الوفد
عباس الطرابيلى
النهضة: نتكلم.. «وهم» يعملون!
هل نجح الاثيوبيون في مخططهم.. دفعونا إلي طاولة المفاوضات بينما هم مستمرون في العمل.. أقصد بناء سد النهضة.. وهكذا وقعنا في الفخ..
وهم- في إثيوبيا- سعداء عندما يروننا غارقين في المفاوضات، جولة بعد جولة.. بينما هم «ماضون» في الارتفاع ببناء جسم السد، علي حين نحن «نغوص»، ونحن قد دخلنا أمس- واليوم- في الجولة السابعة للمفاوضات وكأن المفاوضات أملنا الأوحد.. وهكذا نجحت إثيوبيا في دفعنا بعيداً عن لب الموضوع، وهو بناء السد وفقاً لمخططاتهم ونظرتهم للسد وتوابعه خصوصا وقد جعلنا المفاوضات أملنا- وطريقنا- بينما هم جعلوا هدفهم هو اكتمال بناء السد.. بالذمة، ده كلام؟!
<< إذ في الخرطوم، بدأت أمس جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية لسد النهضة الذي لم يكن له اسم. إذ كان أول اسم له هو «السد إكس» ثم أصبح اسمه سد الحدود. (لقربه من الحدود الاثيوبية- السودانية) ثم استقروا به أخيرا عند اسم سد النهضة.. فهو نهضة لهم.. ودمار لنا..
وهذه المفاوضات- يا حلاوة- يشترك فيها وزراء المياه بالدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وممثلون للمكتبين الاستشاريين الدوليين لحسم الخلاف حول النقاط الفنية التي لم تحسم من الجولة السابقة والجولة الحالية هي السابعة.. يا سلام!! بهدف التوصل إلي اتفاق تمهيداً لتوقيع العقود، استكمال تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة عن التأثير المحتمل للسد علي دولة المعبر وهي السودان، ودولة المصب، وهي مصر.. بل ان الوزير المصري الدكتور حسام مغازي أوضح أن الاجتماع الأخير- بالقاهرة- ناقش التفاصيل الفنية والهندسية الدقيقة.. ولم يقل لنا ان الطرف الاثيوبي وافق عليها، بعد!!
<< نعم لم يقل الدكتور مغازي ان هذه التفاصيل حددت آثار إنشاء السد علي التدفقات المائية لمصر، وللسودان. وعلي الطاقة الكهربائية المولدة من السدود المقامة بمصر والسودان، ومنها ما يهمنا من كهرباء تنتجها من السد العالي، ومن خزان أسوان.. وأيضا من القناطر المصرية بالصعيد.. أما الحديث عن آثار سد النهضة علي النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية، فلا أحد يتكلم عنها..
نقول ذلك لأن ألف باء الكهرباء المائية تنتج عن كمية المياه الساقطة علي التوربينات، وعلي ارتفاع هذا السقوط، أي كلما انخفض منسوب المياه، وارتفاعها.. انخفض إنتاجها.. فهمتم يا مصريين؟!
<< وكان أولي بالمفاوض المصري أن يربط بين المفاوضات وتقدم حجم الأعمال في المشروع. أي ببساطة كان يجب علي المفاوض المصري أن يشترط توقف الأعمال ببناء السد إلي أن يتم الاتفاق علي نقاط الاختلاف. حتي لا نفاجأ باكتمال بناء السد ونصبح أمام الأمر الواقع.. تماماً كما كان الحزب الوطني «القديم» ينادي لا مفاوضة إلا بعد الجلاء.. طيب إذا تم الجلاء.. علي ماذا نتفاوض إذن.
أي ببساطة إذا تم بناء السد.. فلماذا نتفاوض، بعد ذلك؟!!
<< وللمرة الألف نقول إن إثيوبيا استغلت انشغال مصر بثوراتها منذ عام 2011، أي انكفائها علي همومها الداخلية وانطلقت تبني السد.. بل ترفع من طاقته لحجز المياه، وقدرته المتزايدة علي توليد الكهرباء. ورغم أن الأصوات المصرية «الواعية» حذرت من سياسة المهادنة مع إثيوبيا- في موضوع السد وشقيقاته الثلاثين الأخري، إلا أن أديس أبابا مضت في مشروعاتها.. وفي مقدمتها سد النهضة وقبله سد تاكيزي العملاق أيضا، علي نهر عطبرة.
المهم أن السياسة المصرية تغيرت بعد تولي الرئيس السيسي حكم مصر واتجه بها «من المواجهة إلي المصالحة» أي إبعاد نغمة الحرب والتهديد بالحرب واللجوء إلي الاتفاق.. وأسلوب السلام المبني علي مبدأ «لا ضرر ولا ضرار».
<< ولكن يبدو أن هذه السياسة أصبحت «الآن» في معرض شديد للاختلاف بسبب التشدد الاثيوبي.. مع التساهل والتسامح المصري، الذي «قد» تراه إثيوبيا من باب الضعف، بسبب ما فيه مصر الآن من مشاكل داخلية مع الإرهاب والوضع المالي شديد الضعف، نقول ذلك لأن من الدول من تري مصلحتها.. مع ضعف الآخرين.. وإثيوبيا من هذه الدول بدليل استمرارها في بناء السد، الذي سيبدأ عملية حجز المياه لبداية عملية التخزين من موسم الفيضان العام القادم..
فهل تغير مصر من سياستها التي تقوم علي الوفاق والاتفاق.. أم تتغير بسبب استمرار إثيوبيا في البناء مستغلة طول فترة التفاوض.
<< أنا نفسي: متشائم.. ماذا يقول صاحب القرار في مصر الآن؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف