الجمهورية
بسيونى الحلوانى
الدولة القوية.. والتهريج الرياضي!!
لم أشهد في حياتي حالة التعصب والاسفاف في الساحة الرياضية المصرية كما شاهدتها خلال الأيام الماضية خاصة قبل وبعد مباراة القمة بين الأهلي والزمالك.
كل صور الاسفاف والانحطاط الأخلاقي والتعصب الممقوت صاحبت لقاء الفريقين وكأن المجتمع المصري الذي يواجه حربا شرسة مع جماعات الإرهاب الأسود ويخرج من مشكلة ليدخل في أخري قد تخلص من همومه وأزماته ولم يعد يشغله الا مباراة في كرة القدم.
حالة التردي الأخلاقي تلك ومناخ التعصب واجواء الحرب التي عشناها خلال الايام الماضية اسهمت فيها الحكومة باصرارها غير المبرر علي اقامة المباراة علي ملعب رفضه الفريقان لدواع أمنية وكأننا نريد ان نرسخ في أذهان العام ان مصر مهترئة أمنيا وعاجزة عن تأمين اقامة مباراة في كرة القدم بدون جمهور لذلك فإن الدرس الأول في هذه الأزمة هو للحكومة التي تسببت في أزمة ضاعفت من أجواء التوتر ثم عادت ورضخت لرغبة أحد الناديين ولم يكن هناك ما يستدعي صناعة أزمة ثم التراجع بصورة تضعف من هيبتها وتقلل من قيمة مواقفها.
***
الدرس الثاني في هذه الأزمة هو للإعلام الرياضي وخاصة الفضائيات التي نفخت ببرامجها وتحليلاتها المتحيزة في نار التعصب وسخنت الأجواء بين مسئولي وجماهير الناديين الكبيرين ولو حللنا مضمون برامج الفضائيات الرياضية خلال الأيام الماضية لوجدنا انها قمة في التعصب والانحياز ولا تعرف الحياد والتحليل الرياضي الموضوعي ويسيطر عليها ويوجهها عدد من لاعبي كرة القدم السابقين الذين ينتمون لأحد الفريقين وهم نموذج في التعصب والانحياز لناديهم إلا من رحم ربي.
لذلك أؤكد أن الإعلام الرياضي وخاصة الفضائي في مصر اعلام غير أمين وغير موضوعي ولابد ان يراجع سياساته ومواقفه حتي لا يكون اداة في صنع أزمات رياضية جديدة ووسيلة تحريض للشباب الطائش وخاصة شباب الالتراس الذي يمارس العنف والتخريب كما شاهدناهم يدمرون سيارات المارة أمام النادي الأهلي.
ايضا لابد ان يدرك الزملاء في اقسم الرياضة في الصحف المصرية انهم لا يخاطبون جماهير ناد بعينه وعليهم ان يتخلوا عن تحيزهم الأعمي للأندية التي يشجعونها وان يقدموا تحليلا رياضيا موضوعيا يحظي بثقة واحترام كل القراء ولا يكون اداة لمزيد من التعصب وتحريض جماهير الأندية.
***
الدرس الثالث.. للمسئولين في الاندية الجماهيرية الكبيرة وخاصة ناديي الأهلي والزمالك حيث بدا من خلال تصريحاتهم المستفزة وتحريضهم الصارخ انهم غير جديرين بقيادة اندية كبيرة في أوقات حرجة كالتي تعيشها مصر.. وهنا لا أخص ناديا بعينه فقد وقع المسئولون في الناديين في اخطاء فادحة وارتكبوا تجاوزات كارثية وغلبوا مصالحهم الشخصية علي مصلحة مصر.
لذلك ينبغي ان يكون للدولة موقف حازم وحاسم من الخلافات والصراعات الشخصية بين المسئولين في الأهلي والزمالك.. فإما ان يجلسا معا علي مائدة صلح ويتفقا علي ميثاق شرف للمنافسة الرياضية الشريفة ويتوقفا عن الاسفاف في تصريحاتهما المتبادلة وعن اهدار الملايين علي شراء لاعبين مكسحين أو تبحث الدولة عن وسيلة قانونية للتخلص منهم خاصة هؤلاء الذين ينقصهم الحس السياسي وثبت فشلهم في ادارة انديتهم ادارة حكيمة.
***
ظروف البلاد الأمنية والاقتصادية والسياسية لا تسمح بالتهريج الرياضي ولا يمكن قبول ان تقف الدولة متفرجة علي مشاهد الاسفاف المتبادل بين المسئولين في الناديين الكبيرين كما لا يمكن قبول التهديد بالجماهير الغفيرة التي تنتمي للناديين فنحن لسنا في حرب بسبب التنافس علي درع دوري أو كأس أو نتيجة مباراة بين ناديين والحرب المفروضة علينا هي مع جماعات الارهاب التي تستهدف أمن مصر واستقرارها وليست حربا بين جماهير الأهلي والزمالك.
ينبغي ان تقف الدولة بكل حزم ضد ضد انهيار القيم والأخلاق في ساحات الرياضة وان تحاسب كل رئيس ناد حرض جماهيره ودفعهم إلي ممارسة العنف والاسفاف.
لا يجوز أبدا ان تقف الدولة متفرجة علي عنف شباب الالتراس الذين دمروا سيارات وممتلكات المواطنين وامتدت اياديهم بالحرق والتدمير لمنشآت عامة والقانون يجب ان يطال هؤلاء خاصة وان جرائمهم مسجلة وموجودة لدي اجهزة الأمن.
يجب ان تستخدم الدولة الحكمة أولا في قراراتها وسياساتها ومواقفها فإذا ما خرج الفوضويون علي هذه القرارات والمواقف والسياسات كان سيف القانون والسلطان.. فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
الدولة التي تستعيد هيبتها لا يمكن ان تكون "طرية" وضعيفة وتقف متفرجة علي هذا التهريج الرياضي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف