الوفد
عبد المجيد الشوادفى
أين نحن من هذه الدول؟
علي مدي العامين الماضيين من إسقاط حكم جماعة الإخوان بالثورة الشعبية في الثلاثين من يونية لرفض المصريين سيطرة الفاشية التي تتمركز خلف ستار الدين.. وبعدما أسقطت قبلهم تلك الثورة أيضاً نظاماً فاسداً تسلط فيه المفسدون تعرضت مصر وما تزال لتحديات كثيرة وخطيرة داخلياً وخارجياً في محاولات يائسة للقضاء علي مقومات الدولة وصولاً إلى انهيارها وقد تمثلت فيما يلي:
أولاً: جاءت تحديات الداخل من خلال الجماعات المتطرفة والحركات والتنظيمات المشبوهة التي تمولها جهات أجنبية لتحقيق أهدافها في زعزعة الأمن والاستقرار وتردي الحالة الاقتصادية وسوء المعيشة لأغلبية المواطنين.. بارتكاب جرائم القتل والاغتيال للأفراد من الجيش والشرطة والشخصيات العامة.. وتخريب المنشآت وتدمير الممتلكات وترويع الآمنين وإثارة الفتن ونشر الفوضي.
ثانيا: توحدت حكومات أمريكا ودول الغرب ومعهم قطر وتركيا في تحدي الإرادة الشعبية للمصريين بإقصاء جماعة الإخوان عن نظام الحكم بدعوي إعادة الشرعية والديمقراطية.. واستخدمت تلك الدول التهديد بوقف المعونات ومنع السلاح والتنديد بكل الإجراءات التي تتخذها السلطة المصرية في مواجهة الأعمال الإرهابية ومرتكبيها بتطبيق القوانين المعمول بها والتي تتفق مع ما هو متبع في الدول الكبري ذاتها.. باعتبار أن هذه الإجراءات استثنائية وتتنافي مع المواثيق الدولية.
ثالثاً: تحالفت مجموعة مما يسمي بالمنظمات الدولية لحماية الحريات وحقوق الإنسان ودعم الديمقراطية وفي مقدمتها «هيومان رايتس» و«العفو الدولية» وقنوات الفضاء في قطر وتركيا.. في عمليات تشويه نظام الحكم وقياداته في مصر والإساءة للمصريين باستخدام أساليب التشكيك في إجراءات التقاضي والأحكام التي يصدرها القضاء المصري كوسيلة للضغط ولدعم الجماعات المتطرفة.
رابعاً: في إطار التحديات الأخري لمسيرة مصر لاستعادتها لدورها وقوتها في المنطقة كان ظهور ما يسمي أيضاً بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في العراق ثم انتشار غزواته الإجرامية في سوريا وليبيا وتونس واليمن وغيرها بما يشي باستهداف «حصار مصر» لكونها الصخرة التي تحول دون تلاطم أمواج البحر العاتية.
لقد جاءت جريمة اغتيال النائب العام وما تلاها مباشرة من عملية إرهابية في سيناء محاولة لكسر الصمود المصري في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية في ذكري الثلاثين من يونية، ولكن أسلوب الحسم العسكري السريع الذي اتخذته القيادة المصرية للحفاظ علي مكونات الدولة واستقرارها وحماية أراضيها قد أفشل كل محاولات زرع بؤرة ارهابية مطابقة لما حدث في الدول العربية المحيطة.
إن حملات الانتقادات للإجراءات المصرية والفضائية التي تقف وراءها مخططات الغرب ومنظماته العميلة واستخدام الدعاوي الباطلة بانتهاك حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والشرعية وغيرها من المسميات الزائفة.. كشفت تباين المواقف الدولية وتجاهلها لذات الإجراءات والتصرفات التي تتخذها الدول الكبري في مواجهة الأعمال الارهابية التي تتعرض لها نذكر منها 3 نماذج:
أولها: الإجراءات التي قررتها حكومة فرنسا عقب الحادث الإرهابي الأخير فيها والتي شملت إلى جانب الملاحقات القضائية «الإبعاد وإسقاط الجنسية الفرنسية والمنع من الدخول والخروج وإغلاق المواقع الإلكترونية المحرضة علي الإرهاب والحرمان من الإعانات الاجتماعية» وما أشار إليه رئيس الوزراء الفرنسي «مانويل فالس» من التدابير التي تم اتخاذها لتعزيز الخطة الأمنية لمكافحة الإرهاب وعدد العسكريين الذين تم نشرهم بالأماكن العامة والوسائل التي وضعت تحت تصرف أجهزة الأمن والاستخبارات.
ثانيها: في بريطانيا أعطي «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء الضوء الأخضر للقوات الخاصة «ساس» للقيام بعمليات تصفية لقادة التنظيم المتطرف عندما اصطحب أحد الأشخاص طفلته رافعين علم «داعش» أمام مقر البرلمان وسط العاصمة يوم 4 يوليو الحالي وأوقفته الشرطة ثم أطلقت سراحه مما أثار عاصفة من الانتقادات علي وسائل التواصل الاجتماعي –لعدم اعتقال الرجل– لأن ما أقدم عليه يجعلهم يشعرون بعدم الأمان في شوارع بريطانيا بعد الهجمات التي تعرض لها أحد المنتجعات السياحية بولاية «سوسة التونسية» وقتل فيها عشرون سائحاً بريطانياً، وكشفت صحيفة «ديلي ميل» أن القوات الخاصة أعطيت تفويضاً مطلقاً لقتل أو اعتقال زعماء التنظيم الإرهابي والعقل المدبر لتلك المجزرة.. وأكدت التقارير الصحفية أن الخدمات الجوية والقوارب الخاصة ستعمل مع المخابرات ومكاتب خدمة التنصت التابعة للحكومة لاستهداف «داعش والجماعات الإرهابية الأخري» التي تشكل تهديداً لبريطانيا.
ثالثها: أن أمريكا «صانعة التنظيمات الإرهابية وآخرها داعش» قد اكتفت بخطوة اعتبرتها تهدف لقطع دابر الإرهاب رغم أنها لا تعدو أن تكون مجرد «ذر للرماد في العيون» حيث أقرت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون جديد يلزم شركات مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر وفيس بوك ويوتيوب» بإخطار السلطات الفيدرالية بالأنشطة الإرهابية الإلكترونية والتي تشمل منشورات تتعلق بالمتفجرات والعبوات الناسفة وأسلحة الدمار الشامل، ويمنح المشروع الحماية القانونية لوسائل التواصل لإبلاغها السلطات بيانات ينشرها المستخدمون وليس إجبارها التجسس عليهم، كما لا يعاقب مشروع القانون الشركات التي لا تلتزم بتنفيذه. ويبقي أن نتساءل هل يتطلب الأمر تعليقاً أو معارضة أو انتقاداً لما تتخذه مصر من إجراءات لحماية شعبها وأرضها؟ فأين نحن من فرنسا وبريطانيا وأمريكا؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف