محمد جبريل
محمد رسول الله والذين معه "29"
محمد رسول الله والذين معه من أهم الكتب التي صدرت في المكتبة الاسلامية خلال العقود الاخيرة. إن لم يكن أهمها علي الاطلاق. الكاتب لاينقل اجتهادات السلف. ولا يكتفي بترديد أفكار الآخر. ولا يلجأ إلي الشعارات الزاعقة والتهويمات. ولكنه يناقش بموضوعية وتجرد. لا ينساق لعاطفة ولا لتعصب. يقارن بين المعلومات والآراء. فيختار أقربها إلي المنطق. وإلي ما يتقبله العقل حتي الاحاديث المنسوبة- خطأ إلي الرسول صلي الله عليه وسلم. أو التي دست عليه. يناقشها في موضوعية مطلقة. ويضعها في إطار الظروف والملابسات القائمة آنذاك. أو في سياق الاحاديث الصحيحة. ليتأكد ما هو مكذوب أو مدسوس.
لعلي اقترح ان يجد هذا الكتاب مواضعه في المكتبات العامة. ومكتبات الجامعات والمدارس والاندية. لأنه يدافع عن حقائق الاسلام بلغة أدبية رفيعة. لا تجافي الوقائع الثابتة ولا فقه الدين. ولا الدور الحضاري للاسلام في العالم. ويرد- من خلال مئات الاستشهادات- علي المزاعم التي تروج لها جماعات تدعي الاسلام. وتمارس- تحت ظل ذلك الادعاء- ابشع صور الارهاب والتصفية الجسدية والتدمير والاحراق. والسعي لإلغاء كل ما حققته حضارة الاسلام في تقدم العالم. وإعادة العالم الاسلامي إلي ما قبل عهود الوثنية والجاهلية. واعتبار القتل لغة وحيدة بين بني البشر.
وإذا كانت الهجمة الشرسة التي يواجهها الاسلام من جماعات إرهابية تحسب نفسها عليه. فإن مواد الكتاب تجاوز تفنيد المزاعم الارهابية إلي افتراءات المستشرقين. والميديا الغربية التي تخضع- بصورة لافتة- لاملاءات الصهيونية العالمية. تحاول- بكل السبل- أن تشوه صورة الاسلام. واعتمدت في ذلك علي الشعارات المعلنة للجماعات المتأسلمة. وما تمارسه من أحط وسائل الغدر والارهاب.
محمد رسول الله كتاب ألفه كاتب اسلامي مستنير. أخلص لقضيته. وأمضي ما يقرب من السنوات العشرين يقرأ. ويناقش. ويتأمل. ويقارن بين الآراء. ويكتب ما هو أقرب إلي مخاطبة العقل. باعتبار أن التفكير- علي حد قول العقاد- فريضة اسلامية.
إذا كان مشروع مكتبة الاسرة. أو القراءة للجميع. اسهام من وزارة الثقافة- ووزارات أخري- في نشر الوعي والاستنارة بين قراء العربية. بكميات وافرة وبأسعار يقوي عليها محبو القراءة. بصرف النظر عن مستوياتهم المادية. فإن هذا الكتاب يمثل اضافة مطلوبة إلي هذا المشروع المهم فهو يتجاوز متعة القراءة- وهي موجودة- إلي مخاطبة عقل القارئ. وما قد يكون استقر في داخله من مسلمات. انطلاقاً من هذا المعني. فإنه يجدر بنا التنبه إلي السلبيات التي تؤثر علي صورة الاسلام في العالم. فبالاضافة إلي العداء المعلن من الغرب ضد الاسلام. وهو عداء ليس وليد اللحظة ولا مصادفة. وإنما تمتد جذوره إلي ما قبل الحروب الصليبية. فإن الحركات الاسلامية المتطرفة قد أثرت سلباً علي صورة الاسلام في العالم. ولعلها عمقت ظاهرة الاسلاموفوبيا التي أزعم انها اختراع. مصدره التطرف المسيحي في الغرب.
للاسف فإن بعض الجماعات المحسوبة علي الاسلام تؤدي دوراً سلبياً. بل مشبوهاً- لا أسمي. فالاسماء معلنة- يتمثل في إنكار حقوق المرأة. وختان البنات وتحريم الابداع وافتقاد الخيال واعتناق الخرافة. والعجز عن التكيف مع الحداثة. وتدمير التراث الانساني. وتحجيم دور الاعلام. وتكفير المعارضين وتصور نشر الاسلام بالسيف والحرب والقهر والقتل. والتحاور بالعنف "طالعت "كاريكاتير" يصور الرسول وقد لف حول وسطه حزاماً ناسفاً!" ومعايب أخري تضع الاسلام والمسلمين في إطار التخلف بامتياز.