المساء
مؤمن الهباء
نحن والاتفاق الإيراني
من الأحداث المهمة التي فاجأنا بها رمضان المبارك قبل أن يرحل الاتفاق التاريخي بين إيران والدول الكبري بقيادة الولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني.. وهو الاتفاق الذي أحدث دوياً عالمياً هائلاً.. وخصوصاً في منطقتنا العربية.. نظراً للتأثير الكبير المتوقع لهذا الاتفاق علي خريطة التحالفات السياسية وتوازن القوي عالمياً وإقليمياً.
المؤشرات والتحليلات التي دارت حول موضوع الاتفاق تؤكد أن إيران حققت مكاسب استراتيجية ضخمة من وراء هذا الاتفاق.. صحيح أنها أعطت تعهدات والتزامات للتقليل من وتيرة اللهاث النووي.. وبافتراض أنها ستصدق تماماً في هذه التعهدات والإلتزامات بما "يفرمل" قدراتها النووية.. لكنها في النهاية حصلت علي اعتراف دولي بأنها صارت دولة نووية.. وصارت عضواً فاعلاً في النادي الدولي.. وحصلت علي اعتراف دولي بأنها مسالمة وليست مناوئة.. وسيتم رفع العقوبات المفروضة عليها.. وحصلت علي اعتراف بأنها دولة بارعة في التفاوض فقدو صمدت علي مائدة الحوار لسنوات طوال أمام أكبر ست دول في العالم حتي وصلت إلي حل.. وهذا بالتحديد ما سيفتح أمامها آفاقاً أوسع للتعامل المريح مع هذه الدول خلال الشهور والسنوات القادمة.. وبالتبعية مع دول الجوار دون أي ارتباك أو تشكيك.
بالتأكيد.. إيران بعد الاتفاق النووي ستكون مختلفة تماماً عن إيران ما قبل الاتفاق.. ويجب علينا نحن العرب ــ أهل الجوار ــ أن نكون مستعدين لمفاجآت كبيرة وتحولات أكبر في التعاملات والسياسات وتوازن القوي.
ومن الوارد جداً أن يكون علي رأس هذه المفاجآت والتحولات علاقة إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.. ومستقبل نظام بشار الأسد في سوريا.. ومستقبل حزب الله في لبنان.. ومستقبل الحرب في اليمن.. ناهيك عن تمدد إيراني اقتصادي منتظر في الأسواق العربية المحيطة.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: هل أعددنا خطة عربية للتعامل مع المستجدات علي الساحة بعد الاتفاق الإيراني النووي؟!
هل فكرنا ــ مثلا ــ في تقديم نموذج الاتفاق النووي الإيراني إلي المجتمع الدولي للمطالبة بتطبيقه علي إسرائيل.. والمطالبة أيضا بالحق في امتلاك القدرات النووية "المشروعة" وفقا لهذا الاتفاق الإيراني؟!
وهل فكرنا في كيفية التعامل مع الأوضاع المستجدة فيما لو تطورت العلاقات بين إيران وإسرائيل إيجاباً أو سلباً.. وماذا ستفعل وماذا سنقول لو قامت إسرائيل "الغاضبة" بضربة أحادية ضد المفاعلات النووية الإيرانية؟!
وهل فكرنا في المجالات العلمية والاقتصادية التي يمكن التعامل مع إيران بشأنها في مرحلة الانفتاح القادمة؟!
وهل فكرنا فيما يمكن أن نفعله لو جاءت مرحلة التقارب الإيراني الأمريكي علي حساب العلاقات الخاصة الحالية التي تربط بعض الأنظمة العربية بواشنطن.. هل فكرنا في البدائل؟! وهل يمكن أن يكون التقارب المصري الروسي والسعودي الروسي مدخلاً مناسباً إلي البدائل المطروحة؟!
لقد أدركت إيران أنها حققت نصراً تاريخياً بهذا الاتفاق.. ومع ذلك فهي تتحدث لغة دبلوماسية حتي لا تستثير الطرف الآخر.. فمازالت تقول إنها قدمت تنازلات وأنها لم تحصل علي كل ما كانت تريده.. وأنها لم ولن تفكر في امتلاك السلاح النووي.. ونحن نعرف ــ رغم ذلك ــ أنها المستفيد الأكبر من الاتفاق علي المدي القريب والبعيد.
ومع كل ذلك.. تبقي الرسالة الأهم التي يجب أن نستقبلها من هذا الاتفاق أن البرنامج النووي والتكنولوجيا النووية المتقدمة صارت حقا مكتسباً لكل الشعوب.. ومن يتأخر في هذا المضمار يتحمل مسئولية ذلك أمام شعبه وتاريخه.. ومن ثم فان من حقنا.. بل من واجبنا.. أن يكون لنا برنامجنا النووي الخاص.. ولا نقف نتفرج علي دول العالم ودول الجوار وهي تمتلك هذه التكنولوجيا.. تذكروا أن إيران ليست الدولة الوحيدة التي سبقتنا.. فإسرائيل سبقت الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف