الشارع الرئيسى فى مركز القوصية محافظة أسيوط يدعى الجلاء يبدأ من طريق الصعيد الزراعى على ترعة الابراهيمية وينتهى فى الميدان الرئيسى بالمدينة عند سينما المدينة الوحيدة التى توقفت ثم تحولت إلى معرض تجارى منذ سنوات طويلة.
ليلة الخميس الماضى ــ التى وافقت نهاية رمضان وليلة العيد ــ كنت أمر فى هذا الشارع فى طريقى إلى مدينة اسيوط، وإليكم وصف ما رأيت.
الرصيف ضيق جدا وشأن ما يحدث فى معظم شوارع الجمهورية فان المحلات التجارية احتلت اجزاء واسعة منه وتمددت حتى وصلت إلى منتصفه تقريبا. التكاتك تفرض كلمتها على الشارع وكل الشوارع، تسير كما يحلو لها وتتوقف كما تشاء فى أى مكان من دون رقيب أو حسيب.
سيارات الربع نقل التى تستخدم لنقل الركاب من القرى إلى البندر تحتل اجزاء كبيرة من الشارع اسفل عيادات الاطباء أو المحلات التجارية. وبسبب كثرة البشر فقد تجاوزوا الرصيف الصغير إلى نهر الشارع.
هذا الشارع ظل مكسرا، «وبطنه مفتوح» لمدة قاربت العام، وبعد ان تم رصفه أعيد حفره ثانية لتركيب مواسير مياه جديدة، وهو الامر الذى تكرر فى الطريق الوحيد الذى يربط بين القوصية وقرية التمساحية حيث ظل مكسرا لاكثر من عامين، ثم تركوا الزلط عليه لمدة ثلاثة شهور قبل ان يتكرموا برصفه قبل شهور.
ما بين الحارتين فى شارع الجلاء جزيرة صغيرة صارت مقلبا للزبالة، وهو الامر الذى جعلنى اكتب هذا المقال اليوم، لا اريد الاساءة إلى احد فحال هذا الشارع ليس فريدا وهو قصة تتكرر فى معظم الشوارع الرئيسية فى الصعيد بل احيانا فى كل المحافظات، لدرجة تجعلك تعتقد انه نموذج معتمد فى كل مكان بالجمهورية، لكن ما لا اعتقد انه موجود فى كل الشوارع هو هذا التعايش الغريب مع مشهد الزبالة.
لا أعرف كيف يتجاهل المسئولون المحليون فى القوصية إلقاء الزبالة فى اهم شارع بالمدينة بهذه الطريقة، وكيف تعايشوا مع هذا الامر لدرجة انه صار عاديا؟!!
المؤكد ان كل المسئولين عن المحليات يسيرون فى هذا الشارع حتى يصلوا إلى مكاتبهم، فكيف لم يلفت نظرهم هذه التلال من القمامة التى ملأت الجزيرة ثم فاضت إلى الشارع نفسه؟!!
قد يسأل البعض: وما الجديد فى كل ما سبق، أليس هناك شوارع كثيرة فى مصر تشبه شارع الجلاء؟!
الاجابة هى نعم، لكن النتيجة المؤكدة هى انه يصعب الحديث عن أى تقدم أو إصلاح أو امل فى المستقبل من دون ان نزيل الزبالة من الشوارع.
يصعب التحجج بأن هذا الامر يحتاج اموالا وميزانيات كما يحدث من تبرير فى ازمات ومشاكل اخرى. الطبيعى ان هناك عمالا وموظفين يتقاضون مرتبات وحوافز وارباحا فى قطاع النظافة نظير قيامهم بازالة الزبالة من الشوارع، فلماذا لا يقومون باعمالهم، واذا تكاسلوا فما هو دور رؤسائهم؟!
عندما نترك القمامة بهذا المنظر فالرسالة الوحيدة التى ستصل إلى المواطنين خصوصا الشباب وتترسخ فى وجدانهم ان هذا امر طبيعى، بعدها لن نستطيع ان نلومهم حينما يتعاملون مع الزبالة باعتبارها مشهدا عاديا.
أول من أمس كتبت فى هذا المكان عن رضاء غالبية المواطنين فى الصعيد عن تحسن حال رغيف الخبز بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة وكذلك عدم انقطاع الكهرباء طوال شهر رمضان، واليوم ننتقد المسئولين عن المحليات الذين تركوا اهم شارع فى مدينة القوصية بهذه الحالة المزرية، مرة اخرى اعرف ان الفساد ما يزال يعشعش فى المحليات لكن نحن نتحدث عن امر بسيط وهو ان نعاقب من يلقى الزبالة فى وسط الشارع، وان يقوم العمال باداء عملهم البسيط وهو جمع القمامة.
لن ينصلح حالنا الا عندما نرى الحق حقا ونتبعه ونرى الباطل باطلا ونتجنبه، وان ننفر ونتأذى من مشهد الزبالة وألا نقبل بالتعايش معها تحت أى سبب من الاسباب.