السيد العزاوى
سلوكيات المسلم بعد شهر رمضان
أيام شهر رمضان مضت متتالية سريعة ولعلنا نستعيد ذكريات أول يوم للصيام عندما كنا نتطلع إلي مدي أيام هذا الشهر خاصة وسط موجة الصيف ولهيب حرارتها. لكن طعم ومذاق هذه الأيام كان لها نكهة مميزة ورغم طول فترة الصيام إلا أن حلاوة الإيمان أعطت الصائم قوة في العزيمة فأقبل علي أداء هذه الفريضة بكل نفس راضية واستعذب قسوة الحاجة إلي الطعام والشراب متمنياً في ذات الوقت أن يتقبل الله هذا الصيام. وراجياً أن يمنحه الحق تبارك وتعالي أعلي الدرجات لأنه سبحانه هو الذي يتولي هذا الأمر حيث يقول في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
حقيقة فضائل هذا الشهر الكريم متعددة الجوانب صحية ونفسية وروحية وتمنح الصائم فرصة لتطبيق ضوابط أهل الإيمان علي نفسه مدركاً أن الرقيب الأعلي هو الحق تبارك وتعالي فيسعي قدر طاقته تحقيق أعلي الضوابط لعله يصل إلي مرتبة يستحق بها أفضل الدرجات خاصة أن العلماء قد قسموا إلي درجات منها صيام الامتناع عن الطعام والشراب وينسب للعامة من الناس وهناك صوم الخصوص ويشتمل علي الامتناع عن كل الشهوات بالإضافة إلي الطعام والشراب. وهناك صوم خصوص الخصوص وهذه أعلي الدرجات وتتضمن ضبط النفس بأعلي درجات الإيمان وهؤلاء قد مكنهم الله من السيطرة علي النفس وهواها فكانت فترة الصيام عبادة ذات خصوصية امتلكت وجدانهم واستولت علي مشاعره دينهم تلاوة ايات القرآن الكريم وحفظ اللسان وكل الجوارح والابتعاد عن كل ما يحرك المشاعر من غضب أو شهوة وهذه الأنواع الثلاثة خاضعة لإرادة المولي سبحانه وتعالي وكل هؤلاء يحدوهم الأمل في أن يتقبل الله منهم الصيام والقيام ويتمنون الحصول علي أعلي الدرجات خاصة أنهم التزموا بكل الضوابط من غض البصر وحفظ اللسان والاقبال علي فعل الخيرات قدر الاستطاعة. كما كانت صلة الأرحام والعطف علي الفقراء في بؤرة اهتمامهم.
ولا شك أن هذه السلوكيات والأعمال الصالحة التي التزم بها الصائمون علي مدي أيام الشهر.. يتعين أن يستمر الالتزام بها طوال أيام العام بحيث تصبح الأخلاق وفعل الخيرات في قائمة الأولويات التي يجب أن تتصدر أولويات المسلم وإذا كانت فترة الصيام الروحية قد أعطت قوة وعزيمة فإن الواجب يحتم ضرورة الاستمرار في هذا الأداء حتي يصبح المسلم نموذجاً وقدوة للاخرين وليت الجميع يدرك أن هذه الفرصة التي أتاحها الله سبحانه وتعالي لعباده في شهر القرآن يجب أن تظل في مقدمة اهتماماتهم والحرص علي أداء الشعائر والإكثار من فعل الطاعات والإحسان إلي الاخرين.. والعلم الدائم من أجل رفعة الأمة والإقدام علي تنمية التكافل الاجتماعي التي تساهم في الترابط بين كل الفئات والطوائف. وفي هذه الأيام التي يعيشها العالم العربي والإسلامي يتعين أن يكون المسلم نموذجاً في الدعوة إلي الله في إطار الآية الكريمة: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" النحل: 125. والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.