عبد الرحمن فهمى
العيد مع الجمعة مع أبو رقيبة
مصادفة اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد لها حقائق دينية وخرافات لا حد لها.. فصلاة العيد بعد شروق شمس العيد تغني عن صلاة الجمعة.. وان كان بعض العلماء والمذاهب تبيح ذلك بشرط صلاة الظهر وجوباً بدلاً من صلاة الجمعة وان كانت هناك "رخصة" لمن نام وضاع وقت صلاة الجمعة لأنه سهر في صلاة التهجد لأن لا تراويح في ليلة العيد طبعا ثم ذهب بلا نوم إلي المسجد لأداء صلاة الفجر.. ولكن الخرافة الكبري التي يصدقها الناس حتي الآن ان اجتماع العيدين "عيد الفطر وعيد الجمعة" في يوم واحد يدعو للتشاؤم وانتظار كوارث خلال العام الهجري.. ووصل هذا التشاؤم إلي عقول ملوك ورؤساء حتي انهم كانوا يتلاعبون في رؤية الهلال خوفاً مما سيحدث لهم في الأيام القادمة.
هذه الخرافة منتشرة في تونس بالذات رغم وجود مسجد الزيتون التاريخي الذي يقوم مقام الأزهر عندنا.. أقدم مسجد في دول الشمال حتي تطاولوا يوما وقالوا انه أقدم من الأزهر وثبت عكس ذلك طبعاً.. ولكن مسجد الزيتون فيه الصلاة وفيه الارشاد وحلقات الذكر والتعليم لمن لم يلحق بالمدارس.. مؤسسة دينية رائعة.. ومع ذلك انتشرت خرافة التشاؤم من اجتماع العيدين في يوم واحد.. وبالصدفة المحضة أن مات الزعيم التونسي الكبير الرائع الحبيب أبو رقيبة في عام اجتمع فيه العيدان.. وما يدريك من هو الحبيب أبو رقيبة لدي التونسيين خاصة والعرب بوجه عام.. فهو الذي حرر تونس من الاحتلال الفرنسي الذي دام ما يقرب من قرنين من الزمان.. حارب الاحتلال طالبا شابا صغيرا ثم حمل السلاح ونظم المسيرات وألف جماعات فدائية.. ثم تولي مناصب وزارية ورئاسية بضغط من الشعب الذي يعشقه كما حدث لمصر مع سعد زغلول من قبل وظل في جهاده الذي يتفق مع منصبه حتي أخرج آخر جندي فرنسي وان كانت اللغة الفرنسية هي الغالبة حتي الآن في تونس.. بعد تعليم فرنسي لمدة قرنين من الزمان.. حتي الصحف وباقي وسائل الإعلام معظمها يستخدم اللغة الفرنسية.. ومن أكبر الجاليات الأجنبية في فرنسا الجالية الجزائرية والجالية التونسية ولهم في باريس حي كامل اسمه حي "بربيس" تشعر فيه بالجو الاسلامي.. وكل المسلمين في باريس يشترون اللحم من هناك لأن الذبح علي الطريقة الإسلامية.
***
أهم ما يذكر للحبيب أبو رقيبة مشروعه في أوائل الستينيات حينما جهز مع مستشاريه "مشروع معاهدة مع اسرائيل" توقع عليه كل الدول العربية.. تنص المعاهدة علي تحديد حدود كل دولة وتوضع المعاهدة في هيئة الأمم المتحدة لضمان عدم ضم أراضي جديدة لأية دولة بالقوة.
كان أبو رقيبة السياسي المحنك الذي يعتبر من أكبر رجال السياسة في العالم.. كان يتابع خطب رؤساء اسرائيل وما يكتب في صحفهم.. وتأكد ان اسرائيل تعد قواتها العسكرية بمساعدة أمريكا للتوسع لأن الشريط المحدد لها لا يكفي حلمها القديم من المحيط إلي الخليج.
كانت أول محطة لأبي رقيبة في جولته حاملا مشروع المعاهدة في مصر مع الأسف الشديد.. وكان عبدالناصر أساسا قبل أن يحضر ضد المشروع في أيام الوحدة مع سوريا وعلاقة قوية مع العراق بعد انقلاب ..1958 لذا عاد بورقيبة إلي بلده ليمزق أهم فكرة كانت ستمنع كل الحرب التي خضناها بعد ذلك وأضاعت مصر ضياعا!!! الكارثة ان فكري أباظة ومحمود عبدالمنعم مراد كتبا يؤيدان المشروع بعنف وشدة فتم ايقافهما عن العمل وهذه قصة أخري. مع خالص تحياتي للصحافة القومية الناصرية.