مرت الأيام سريعة.. انقضي شهر رمضان بأيامه ولياليه المباركة.. وجاءنا العيد بالتهليل والتكبير.. كل عام وقراء "المساء" بخير وسعادة وهناء.. والمصريون جميعاً في أمن وأمان وسلام.. ومصرنا الغالية وأمتنا العربية والإسلامية في خير ويمن وبركات من الله عز وجل.
مرت الأيام سريعة.. انتهت اجازتي.. وعدت إلي قلمي وأوراقي.. ما أجمل القلم والأوراق.. لا حياة لنا إلا بالقلم والأوراق.. وقد مرت بنا أحداث جسام في فترة الاجازة.. وكثيراً ما حدثتني نفسي ان أكتب وأكتب.. فالكتابة في حالتنا نوع من العلاج النفسي.. أو نوع من مقويات المناعة.. حتي يستطيع الكاتب أن يجدد خلاياه ويحتفظ بتوازنه العقلي.. لكنني كنت أغالب النفس حتي أعيش تجربة الاجازة كاملة.. وإلي نهايتها.. خصوصاً أنها تجربة جديدة تماماً عليّ.. لم أهنأ بها من قبل طوال عمري المهني في بلاط صاحبة الجلالة الذي يمتد للوراء لأكثر من 36 عاماً مضت.
كان أخطر هذه الأحداث الجسام بلا منازع جريمة اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام في عملية تفجيرية إرهابية بشعة جددت أوجاعنا.. ثم كانت المواجهة الحاسمة لقواتنا المسلحة مع الشرذمة الداعشية الإرهابية في سيناء.. وقد نجح أبطالنا البواسل في إعطاء درس قاسِ لهؤلاء التكفيريين المرتزقة الذين أرادوا ان يقتطعوا جزءاً من جسد الوطن ليعلنوه "ولاية سيناء".. ولاشك ان هذا الدرس سيكون عبرة لكل من يفكر.. ولو من بعيد.. في الاعتداء علي حبة رمل من أرض مصر الطاهرة.
وقد تشهد مصر - لا قدر الله - معركة أخري مع الإرهابيين اليوم أو غداً.. هنا أو هناك.. لكنها ستظل معارك محسومة بالنصر المبين.. وستظل جرائم الإرهاب محكومة بالفشل.. ولن ترتفع للإرهاب راية علي أرض مصر المحروسة.
لقد شهدنا من قبل موجة - بل موجات - إرهابية.. سقط فيها شهداء أبرار هم أحياء عند ربهم يرزقون.. وخرجت مصر من هذا الكابوس مرفوعة الرأس.. وتحقق لها الأمن والأمان الذي تنشده.
وإذا كنا في عيدنا اليوم نعاني من تبعات الإرهاب الأسود العابر للحدود.. ونعاني من تبعات فتنة الانقسام والتشتت.. فإن عيدنا القادم إن شاء الله سوف يأتي بالفرج وبالنصر المبين علي قوي الظلم والبغي.. وبالترابط الوطني الذي نسترد به روح مصر وعظمة مصر.
عيدنا القادم سيأتي بالرضا والتضامن لينزع من القلوب ما حل فيها من شقاق وما زرع فيها من غل وبغض وضغينة.. لتعود مصر القوية المتماسكة التي نعرفها.. مصر بلد الجمال والأمن والطمأنينة والاستقرار.. بلد السياحة والعمل وزراعة الخير والإنتاج الوفير.. بلد التكافل والتراحم.
وكنت قد كتبت في هذه الزاوية آخر مقال قبل الاجازة الطويلة بعنوان "هدنة رمضان" أبشر فيه باقتراح دولي علي القوي المتناحرة في عالمنا العربي بالامتناع عن سفك الدماء في الشهر الفضيل.. ولكن للأسف لم يجد هذا الاقتراح أذناً صاغية من المتحاربين الصائمين.. بل علي العكس ازدادت معدلات القتل والتخريب في اليمن وسوريا والعراق وليبيا.. وفي اليمن تحديداً طرح الطرفان المتحاربان مبادرة لهدنة إنسانية في العشر الأواخر من رمضان.. وفشلت هذه الهدنة أيضاً.. حيث لم يلتزم بها أحد.. ومازالت الحروب دائرة حتي الآن.
وفي ليبيا تم التوصل إلي حل مبدئي بين الفرقاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل التيارات الفاعلة علي الساحة.. لكنه إلي الآن حل منقوص لم يترجم إلي الواقع الفعلي.
ومن كل ذلك اكتشفت أنني أنا الذي استفدت من هدنة رمضان فعلياً.. وحصلت علي اجازة من الكتابة وملاحقة الأحداث والأخبار.. والاستمتاع ببركات الشهر الفضيل.. وها أنذا أعود بعد الهدنة.
كل عام وأنتم بخير.