الوفد
عباس الطرابيلى
وفاء.. زاهي حواس
كنت أعتقد ان الدكتور زاهي حواس هو الوفي الأكبر والأول للفراعنة، وللتاريخ الفرعوني.. أي الوفاء للماضي العظيم- الفرعوني بالذات- إلي أن اكتشفت انه النموذج المعاصر للوفاء للأصدقاء.. وما أعظمه من سلوك طيب، نفتقده كثيراً هذه الأيام.
وقد اكتشفت ذلك في كل ما كتبه الدكتور «حواس» عن صديقه العزيز الغالي الذي رحل منذ أيام، نجم مصر والعرب عمر الشريف.. وأيضاً في كل سلوكياته وبالذات منذ دخل عمر الشريف مأساة مرض الزهايمر، وعاش فترة علي ساحل البحر الأحمر.. إلي أن دخل مصحة الدكتور بنيامين بهمن- الصعيدي- في حلوان، وهي مصحة ودار نقاهة وتجديد للدم والخلايا والرعاية تضاهي أفضل الموجود من مثيلاتها في الدول المتقدمة.. ثم في تصدره للصلاة علي روح صديقه الغالي في مسجد المشير «طنطاوي».
<< والأهم ان الدكتور «زاهي» ومعناه «البراق، اللامع، الوهاج، وواضح ان اسم زاهي من الزهو وهو البر الملون» «أي البلح» ويقال إذا ظهرت الحمرة والصفرة في النخل فقد ظهر فيه «الزهو، والزهو، كما جاء في مختار الصحاح صفحة 277، هو المنظر الحسن، والزهو أيضاً هو الفخر، وقول العرب «ما أزهاه» أي ما أطيبه.. وهكذا هو الدكتور زاهي حواس، الذي كان يشترك مع صديقه الراحل عمر الشريف بأنهما يمتلكان أكبر كاريزما بين المصريين عالمياً.. وداخلياً.. ولا أحد «يقاوح» في ذلك! كده.. والا إيه؟
<< وزاهي عباس حواس صديق يعرف معني حفظ أسرار الصديق.. خصوصاً في الأزمات.. وهي صفة نفتقدها هذه الأيام في علاقاتنا مع الأصدقاء فهو مثلاً كان يعرف إصابة صديقه عمر الشريف بمرض ألزهايمر.. ولكنه كتم هذا السر، إلي أن أذاعه الابن الوفي- أيضاً- طارق عمر الشريف بنفسه.. ثم ان «د. زاهي» ظل يواظب علي زيارة صديقه في المصحة حتي بعد أن نسي «عمر» نفسه، اسم صديقه الدكتور «زاهي».. وبسبب قربه من النجم العالمي عرف رجل الآثار الأشهر الحالي- زاهي حواس- الكثير من أسرار عمر الشريف بل طرائفه ومغامراته وما أكثرها ولكن كان حافظة لأسرار صديقه «عمر»، حتي الآن، ولم يتاجر بها في الإعلام رغم تكالب الإعلاميين هذه الأيام علي أي معلومة تخص نجمنا العالمي.
وللأسف فإن كثيراً من الأصدقاء يتباهون الآن بما يعرفون، حتي يزداد بريقهم- أمام الإعلام.. ولكن هل يحتاج «زاهي» من الزهو إلي بريق أكبر مما يحيط به الآن.. وبالذات خارجيا؟!
<< وصراحة أفتقد الآن مثل هذا الوفاء بين الأصدقاء.. بل ربما لم يعد موجوداً بسبب «مادية» العصر وما يصاحبها من ضياع أفضل ما كان عند المصريين.. ولا تعرفون مدي سعادتي عندما أرفع سماعة التليفون لأتحدث مع زملاء دراستي- في مدرستي دمياط الابتدائية والثانوية- منذ منتصف الأربعينيات، من علي حامد العجوز وفاروق الدسوقي، أبوزهرة ورفعت وصالح الحديدي ورياض قابيل وطابور طويل من رفاق الدراسة الأولي ومن أصدقاء الدراسة بقسم الصحافة: سناء منصور، وجمال أبوطالب وأحمد عمر وسمير عبدالمطلب وناهد المنشاوي.. وجلال عارف، ولن أنسي من رحل مثل العزيز مصطفي شردي ومحمود أدهم وجلال سرحان.
<< تري: هل انتهي الوفاء- كما عرفناه في الماضي- وما سبب ذلك.. وهل هي المنافسة والصراع رغم ان القمة- كما علمناه أستاذنا مصطفي أمين- تتسع لكثير من الناجحين؟! والحمد لله أنني لم أجد في العلاقة بين النجمين زاهي حواس وعمر الشريف هذا الصراع وقد كان كل منهما له جاذبيته والكاريزما الخاصة التي يتمتع بها.
والمهم هنا ان كليهما: «زاهي»س و«عمر» أحسن استخدام هذه الكاريزما لخدمة مصر، وبالذات أمام العالم الخارجي، أقول ذلك لأن إعلامنا بكل أسف يخاطب نفسه.. ولا يحسن مخاطبة الخارج.
ولكن كان هناك العديد من الفروق بين النجمين، فإذا كان «عمر» قليل الكلام خصوصاً في السنوات الأخيرة.. فإن «زاهي» أجاد استخدام نجوميته في الخارج.
<< وأقول ان زاهي حواس، وإن ورث أفضل جينات المصريين القدماء من أجدادنا الفراعنة، وهي الوفاء.. فالحمد لله انه لم يحاول أن يلقي بعض الرمال علي من سبقوه من معرفة بتاريخ الفراعنة، كما حاول عدد قليل من الفراعنة، الذين لجأوا إلي محو ومسح تاريخ بعض من سبقوهم ليضعوا أسماءهم، علي أعمالهم.. حتي وان حاول الدكتور «زاهي» أن ينفي هذه التهمة عن الذين فعلوا ذلك.. من زمان!
<< حقاً.. الوفاء صفة كادت تنتهي من حياتنا بسبب مادية العصر.. ولكن جاء دكتور زاهي حواس ليؤكدها من جديد، من خلال مسيرة علاقته بسالنجم عمر الشريف، رغم ان علاقتهما بدأت في السبعينيات، فما بالنا بمن نسي علاقات أطول عمراً من ذلك.
ويبقي أن أحيي وفاء «زاهي» لـ«عمر».. أطال الله عمر «زاهي» ورحم عمر الشريف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف