لو كان الأهلي انسحب من مباراة الثلاثاء الماضي فإنه لم يكن أول انسحاب له.. فقد سبق أن انسحب من مباراة ضد نادي الترام كان مقرراً أن تقام بطنطا.. كان هذا عام ..1955 وقامت الدنيا ولم تقعد.. ما هي القصة؟؟
كان الدوري العام لم يتبق له سوي مباراتين لكل من الأهلي والزمالك.. الأهلي ضد الترام بالقاهرة والزمالك ضد أوليمبي القنال بالإسماعيلية ثم تقام مباراة القمة بعد ذلك في نهاية الموسم كالعادة زمان.. أقيمت مباراة الأهلي والترام في يوم 24 أبريل 1955 وكانت مباراة غريبة الأطوار.. كلا الفريقين له هدف في منتهي الأهمية الأهلي متقدم علي الزمالك بثلاث نقاط فإذا فاز في هذه المباراة يتم تتويجه بطلا للدوري مهما كانت نتيجة مباراة القمة.. والترام يريد أن يحرم "غريمه" الأهلي من هذه الفرحة ويفوز عليه.. نزل الفريقان كل منهما يتربص بالآخر!!!! كان الترام يملك لاعبين هدافين من الطراز الأول وهما من أصل إيطالي من الذين استوطنوا في الإسكندرية منذ سنوات وأخذا الجنسية المصرية وهما توني ومينو فضلاً عن حارس المرمي العملاق ميتو.. وكانت دائماً تحدث لخبطة بين الحكام في تقاريرهم بين مينو وميتو فالفارق نقطة واحدة.
أدار هذه المباراة حسين إمام نظراً لأهميتها.. وخلال هجوم كاسح من الأهلي بتشجيع جنوني من الجماهير.. ومعظم لاعبي الأهلي في منطقة جزاء الترام لاحراز هدف مبكر جداً.. إذا بالحارس ميتو يرسل كرة طويلة بطول الملعب يتلقفها توني الخطير ولم يجد أمامه سوي طلعت عبدالحميد الظهير وخلفه عبدالجليل فكانت المأمورية سهلة فأحرز هدفاً للترام بعد دقيقتين بالضبط من بداية المباراة.. وتكهرب جو المباراة وكثرت الفاولات الواضحة وأحكم مدافعو الترام الرقابة علي مكاوي وتوتو.. لم يهنئا علي كرة قط وانتهي الشوط الأول بفوز الترام بهدف.. وجن جنون مختار التيتش المشرف علي الكرة بالأهلي ودخل حجرة الملابس وهات ياشتيمة بل وضرب في اللاعبين.. فزادت العصبية وحدث ما لم يحدث قط من قبل ولا حتي الآن.. أحرز حلمي أبوالمعاطي هدفا للأهلي من ضربة جزاء حينما صد ميتو هدفاً بكتفه دون أن تلمس الكرة ذراعه.. وثار لاعبو الترام.. وبدأ الضرب علناً.. عرقل توني حلمي أبوالمعاطي فوقع علي الأرض فداس عليه بالحذاء القاسي.. وأخذ أبوالمعاطي يصرخ فإذا بطلعت عبدالحميد يصفع توني علي وجهه بشدة وخرج يجري خارج الملعب ويجري وراءه توني والمباراة مستمرة.. أوقفها حسين إمام.. وأخرج حسين إمام الكارت الأحمر لكليهما.. وعاد توني إلي الملعب ليشرح للحكم ما حدث ولكن حسين إمام يصر علي عدم سماع أي شيء ويخرج اثنان.
المهم باختصار حدثت كوارث أخري حينما كسر سقراط لاعب الأهلي متوسط دفاع الترام بشكل مكشوف تماماً فظل اللاعب "الأعرج" في الملعب فلم يكن هناك نظام البدلاء.. وأصبح الملعب إما فاول واضح أو بصق في الوجه!!!! في ظل هذا الجو أحرز الترام هدفه الثاني!!!! ليولع الملعب والمدرجات حتي مذيع المباراة حسين مدكور.. واستطاع الأهلي بالعافية أن يحرز هدفين بقدم توتو بعد أن أخطأ الترام الذي انكمش أمام مرماه وانتهت المباراة "3 2" للأهلي ليفرح بفوزه بالدوري قبل مباراة الجمعة القادمة.
اجتمع اتحاد الكرة وقرر: إلغاء المباراة وإعادتها في طنطا بعد ثلاثة أيام بدون جمهور وإحالة حسين إمام إلي لجنة الحكام الرئيسية لمساءلته لأنه كتب تقريراً يؤكد فيه أن المباراة انتهت بعد تسعين دقيقة وذكر بعض الأحداث بطريقة عابرة.
علم بذلك أحمد باشا عبود الذي كان قد شاهد المباراة وهنأه الجميع ببطولة الدوري.. لذا بدون الرجوع إلي مجلس الإدارة أرسل اعتذاراً لاتحاد الكرة بأنه لن يلعب مباراة طنطا!!!! رد اتحاد الكرة بأن انسحاب الأهلي معناه شطب كل نتائجه السابقة وهبوطه إلي دوري المظاليم.. أرسل عبود باشا خطاباً عليه ختم النادي الأهلي بأن النادي ألغي لعبة كرة القدم وينسحب بالتالي من عضوية الاتحاد نفسه وأن لاعبيه أحرار ممكن الانضمام لأي نادي آخر.. قامت الدنيا ولم تقعد خاصة أن الفريق العسكري سيسافر إلي اليونان أول مايو للاشتراك في بطولة العالم العسكرية فاجتمع اتحاد الكرة وأعلن فوز الأهلي ببطولة الدوري.. بعد ضغط وأوامر من السلطات العليا!!! هكذا الأهلي دائماً علي حق ودائماً ينتصر في الملعب وخارجه.