لم أكن أعلم -مثل كثيرين- أن هناك مقياسًا عالميا لجودة الحياة مثل "الأيزو" حتي وقعت عيني علي خبر يقول إن سلطنة عمان حصلت علي المركز السابع في "جودة الحياة" حسب قاعدة البيانات الدولية الاليكترونية "نمبيو".
الله أكبر.. هناك إذن أناس في هذا العالم مشغولون بقياس مدي جودة الحياة وكيف تكون جودة الحياة وترتيب الدول والشعوب طبقا لهذا المقياس العجيب "نمبيو" الذي لم نسمع عنه من قبل.. أو علي الأقل لم يسمع عنه معظمنا.. يا لها من مفاجأة سعيدة.. لكنها محزنة في ذات الوقت.. سعيدة لأن الحياة صارت لها مقاييس ومعايير للجودة في عالم اليوم.. ومحزنة لأننا لم نصل بعد لأن نكون جزءا ضمن فئات هذه المقاييس.
وعلينا إذن أن نفرح لغيرنا ممن شملهم مقياس جودة الحياة.. وأن نتطلع بشغف إلي اليوم الذي نفرح فيه لأنفسنا.. حينما ندخل إلي هذا العالم الهاديء الهانيء السعيد ذات يوم.
بالتأكيد هؤلاء الناس الذين يعيشون "جودة الحياة" توصلوا منذ سنوات إلي حلول عبقرية لمشاكلهم فتخلصوا من الصراعات والحروب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية.. ولم تعد تشغلهم معضلة لقمة العيش وعلاج الأمراض وتكاليف التعليم والدروس الخصوصية.. وإنما تشغلهم الكيفية التي تكون بها جودة الحياة أعلي وأعلي.
لم أهتم بمعرفة الدول والشعوب التي سبقتنا في مقياس جودة الحياة حتي لا أصاب بالإحباط والغم وربما الحسد.. لكنني اهتممت بالبحث عن العناصر التي يتم بها ومن خلالها تقييم جودة الحياة وإعطاء الدرجات لترتيب الشعوب السعيدة حسب مقياس "نمبيو".. وجاءت هذه العناصر علي النحو التالي:
* الاهتمام بحماية البيئة.
* توفير خدمات الرعاية الصحية المتقدمة.
* تناسب مستوي التعليم ومؤسساته مع المعايير الدولية.
* توفر الأمن والأمان.
* تناسب الدخل مع أسعار العقارات والمواد الاستهلاكية.
* سهولة التنقل بين المدن والأقاليم.
الطريف في الموضوع أن مقياس جودة الحياة يمثل أكبر قاعدة بيانات عالمية ذات محتوي يكونه الأشخاص حول المدن والدول في العالم.. حيث يتم جمع هذه البيانات من مسوحات إليكترونية آنية.. وهذا يعني أن المعلومات التي يتم من خلالها قياس جودة الحياة توضح وجهة نظر المواطنين وليس الحكومات.. فالحكومات يمكن أن تكذب أو تتجمل.. أو تعطي بيانات مضللة.. أو تمارس الفهلوة في الجمع والطرح وتقديم عناوين براقة وشعارات خادعة.. لكن المواطنين هم الذين يعتد برأيهم وبياناتهم.. وحتي هذه الآراء والبيانات تخضع للفحص والتمحيص والمقارنة حتي لا يدخل فيها آفاقون ومنافقون مدفوعون للتعبير عن الحكومات رغبا أو كرها.
المهم أن هذا المقياس "نمبيو" سوف يجعل الكرة الأرضية أقرب إلي مجتمع واحد.. بعد أن جعلتها وسائل الإعلام والاتصال الحديثة قرية واحدة.. وبالتأكيد سوف يحدث سباق في مضمار جودة الحياة وتنافس.. فالمجتمعات كالأفراد تقع بينهم الغيرة وتصيبهم العدوي.. وإن طال الزمن أو قصر سوف يأتي اليوم الذي نكون فيه جزءا من جودة الحياة.. من يدري.. ليس هناك شيء بعيد علي الله وعلي الشعب إذا توافرت له الإرادة.
قولوا يارب