداً لحرية النشاط الشخصي. لما بين الملكية الخاصة والمصلحة العامة من علاقة حيوية تحتم ضرورة الاحتفاظ بالانسجام فيما بينهما.
ويأمر الإسلام أن يعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. فيسعد بالأجر. ويستشعر انه مكافأة عن العمل والجهد والعرق.
وللعمل في الإسلام قواعده التي يجب أن يلتزم بها المرء. وعلي سبيل المثال فإنه من المكروه أن يخرج المشترون للقاء قوافل التجارة قبل أن تصل الطيبات إلي الأسواق. لأن ذلك لا يتيح تكافؤ الفرص. فالأقوياء قد يحصلون علي حاجاتهم بينما الضعفاء ينتظرون في الأسواق ورود الطيبات. وكان الناس في زمن النبوة يشترون الطعام من القوافل. فكان صلي الله عليه وسلم يبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه. حتي ينقلوه حيث يباع الطعام. فتتاح للناس جميعاً فرصة الشراء.
بالإضافة إلي ذلك. فإن الإسلام يحرم الاحتكار. ويعتبره من الكبائر. وفي الحديث الشريف: "من احتكر طعاماً فهو خاطيء". "من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد بريء من الله. وبريء الله منه". "الجالب مرزوق. والمحتكر ملعون". ويكره الإسلام الحلف في البيع. يقول تعالي: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاًَ أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". كما ينهي الإسلام عن بيع سلعة يعلم أن بها داء ولم يعلن ذلك صاحبها "البيع بالخيار حتي يتفرقا. فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما. وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما". كذلك فإن الإسلام ينشد الطهارة في البدن والنفس وطهارة المعاملات. فلا غش ولا تدليس ولا تطفيف في الميزان. ولا إخفاء ما في البضاعة من عيوب. وحض الإسلام علي طلب الحلال. وترك الخبائث. بحيث يتنزه المسلمون عن الشبهات.
ويذهب السحار إلي أن الدولة لن تستطيع تحقيق المجتمع الحقيقي إلا إذا جرد مواطنوها أنفسهم من الطمع والبخل. وخلصوا عقولهم من الرغبة في العدوان علي بعضهم البعض. وآيات القرآن الكريم تسد الطريق علي هؤلاء الذين يكنزون المال. ويستغلون الظروف لتحقيق الكسب. وتضخيم الثروات. بحيث تصبح خطراً علي الجماعة. وهو ما يحدث في ظل الرأسمالية الفاسدة. من خلال سيطرة قوي اقتصادية قليلة علي اقتصاد العالم باتساعه. واحتكارات الشركات متعددة الجنسيات. واللجوء إلي أساليب التنافس المرفوضة ولو علي حساب السواد الأعظم من فقراء الدنيا. لمجرد تحقيق الكسب المفرط. من خلال الاستغلال السييء لثروات الآخرين.
تلك مبادئ اقتصادية هدامة. ومرفوضة. لأنها تدعو أن يعمل كل فرد لنفسه وليذهب الآخرون إلي الجحيم.
للكلام بقية
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف