السيد العزاوى
ظاهرة تستحق التأمل بالمساجد.. بعد رمضان
بعد انقضاء أيام شهر رمضان المبارك بنفحاته الطيبة وذكرياته المعطرة بقراءة القرآن والذكر والتسبيج. وأداء صلاة التراويح في جماعة: هذه الأعمال قد أنارت القلوب وطهرت النفوس من هموم الحياة وأعبائها المرهقة. المثيرة للانتباه والتأمل تضاءل عدد المصلين بصورة ملفتة للنظر ودارت علي الألسنة تساؤلات منها.. أين هذه الاعداد التي كان يضيق بها المسجد علي اتساع حجمه وأركانه؟ أليس ربنا سبحانه وتعالي رب رمضان وسائر الشهور علي مدار العام؟ وهل الاقبال والتسابق علي المسجد يقتصر علي أيام الشهر الكريم؟ إلي غير ذلك من التساؤلات التي يطرحها المخلصون من عباد الله الذين يحرصون علي عمارة بيوت الله علي مدار العام.
هذه الظاهرة حقيقة تستحق التأمل خاصة أنها واضحة للعيان بعد انتهاء أيام الصيام ورغم أن أداء فريضة الصيام يستنهض همة الصائم في الاكثار من العمل الصالح والحرص علي إداء الصلاة في جماعة بالمسجد لكن أليست هذه الأعمال تدفع المسلم إلي الاستمرار في هذا النشاط والحرص قدر الاستطاعة في أداء الصلاة بالمسجد فقد فرض الله سبحانه وتعالي إلي صيام شهر رمضان واعطاه مميزات عن باقي الشهور فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن وفيه أيضاً ليلة القدر التي هي أفضل من عبادة نحو ثلاثة وثمانين عاماً "ليلة القدر خير من ألف شهر".
أليست هذه الأعمال الصالحات تدفع المسلم إلي الاستمرار في الأداء بنفس هذا النشاط وتلك الهمة. إن أيام رمضان بروحانيتها تنير القلوب وتنعش النفوس وتبعث علي الحركة والاجتهاد في أداء الصلاة بالمساجد كما كان في أيام شهر رمضان إن الحرص علي هذا النشاط يجعل الإنسان أكثر إقبالا علي العمل واتقانه وتجديده وبذل أقصي الجهد من أجل كسب الرزق من الحلال الطيب لأن الوازع الديني الذي غرسته أيام الصيام في النفس يعتبر من أهم المكاسب التي يفوز بها المسلم كما أن ع ادة التردد علي المسجد تصقل العبد المسلم وتمنحه فرصة أن يكون قدوة صالحة ونموذجا ومثالا للأجيال الشابه فها هو سيدنا رسول الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم قد جعل صاحب هذه الصفة من بين السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فقد قال - صلي الله عليه وسلم - "ورجل قلبه معلق بالمساجد" تلك العادة شرف لا يدانيه شرف. ولا يليق بالمسلم بعد شهر الصيام أن يتخلي عن هذه العادة أو أن يتخلف عنها بتلك الصورة التي بدت دور العبادة في الأيام التالية لشهر رمضان.
لعل كل مسلم يضع هذه الشهادة التي منحها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - للعبد المسلم حين يلتزم بإداء الصلاة في المسجد وتتمثل هذه الشهادة في قول الرسول - صلي الله عليه وسلم "إذا رأيتم الرجل يتردد علي المسجد فاشهدوا له بالصلاح" ليتنا جميعا نحرص علي هذه العادة الطيبة فكل خطوة إلي أي بيت من بيوت الله يحط الله بها عنه سيئة ويكتب لها بها حسنة وليت كل المسلم يحرص علي كثرة الخطي للمساجد كي تتغلب علي هذه الظاهرة التي بدت واضحة والسلوك الطيب عسي الله أن يوفقنا إلي صالح العمل.. ونسأله سبحانه.. أن يهدينا جميعا لوضع التردد علي المسجد في بؤرة اهتمامنا وعلي الله قصد السبيل.